السلطات تخرج عن قواعد نظام مبارك الذي لم يمس المرشد وتلقى القبض عليه.. تراجع هيمنة الإخوان انتصار للسيسي باحث أمريكي: إلقاء القبض على المرشد جزء من جهد لإبادة الجماعة خبير في شئون الجماعات الإسلامية: القبض على بديع وجه صدمة للإخوان قد تؤثر على روحهم المعنوية رأت صحيفة "نيويورك تايمز" – الأمريكية – أن الحكومة المؤقتة المدعومة من الفريق أول عبد الفتاح السيسي، قد قدمت آخر مؤشر على خروجها عن القواعد القديمة خلال فترة حكم مبارك باعتقالها الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان، فمنذ نشأتها قبل 80 عامًا تعرضت جماعة "الإخوان المسلمين" لحملات من المضايقات والقمع؛ إلا أن السلطات في ظل حكم مبارك توقفت لفترة قصيرة عن أن تمس أيديها المرشد الأعلى القائد "المبجل" للجماعة – على حد وصف الصحيفة- ، والذي يشرف على أكثر منظمة فاعلية على المستوى الاجتماعي، والسياسي والديني في البلاد؛ رغم اعتبارها جماعة محظورة في ذلك الحين. وقالت إن تراجع هيمنة الإخوان على المشهد السياسي انتصار للفريق السيسي، موضحة أن القوة الغاشمة للحكومة باتت تسيطر على شوارع العاصمة. ورأت أن الجذور العميقة التي تحتفظ بها الجماعة – خاصة – في القرى على الرغم من الضرر الذي لحق بها، قد دفعت الحكومة لتعمل على إجبار الإخوان للعمل من تحت الأرض للقضاء على أي أمل لأن تفي بتعهداتها العلنية بإشراك الإخوان في العملية السياسية، كما أنها تدرأ فرصة استخدام قيادة الجماعة الأكثر "براجماتية" لتوجيهها والسيطرة على الحركة الأوسع نطاقًا والأكثر عنادًا مثلما حدث في عهد مبارك، واعتبرت "النيويورك تايمز" ذلك يهدد بالمزيد من استعداء جيل الإسلاميين، أو دفع بعضهم تجاه العنف. واعتبرت اعتقال بديع تتويجًا لحملة واسعة من الاعتقالات، وإطلاق النار التي ألحقت ضررًا بالغًا بالجماعة أكثر من أي مداهمة شهدتها على مدى ثماني عقود هي عمر الجماعة، ليتم إقصاؤها بصورة أعمق من ذي قبل. ونقلت عن جهاد الحداد، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين قوله، "إن الجماعة تتعرض لحملة إبادة أسوأ مما كانت في عهد عبد الناصر"، وأضاف بأن حديث الجماعة الآن عن "الأيام الطيبة" في عهد المخلوع مبارك. وتابعت الصحيفة الأمريكية القول إنه ومع اعتقال بديع فإن معظم قيادات الجماعة في السجن، جنبًا إلى جنب مرسي، كما أن القيادات من المستوى الثاني والثالث ما بين قتيل ومفقود، وقال الحداد إن أولئك الذين ما يزالون على قيد الحياة يعيشون في حالة فرار، فهم يغيرون أماكن تواجدهم كل 24 ساعة لئلا يتعرف عليهم أحد، ويغلقون هواتفهم النقالة خشية ملاحقتهم. وعلقت صحيفة الفاينانشيال تايمز – البريطانية – على الصورة التي نشرتها وزارة الداخلية لمرشد العام للجماعة على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أثناء إلقاء القبض عليه، وقالت إن بديع بدا في الصورة بعيدًا كل البعد عن الصورة اللامعة التي رسمتها الأذهان له منذ أن فازت جماعته في الانتخابات البرلمانية والرئاسية عقب الإطاحة بمبارك؛ حيث بدا هزيلاً في جلبابه الأبيض الذي يرتديه. ونقلت عن ستيفن .أ.كوك، الزميل البارز والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية، قوله: "إنه لمن الواضح، أن إلقاء القبض على المرشد هو جزء من جهد للقضاء نهائيًا على جماعة الإخوان المسلمين"، وعلى الرغم من أن سلطة الشاطر فاقت سلطة المرشد إلا أن تدمير قيادة الجماعة قد يؤدي إلى تصاعد حدة العنف. وأشارت إلى أنه ألقى القبض على بديع، وصدر حكم بحبسه 15 يومًا، بينما تواصل قوات الأمن مداهمتها على الجماعة. ورأت الصحيفة الأمريكية أن الجماعة تشهد حملة مداهمات لم ترها مثلها منذ فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التي استمرت خلال الستينيات والسبعينيات، وأشارت إلى قول محمد صلاح، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، بأن "الجماعة قد أصيبت بالصدمة للقبض على مرشدها"، وتوقع تسرب تلك الصدمة إلى الروح المعنوية للإخوان، وأضاف بأن اعتقال المرشد قد يسفر عن انقسام داخلي داخل صفوف الجماعة بشأن سياساتها وخطابها. وذكرت أن الجماعة ترى أن النظام الجديد يحاول تقليب الرأي العام على الإسلاميين، باتهامهم زورا بأنهم من يقف وراء استهداف الكنائس وقتل كمين الشرطة المكون في 25 جنديًا في سيناء، بينما هو من يتحمل مسؤولية كل هذا. وقالت إن نفوذ بديع على مرسي قد أثار غضب الكثير من المصريين، للدرجة التي جعلتهم يهتفون حين تظاهراتهم "يسقط حكم المرشد"، وتابعت أنه بعدما تم عزل الرئيس الإخواني عبر الفريق أول عبد الفتاح السيسي – وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة – عن استيائه من تأثير المرشد على المعزول خلال العديد من الخطابات التي أُذيعت على الهواء. وأشارت إلى أنه تم اتهام بديع، وخيرت الشاطر نائبه بالتحريض على قتل ثمانية من المتظاهرين أمام مقرات الجماعة في القاهرة في يونيه. وتابعت أنه في الوقت ذاته حددت محكمة جنح مدينة نصر جلسة 19 من سبتمبر القادم لنظر أول جنحة مباشرة مقامة ضد الدكتور محمد البرادعي – مستشار الرئيس للعلاقات الخارجية سابقا والتي تتهمه ب"خيانة الأمانة"، بالإضافة إلى مطالبته بسداد مبلغ قدره 10001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. وقالت إنه منذ أن تقدم البرادعي باستقالته الأسبوع الماضي؛ احتجاجًا على قتل قوات الأمن للإسلاميين، وقد أصبح هدفًا لما يبدو أنه حملة "تشنيع" من قبل وسائل الإعلام، وهو الآن في أستراليا، حيث توجه بالسفر عقب الاستقالة. ولفتت إلى أن البيت الأبيض قال الثلاثاء إنه "لم يتخذ أي قرار سياسي" بشأن استمرار إرسال المساعدات الأمريكية إلى مصر؛ إلا أنه أعلن أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيعقد اجتماعًا لمجلس الأمن القومي لمناقشة تلك القضية التي لازالت قيد النظر، وقال البيت الأبيض إنه من المستبعد أن يُصدر "أي بيانات كبرى" عقب الاجتماع مباشرة.