تدرك حنان ترك جيداً أهمية الفن ودوره فى المجتمع، وتعرف قدر تأثيره على الجمهور، وتشعر بمسئولية تجاه أى عمل تسعى لتقديمه. وفى رمضان هذا العام اختارت أن تتطرق لأحد الجروح الغائرة فى جسد الوطن، وهو ملف «الفتنة الطائفية»، مؤمنة بأن مواجهة الأزمة والبحث فى أسبابها هى أول خطوة فى طريق الحل. من خلال شخصيتى «تريز» و«خديجة» تخوض «حنان» سباق الدراما الرمضانية دون أن تلتفت للمنافسة، مؤكدة أنها تنافس نفسها فقط، وتتمنى أن يفتح المسلسل الباب لمزيد من الأعمال التى تناقش نفس القضية. * كيف جاء اختيارك لمسلسل «أخت تريز»، وما سبب تحويل المشروع من فيلم إلى مسلسل؟ - الفكرة جاءتنى منذ عدة سنوات نتيجة للحالة العامة التى عاشتها مصر، والأزمات المتكررة نتيجة الفتن الطائفية، وكنت أدرك -مثل الكثيرين- أن هذه الفتن يقف وراءها أصحاب المصالح فى المقام الأول، وعرضت الفكرة على السيناريست بلال فضل، الذى تحمس لها، وكان من المقرر أن تنفذ كفيلم سينمائى عام 2009، ولكن بمجرد الشروع فى كتابتها رأيت مع المنتج أحمد نور وبلال فضل إرجاء التجربة لبعض الوقت بسبب تزامنها مع فيلم «حسن ومرقص» رغم اختلاف الطرح، وبعد ذلك رأينا تحويلها إلى مسلسل، فرحب بلال فضل بذلك، مؤكداً أن عرض القضية فى 20 ساعة من خلال المسلسل أفضل له بكثير من 100 دقيقة فى الفيلم. * ما شعورك عند قراءة السيناريو بتفاصيله لأول مرة وهل توقعت موافقة الأزهر والرقابة والكنيسة على العمل؟ - مع القراءة الأولى أصبت بالذهول من كم الجرأة المطروحة فى العمل، رغم أنى كنت أعلم بالفكرة وتفاصيلها، وتضاعف إحساسى بأهمية القضية، وشعرت بالفعل أننا نقدم «عملاً قومياً»، ووقتها رأت شركة الإنتاج ضرورة عرض الحلقات على الأزهر والكنيسة اللذين رحبا بالفكرة والموضوع، وأدركا سمو الهدف النهائى للعمل، فتغاضوا عن بعض الأحداث الصادمة والصادقة فى المسلسل. * ألم تجعلك حساسية القضية التى يطرحها المسلسل تترددين فى خوضها؟ - بالعكس، لقد كانت جرأة وحساسية القضية سببا رئيسيا فى قبول العمل، لأنى تعودت دائماً على المواجهة سواء فى حياتى الشخصية أو فى عملى، وأسعد بشكل كبير عندما أجد عملاً يحمل قضية حقيقية أواجه بها أية سلبيات فى المجتمع وتساهم فى إيصال رسالة حقيقية للجمهور، وهو ما تحقق لى مع «أخت تريز»، وكانت الأزمات المتعاقبة مؤخراً من عوامل إصرارى مع أسرة العمل على تقديمه فى هذا التوقيت الحساس. * كيف كان تحضيرك للشخصيتين، وما أكثر المشاهد التى أرهقتك فى التحضير؟ - بالتأكيد هناك صعوبة فى تقديم شخصيتين فى نفس العمل، فكل واحدة منهما لها تفاصيلها وملامحها الخاصة، ولكن شخصية «تريز» استغرقت منى مزيدا من الوقت، وقد استعنت بمساعدة «الأنبا إبرام» أسقف الفيوم الذى ساعدنى فى فهم حياة «المكرسة»، وأظهر لى الفرق بينها وبين «الراهبة» وكيف أن «المكرسة» لها طبيعة اجتماعية مختلفة؛ حيث تهب نفسها للخدمة العامة، أما أكثر مشهد أرهقنى فى التحضير فكان خروج «خديجة» و«تريز» للبحث عن الأب والأم، حيث ذهبت الأولى تسأل فى المقابر، والثانية كانت ترسم صورتهما، وقد قمت برسم صورة لأبى وأمى الحقيقيين مما ساعدنى على إخراج مشاعرى الحقيقية فى المشهد. * ما هى ردود الأفعال التى تتوقعينها على العمل من ناحية القضية المثارة به، وهل يمكن أن يساهم فى تحريك المياه الراكدة فى هذه القضية الشائكة؟ - أتمنى أن يتحقق الغرض الأساسى من تقديم العمل، وهو توجية فكر الناس نحو أسباب الفتنة الحقيقية، وجعلهم يتنبهون لأن الأزمة مفتعلة، ووراءها أصحاب المصالح فى كل زمن، وأن الوطن نسيج واحد منذ 1450 سنة، وأعتقد أن العمل سيحرك المياه الراكدة لأنه من واجبنا بعد الثورة أن نفتح جروحنا ونواجه مشاكلنا بحسم وقوة. * فى رأيك، هل للإعلام دور فى قضية الفتنة الطائفية؟ - هناك العديد من الفضائيات التى يمكن أن نطلق عليها «فضائيات الفتنة» من الجانبين، التى تساهم بشكل كبير فى تزكية نيران الأزمات، فالإعلام سلاح ذو حدين مسيطر على عقول الناس بشكل كبير، وأحيانا ما يساهم فى إشعال الفتن حسب التوجهات فى كل مرحلة. * وهل تتوقعين أن يفتح الباب لمزيد من الأعمال التى تناقش الفتنة وأسبابها؟ - أتمنى أن يحدث ذلك، فالقضية كبيرة وشائكة ولها عشرات الزوايا التى يمكن تناولها من خلالها، وأعتقد أن تقديم العمل ونجاحه من الممكن أن يشجع الجميع على طرق هذا الباب مرة أخرى. * كيف ترين المنافسة الدرامية هذا العام خاصة مع زيادة عدد النجوم والمسلسلات بشكل استثنائى؟ - رمضان هذا العام يشهد أكبر عدد من النجوم الكبار من أساتذتنا أو زملائى من أبناء جيلى، وأتمنى لهم كلهم النجاح، وأرى أن وجودهم ثراء للشاشة ولصناعة الدراما ولمصلحة المشاهد بشكل عام، ولكنى أشعر هذا العام أننى أنافس نفسى بقضية مهمة هى البطل فى العمل، وليست حنان ترك، أو المؤلف بلال فضل، أو المخرج حسام الجوهرى، أو المنتج أحمد نور، وأتمنى أن أكون قد وفقت فى عرضها وأن أكون على قدرها. * حاول بعض المنتجين خلق موسم درامى بعيدا عن رمضان، فما إمكانية نجاح ذلك من وجهة نظرك؟ - أتمنى أن يحدث هذا بالتأكيد، فالمشاهد هو المظلوم بعرض هذا الكم الكبير من الأعمال فى شهر واحد، وأرى أنه فى حال نجاح المنتجين فى خلق مواسم موازية طوال العام فسيكون هذا أكبر انتصار لصناعة الدراما. * ما حقيقة ما تردد عن نيتك فى الاعتزال بعد «أخت تريز»؟ - هذا غير حقيقى بالمرة، فأنا لم ولن أفكر فى الاعتزال ما دامت هناك أعمال تعرض علىّ لها مضمون، وتحمل هدفا يفيد المجتمع وينهض بالوطن، وإذا لم يتوافر ذلك فسأظل فى بيتى.