سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحملة على الإسلاميين في مصر قد لا تقضي على "الاخوان" الجيش يبدو عازما على قطع رأس الجماعة لمنعها من العودة إلى الحياة السياسية عن طريق التخلص من قمة التنظيم الهرمي أملا في تداعي الباقي
ظل إسماعيل حتى مساء الاثنين أحد القياديين القلائل في جماعة الإخوان المسلمين الذين يردون على هواتفهم، حتى بعد اعتقال العديد من زملائه أو اختفائهم عن الأنظار، لكن لم يعد بالإمكان الاتصال بإسماعيل منذ القبض على محمد بديع المرشد العام للجماعة. يبدو الجيش عازما على قطع رأس الجماعة لمنعها من الإعداد للعودة إلى الحياة السياسية بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. ويعني اعتقال بديع أن أكثر القيادات حنكة وتوقيرا في الجماعة أصبحوا خلف الأسوار، وأن تركيز الآخرين أمثال فريد إسماعيل إن كان لا يزال طليقا، لابد أنه ينصب على عدم إلقاء القبض عليهم. وتبدو سياسة الجيش واضحة: التخلص من قمة التنظيم الهرمي أملا في تداعي الباقي. وجنت أساليب قطع قنوات الاتصال التي يمارسها الجيش ثمارا. وقال خليل العناني الخبير في الحركات الإسلامية: "نجحوا إلى حد ما، فالإقبال على النزول للشوارع ضعيف، وتلقى الإخوان ضربة قوية على المدى القصير"، مشيرا إلى أن "هناك نقاش محتدم حول ما إذا كان ينبغي عليهم اللجوء للعنف"، مضيفا أن الجماعات الإسلامية المتحالفة مع الإخوان قد تتحول أيضا إلى العنف، لكن "لنقل إن هناك مليون إسلامي يحمل 10% منهم السلاح، فهذا يعني أننا نتحدث عن نحو مائة ألف قطعة سلاح". وأكدت الحكومة المصرية أنها لن تتهاون، وستتخذ إجراءات أكثر صرامة مما اتخذته معظم الحكومات السابقة وسجن قادة وأعضاء الاخوان على مدى عقود، لكن الجماعة لم تواجه قط مثل هذه الموجة من إراقة الدماء، ولم يدخر الجيش جهدا لإظهار الإخوان في صورة الجماعة الإرهابية، وهي الرواية التي تشير إلى أن الحملة ضدها لن تنتهي قريبا. واتخذ الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، نهجا أكثر عنفا ضد الجماعة مقارنة بحكام مصر العسكريين السابقين، مدفوعا بدعم شعبي واسع لما يصفه بالحملة على الإرهاب، لكن لم يتضح ما إذا كانت حملة السيسي العنيفة قد تنجح على المدى البعيد. وللإخوان تاريخ طويل في تحمل الضغوط، حيث واجه قادة الجماعة الصعاب في السجون وعانوا فترات اضطهاد في عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومن بعده أنور السادات ومبارك. ومما يبرز التشوش الذي أصاب الجماعة، أن صحيفة "الحرية والعدالة" التابعة لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، أكدت تعيين محمود عزت نائب بديع السابق مرشدا عاما مؤقتا للجماعة، لكن الحزب نفى الأمر بعد ساعات في صفحته الرسمية على موقع "فيس بوك". وشارك نضال صقر وهو استراتيجي سياسي في الجماعة، في برنامج إخباري يناقش أمر القبض على بديع، قال فيه إن "هذا ليس أمرا جديدا. رأينا كل هذا من قبل"، مضيفا أن السلطات اعتقلت أكثر من ثلاثة آلاف من الدرجات الدنيا والمتوسطة في قيادة الإخوان في أنحاء مصر، متوقعا أن يتجاوز الإخوان الضربة الأخيرة ويعودوا للسياسة في غضون عامين أو ثلاثة، لأن الجماعة ستتكيف مع الأوضاع كعهدها دائما. وأضاف صقر أن أحد مقومات بقاء الإخوان ربما كان شبكات الرعاية الاجتماعية الضخمة والمنظمة التي أكسبت الجماعة شعبية في مصر، مشيرا إلى أن "التنظيم يستند إلى علاقات اجتماعية مع الأسر والجيران والمدارس والمستشفيات والمؤسسات ودور الأيتام"، مشددا على أنه "إذا أردتم التواصل مع الإخوان فعليكم التواصل مع المجتمع. يمكن وقف نشاط الإخوان من الناحية التنظيمية لكن لا يمكن نزعها من المجتمع. وإذا بقيت هذه المؤسسات قائمة بنفس قوتها فقد تتمكن من الصمود أمام تضييقات الدولة على المدى البعيد". وستعوِّل الجماعة حتما على هياكلها المرتبة بدقة في البقاء على الساحة إذا ما انقضت عليها قوات الأمن. وفي سياق متصل، قال كمال الهلباوي المسؤول السابق في الجماعة، إن "الناس الآن لا تتقبل خطاب قيادات الإخوان غير المحبوسين، ولا يمكن لأي منهم أن يسير في الشارع بأمان". ورغم أن الإجراءات الأمنية وضعت الإخوان في خانة الدفاع، فإن استراتيجية الجيش قد تأتي في النهاية بنتائج عكسية، فما لم يوجه قياديون بارزون مثل بديع دعوات لضبط النفس، قد يسعى جيل الإخوان الأكثر شبابا إلى الانتقام، مع زيادة ضغوط الجيش وقوات الأمن على الجماعة.