كانت توجد داخل الأحياء الشعبية بمصر قديماً حمامات شعبية للرجال وأخرى للنساء اللاتى يتجاذبن فيها خلال وجودهن أطراف الحديث لقطع الوقت مع شىء من النميمة «الحريمى» خلال الاستمتاع ببخار الماء الساخن كما «الساونا» الآن، والغوص فى مياهه كما حمامات السباحة العصرية، وهى مؤمنة ضد عيون المتطفلين، وأبوابها موصدة تماماً احتراماً لخصوصية وجودهن بداخلها.. وآخر معرفة شباب الجيل الحالى عن هذه الحمامات كان فيلم حمام الملاطيلى، وكانت قد احترق أحد هذه الحمامات النسائية بسبب الشرر المتطاير من مستوقد النار البدائى اللازم لتشغيله فهربت بعض النسوة مذعورات دون أن يتمكنّ من ارتداء ملابسهن بينما احترقت اللاتى استحيين من الهروب عرايا فانتشر آنذاك المثل القائل: «اللى اختشوا ماتوا». المدهش أنه فى وقتنا الحالى استشهد المئات من الشباب والفتيات داخل ميادين الثورة الملتهبة دفاعاً عن شرف الوطن فى مواجهه أتون النار دون أن يهربوا وهم الآن أحياء عند ربهم يرزقون، بينما الهاربون من ميادين الثورة المتوهجة وإن كانوا لم يهربوا عرايا الأجساد فقد هربوا عرايا المبادئ والبلطجة الفكرية وأسرى المراهقة السياسية، ومن أصحاب الألاعيب البائرة والفهلوة والفتاوى المضروبة والقادرين على تهييج مشاعر الشعب وتفتيت تماسكه ونشر الأحاديث غير الصحيحة، وبعضهم يمارس الموبقات ليلاً ويقود المظاهرات نهاراً مرتدين ثياب الفضيلة، ويقولون ما لا يفعلون؛ فالمظاهر الكاذبة وإطلاق اللحى وتصغير الأنوف ليست هى جواز المرور لدخول الجنة، وعليهم أن يتقوا الله وأن يظهروا فى أقوالهم ما يبطنون لتكون سرائرهم نقية كما المظاهر وليحققوا التصالح بين الإنسان وخالقه كما شباب الثورة وفتياتها الذين اختشوا من الهروب وسط النار واستشهدوا وهم يتدثرون بثياب الفضيلة والوطنية ويطالبون بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، بينما الهاربون من ضعاف النفوس مع القراصنة الذين استولوا على كعكة انتصار الثورة علينا تذكيرهم دائماً بأن «اللى اختشوا ماتوا شرفاء» بينما عرايا المبادئ الهاربون من الميدان ما زالت تطاردهم لعنة العار. فاروق على متولى السويس