النظام الانتخابى عملية حسابية تتكون من مدخلات ومخرجات يمكن التنبؤ بنتائجها على النظام السياسى ويتم من خلاله رسم الحياة النيابية وتكوين مجلس النواب سواء من كتلتين سياسيتين كبيرتين، أو كتل متعددة بأوزان نسبية، أو مجموعات من الأفراد تبلور من نفسها تكتلات صغيرة، كل هذا يحدده طريقة الانتخاب، والنظام النيابى المصرى لم يأخذ بطريقة واحدة من طرق الانتخاب، وإنما أخذ بعدة نظم انتخابية، وقدم نظام عبدالناصر امتيازاً لفئات كان يؤمن أنها الأكثر تهميشاً ألا وهى فئة العمال والفلاحين التى خصها بكوتة نصف البرلمان، ورغم تغير الأنظمة وقناعاتها وفلسفتها الاقتصادية إلا أنها لم تجرؤ على الاقتراب من هذه النسبة بالإلغاء أو التعديل، لذا فنحن بحاجة إلى تقييم التجربة والنظر إلى الفئات التى بالفعل أكثر تهميشاً وهى المرأة التى عانت من كل الأنظمة وظلت نسبة مشاركتها أقرب إلى الصفر إلا فى فترات محدودة سرعان ما تعصف به التغييرات السياسية، لذا أصبح من الضرورى إيجاد نظام يحترم مشاركة المرأة بل يعمل على إتاحة فرصة لها بصورة عادلة وليست ديكورية، ويمكن هنا استعراض الأنظمة الانتخابية وتأثيرها على مشاركة المرأة حتى يتسنى لنا إرساء ديمقراطية تحرص على مشاركة المرأة. نبدأ بالنظام الفردى الذى تكون الدوائر الانتخابية صغيرة ويمتاز ببساطته وتيسيره لمهمة الناخب الذى يطلب منه انتخاب شخص واحد فقط فى دائرة صغيرة، يتعرف بسهولة فيها على المرشحين والمرشحات، كما يضمن نوعاً من التمثيل لأحزاب الأقلية. ولكن من عيوب هذا النظام أنه يجعل الانتخابات صراعاً بين أشخاص أو عائلات، يتأثر فيها الناخب بالمرشحين عن طريق تأثره بالاعتبارات الشخصية كما أنه يجعل النائب أسير دائرته، يخضع لضغوط ناخبيه ومطالبهم الخاصة، وهو ما لا يتفق مع مبادئ النظام النيابى الذى يعتبر النائب ممثلاً للأمة بأسرها، بالإضافة إلى انتشار الرشوة الانتخابية نتيجة لصغر الدائرة وإمكان التأثير على الناخبين بالمال، كما يسهم فى انخفاض كفاءة أعضاء المجالس النيابية، لأنه كلما صغرت الدائرة الانتخابية قلت الكفاءات البارزة فيها. ومع تقوية القبلية والعصبية وسطوة رأس المال تكاد تنعدم فرص المرأة فى الوصول للبرلمان، فلا تملك أغلب النساء أموالا طائلة للمنافسة فى حملات انتخابية وصل الصرف فيها فى بعض الدوائر إلى 20 مليون جنيه فى بورصة انتخابات 2010، وبالطبع تتردد كثير من العائلات فى أن يكون مرشحها سيدة فى ظل اقتتال الرجال فى العائلة الواحدة على المقعد، نموذج خالد محيى الدين ومحمود محيى الدين حيث اقتتل العم والابن على مقعد العائلة. وفى ضوء هذا الواقع الأليم أعلى نسبة حققتها المرأة منذ أول انتخابات شاركت فيها عام 1957 فى ظل الفترات التى كان الانتخاب بالنظام الفردى، هى حوالى 2% باستثناء انتخابات 2010 التى كان مخصصاً فيها 64 مقعداً للمرأة، وصلت النسبة إلى 12% وبعد 35 يوماً من انعقاد البرلمان أطاحت به ثورة 25 يناير، واستسلم المجلس العسكرى لضغوط الإخوان بالقضاء على مقاعد المرأة بل وعدم اتخاذ أى تدابير تضمن مشاركتها بنسبة مشابهة لاسيما مع تدليس بعض من يقال عنهم خبراء أو فقهاء دستوريون بأن المقعد اليتيم الذى تم الاحتفاظ به للمرأة على القائمة سوف يسفر على نتيجة تصل إلى 20% وكانت النتيجة 2% فقط، لذا نرجو أن يكون تصميم النظام الانتخابى القادم بيد خبراء حقيقيين معنيين فعلاً بمشاركة المرأة كأساس للتنمية، وللحديث بقية.