قررت حنان ترك أن تترك المساحة الضيقة وتخرج الي عالم أكثر اتساعا.. عالم يستوعب أفكار وخيال الفنان ويصنع منه إنسانا قادرا علي التأثير في مجتمعه.. راحت تتأمل وجوه الناس وترصد المتاعب التي تحاصرهم وتفسد عليهم لذة الحياة. ومن زاوية شديدة الدقة والتعقيد استوقفتها قضية الفتنة الطائفية التي تهدد أمن وسلامة مصر.. قررت أن تفتح الجرح الذي تهرب منه العيون ويتفادي آثاره المسئولون بكلام معسول وابتسامات باهتة بلا معني. في مسلسلها الجديد «أخت تريز» تعالج حنان ترك قضية شائكة لا تغيب إلا لتعود للظهور من جديد وهي قضية الفتنة التي تتربص بمجتمعنا ويحاول الغرب استغلالها لتفكيك وحدة وطن نجح علي مر التاريخ في الجمع بين الهلال والصليب. حول فكرة مسلسل «أخت تريز» والرسالة التي يحملها ومدي تأثير الفن في الواقع السياسي أجرينا هذا الحوار مع بطلة العمل حنان ترك. هناك من يري الفن وسيلة للمتعة والتسلية، وهناك من يري الفن رسالة لتصحيح الأوضاع الخاطئة لأي اتجاه تميل حنان ترك؟ - الفن متعة للمتلقي بكل تأكيد، والفنان الذكي هو الذي يحاول استثمار هذه المتعة في تقديم رسائل وأفكار تفيد المشاهد وتساهم في تفتيح وعيه وتوسيع دائرة مداركه، الفن مؤثر ويستطيع تحويل الأوضاع الخاطئة الي أوضاع صحيحة بشرط أن يؤمن الفنان بالفكرة ويدافع عنها بأعمال ذات قيمة وهدف. وهل هذا الوعي كان متوفرا في كل أعمالك السابقة؟ - بالتأكيد لا.. الخبرة والثقافة تساهم في تفتيح وعي الممثل وهذا ينعكس بشكل أساسي علي اختياراته، وأعترف مثل كثير من الناس بأن هناك اختيارات لم يحالفني فيها التوفيق واختيارات أخري كان الحظ حليفي ونالت إعجاب الجمهور لأنها تقترب من أوجاعهم ومشاكلهم. إيمانك بأن الفن رسالة هو الذي دفعك لتقديم عمل يناقش قضية الفتنة الطائفية أم أن الأمر حدث بالصدفة؟ - من النادر أن تصنع الصدفة عملا فنيا ناجحا من حيث الفكرة والعرض وأداء الممثلين، كما قلت يجب أن ينحاز الفنان لمشاكل مجتمعه وهذا ما فعلته، تأملت الواقع الذي نحياه واكتشفت أن الفتنة الطائفية أشبه بالنار تحت الرماد ولابد من مواجهة هذا الخطر ومعرفة أسبابه حتي نتفادي الانقسام والفرقة في المستقبل.. وفي رأسي نشأت فكرة مسلسل «أخت تريز» وعرضتها علي الكاتب المتميز بلال فضل ورحب بها جدا وبالمناسبة كان هناك اتفاق علي تقديمها في فيلم سينمائي لكن تراجعنا وقررنا تقديم الفكرة في مسلسل كبير حتي نعالج القضية من كل الجوانب، وبالمناسبة الفكرة نشأت في عقلي منذ عدة سنوات ولكن تم تأجيلها لأنها تزامنت مع عرض فيلم «حسن ومرقص» بطولة عادل إمام وعمر الشريف لذا قررنا التأجيل. مثل هذه الأعمال عادة لا تجد من يتحمس لإنتاجها.. هل حدث ذلك مع مسلسل «أخت تريز»؟ - الحمد لله، لم أجد أي صعوبة في تنفيذ المسلسل فقد تحمس المنتج المحترم أحمد نوار للفكرة ولم يبخل علي تنفيذها وأتصور أن من يتابع المسلسل سيكتشف الدقة في الكتابة وسخاء الإنتاج والأداء الرائع للزملاء الفنانين والذي يعكس إيمانهم بفكرة المسلسل والقضية التي يسعي لحلها. هل كانت هناك مخاوف من اعتراض الأزهر والكنيسة علي المسلسل؟ - كنت متخوفة من أن يرفض الأزهر أو تعترض الكنيسة بسبب الجرأة التي يحملها المسلسل ولا أبالغ إذا قلت إنني شعرت بأن مسلسل «أخت تريز» يعد عملا قوميا هدفه تصحيح صور خاطئة وقتل كل محاولات إشعال الفتنة والحمد لله جاء رأي الأزهر في صالحي وتحمست الكنيسة أيضا لأن العمل كما قلت هدفه نبيل وهو الحفاظ علي النسيج الواحد الذي يربط المصريين. تقديم شخصيتين في عمل واحد يعد عبئا كبيرا علي الممثل.. كيف فعل ذلك؟ - كان من الطبيعي أن أفهم وأتعرف علي حياة «المكرسة» لذا استعنت بمساعدة الأنبا ابرام أسقف الفيوم الذي وقف بجانبي وأظهر لي افرق بينها وبين الراهبة وعلمت أن حياة المكرسة لها طبيعة اجتماعية مختلفة حيث تهب نفسها للخدمة العامة.. باختصار العمل صعب ولكن بتوفيق الله نجحت في التعايش مع الشخصيتين ولا تنسي أن لكل من «تريز» و«خديجة» ملامح وتفاصيل خاصة جدا والحقيقة أن السيناريو مكتوب بحرفية شديدة وهذا ساعدني في تقديم العمل. إلي أي مدي يساهم الفن في تغيير الأفكار والقناعات الخاطئة؟ - أنا مؤمنة بأن الفن يستطيع التأثير والتغيير في الناس لكن بشرط واحد وهو أن تكون الأعمال الفنية جيدة ويجب أن نقدم أكثر من عمل حول الفكرة لأن التراكم يخلق حالة صحية للتغيير، الفن قوة لا يستهان بها. تردد أن حنان ترك سوف تعتزل التمثيل بعد مسلسل «أخت تريز»؟ - هذا الكلام لا يمت للحقيقة بصلة، سوف أقدم أعمالا ذات مضمون ورسالة وعندما أعجز عن ايجاد أعمال مهمة وهادفة سوف أنسحب، سوف أركز علي أعمال تنهض بوعي المتلقي وتناقش قضايا المجتمع.