لفت انتباهى تصريح المتحدث الرسمى لجماعة الإخوان المسلمين عن تلال القمامة التى تراكمت فى محافظة الجيزة، حيث قال الدكتور محمود غزلان للأهرام: «هناك من يسعى لإفشال خطة ال100 يوم للرئيس وأكوام القمامة بالجيزة أكبر دليل». وبالتوازى مع ما تنشره صفحات الإخوان وحزب الحرية والعدالة عن الجهود الشعبية لإنجاح مشروع ال100 يوم، بحثت عن حلول مشكلة القمامة المقترحة فوجدت أن الخطة تقضى بعمل حملات تنظيف يقوم بها بعض الشباب فى مناطقهم طبقا للمنشور بهذه المصادر. فى البداية أود التأكيد أن مشكلة القمامة فى مصر ليست صنيعة اليوم ولا يتحمل مسئوليتها الرئيس الجديد الذى تسلم هذه التركة الثقيلة من المشاكل، ولكن الذى يجب أن نناقشه ويثير قلقنا هو طرق التعامل مع المشاكل لوضع حلول جذرية لها، تصريح المتحدث الرسمى باسم الإخوان فى غاية الخطورة، ويشير إلى بداية غير موفقة لممارسة استراتيجية الإسقاط والتخلى عن المسئولية والتبرير تحت دعوى التآمر والتربص ممن يريدون إفشال الرئيس، أما جهود شباب الإخوان فهى مشكورة ويؤجرون عليها ولكنها تصلح لحل مشكلة عمارة أو شارع ولكنها بالتأكيد لن تحل مشكلة القمامة فى وطن بحجم مصر. النوايا الحسنة لا تكفى، ومشكلة واحدة مثل مشكلة القمامة لها أبعاد ضخمة وتفاصيل كثيرة ينبغى التعامل معها لحل المشكلة وإزالة هذا العار القبيح عن وجه الوطن. أما ما يتم الآن -فى حالة استمراره لا قدر الله- يعنى أننا نسير فى الاتجاه الخاطئ ونمارس العمل العشوائى الذى سيؤخر الوطن ويفاقم مشاكله لتنفجر فى وجه الجميع. نحن لا نمارس النقد لتثبيط الهمم ولا للتربص بالمختلفين معنا سياسيا، ولكن لأننا جميعا فى سفينة واحدة لا بد أن تنطلق لنخرج بها جميعا من غياهب الظلام إلى رحاب النور، مشكلة القمامة تبدأ من مرحلة الجمع ثم الفرز وإعادة التدوير والتخلص من المخلفات غير الصالحة للتدوير. وفى كل المراحل نحن نعانى من مشاكل كبرى بدءا من شركات النظافة الأجنبية وعقودها التى يمثل بعضها عقود إذعان تورطت فيها الحكومة المصرية قبل سنوات ولا تستطيع الآن إنهاء هذه العقود بسبب الشروط الجزائية، وهذا يحتاج إلى تفاوض سريع يخرج هذه الشركات من مصر بما تمثله من عبء على خزانة الدولة دون أن تقوم بواجبها المطلوب مع تحميل المواطن رسما شهريا على فاتورة الكهرباء دون تقديم الخدمة له. الخطوة الثانية: فتح الباب لتأسيس شركات مصرية وطنية محلية على نطاق المحافظات والأحياء، على أن يتم تغيير المنظومة بشكل كامل بحيث تتولى هذه الشركات عملية الجمع والفرز وإعادة التدوير فى آن واحد، مع بدء مشاريع الفصل من البيوت طبقا لنوع المخلفات فى أكياس خاصة بكل نوع يتم توزيعها على السكان. الخطوة الثالثة: استيعاب هذه الشركات لمئات الآلاف ممن يعملون فى جمع القمامة وفرزها بشكل عشوائى يؤدى إلى ظهور تلال القمامة حول الصناديق الفارغة، التى يتم تقليبها للبحث عن لقمة عيش من خلال المخلفات التى يمكن تدويرها، وهؤلاء وحدهم جيش جرار يستطيع تحويل مصر إلى واحدة من أنظف بلاد العالم إذا تم حل مشاكلهم وتقديرهم بشكل مناسب. الخطوة الرابعة: تفعيل القانون وتغليظ العقوبة فى مواجهة المخالفين الذين يقومون بإلقاء مخلفات البناء فى الشوارع والطرق العامة وكذلك المنشآت الصناعية والمحال التجارية والأسواق، عبر قانون جديد يجرم تلويث البيئة بعقوبات رادعة تخيف من تسول له نفسه إيذاء المجتمع، على أن يتم هذا بالتوازى مع حملات توعية جماهيرية عبر وسائل الإعلام وعلى الأرض بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى وروابط ومبادرات التنمية المختلفة. قمامة مصر ثروة قومية تستطيع أن تفتح آلاف فرص العمل للشباب العاطل، وإعادة التدوير مصدر كبير للدخل القومى إذا أحسنا استخدامه واستطعنا بناء المنظومة التى تكررت فى دول كثيرة، علينا الاستعانة بالمتخصصين وهم كثر من صفوة العقول المصرية وكلهم جاهزون للعمل وينتظرون من يفعّل أفكارهم ومشاريعهم.