«المجد للشهداء.. المجد لهؤلاء الذين ضحوا بأرواحهم لنصل إلى هذه اللحظة الراهنة التى استطعنا فيها أن ننتخب رئيسا مدنيا من بين 13 مرشحا وقد كدنا قبل 25 يناير نصدق أن مصر عقمت وانقطع نسلها عند مبارك وولده».. هذا مفتتح حديث الزميلة وعليه أنسج الآتى: المجد للشهداء من قالوا «لا» عندما قال جميع المنافقين «نعم»، من صعدت روحهم من الميدان إلى السماء، ومن صعدت صيحاتهم من فوق سلالم نقابة الصحفيين إلى مسامع النظام فزلزلت كيانه، أتذكر وقد مررت يوما بمبنى نقابة الصحفيين متوجها إلى وسط البلد أن هزنى مشهد هذا الشيخ الصحفى الزميل الوقور محمد عبدالقدوس الذى جلس وحيدا على السلالم الشهيرة لمبنى النقابة شاهرا الميكروفون (سلاحه الذى حارب به النظام) ووجهه نحو الشارع وكأنه يوقظ بصيحاته السائرين النيام المارين أمامه، كان بعضهم يمصمصون شفاههم حين يمرون به وآخرون يتمتمون بكلمات مبهمة وأتصور أن بعضهم قد ظن أن الرجل قد مسه شىء من التخليط، وما كان من زميل المهنة (عضو مجلس النقابة المنتخب فى كل مجالس النقابة التى ترشح لها والمسئول الدائم عن لجنة الحريات) إلا أنه لم يصادف فى هذا اليوم من يتبنى مظلمته أو يقف إلى جواره على سلالم النقابة فقرر أن يتطوع ويقف فردا محتجا على الظلم ومنددا بالفساد نيابة عن المصريين، وينقلنى المشهد إلى آخر وقد اجتمع نفر من زبانية النظام على عبدالقدوس يسحبونه ويسحلونه على الأرض مقبوضا عليه، مقتادا إلى مكان غير معروف فى الأيام الأولى للثورة وكأن معتقليه ينتقمون منه لأنفسهم قبل النظام.. وذهب النظام وبقى عبدالقدوس رمزا يدافع عن الحرية.. حرية الصحافة والصحفيين وحرية المصريين