بدء التحقيق في واقعة رفض طبيب الكشف على مريضة مُسنة بقنا    مصر تجني ثمار عقد من التنمية.. "حياة كريمة" و"بداية جديدة" يعززان العدالة الاجتماعية |إنفوجراف    وزير الزراعة يطمئن على مسئول حماية الأراضي بعد إصابته أثناء تأدية عمله في سوهاج    محافظ كفر الشيخ: استمرار فتح المجازر لاستقبال الأضاحى وذبحها بالمجان خلال أيام عيد الأضحى    محافظ أسوان: توريد كميات القمح بنسبة تخطت 103% من المستهدف إلى الصوامع والشون    إعلام إسرائيلي: سفينة مادلين تصل ميناء أسدود.. ومركز حقوقي إسرائيلي يطالب بالكشف عن مكان احتجازها    روسيا تؤكد استمرار الاتصالات مع أوكرانيا    لتأجيل تصويت حل الكنيست.. حكومة نتنياهو تطرح عشرات مشاريع القوانين    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    الاحتلال يعتقل فلسطينيًا وامرأة من مخيم العروب شمال الخليل بالضفة الغربية    عماد متعب: مشاركة الأهلي الحالية الأقوى وأتمنى التوفيق للفريق في المونديال    ميلان يتوصل لاتفاق لضم مودريتش    شيكابالا يدرس الاستمرار لنهاية تعاقده مع الزمالك (خاص)    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص أعلى طريق كوبري الفحص ببنها    ضبط 5 قضايا مخدرات وتنفيذ 624 حكما قضائيا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    الغربية.. إخماد حريق شونة كتان بقرية شبراملس في زفتى بسبب ارتفاع الحرارة    خروج مصابي حادث التسمم إثر تناول وجبة طعام بمطعم بالمنيا بعد تماثلهم للشفاء    140 حديقة تواصل استقبال المواطنين رابع أيام عيد الأضحى المبارك في أسوان    أسماء مصطفى تكتب: بعثة حج القرعة رفعت شعار "حج بلا معاناة في رحلة الإيمان والتجرد"    فيلم سيكو سيكو يستمر في حصد عيدية الجمهور بمنافسات ثالث أيام عيد الأضحى    ياسمين صبري تساعدك في التعرف على الرجل التوكسيك    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    الصحة: فحص 3 ملايين و251 ألف سيدة ضمن مبادرة العناية بصحة الأم والجنين    اعتماد كامل لمجمع العيادات الخارجية لأطفال أبو الريش بمستشفيات جامعة القاهرة من هيئة الاعتماد والرقابة الصحية    مراكز الشباب بالدقهلية تقدم الألعاب الترفيهية وعروض غنائية وسحرية فى رابع أيام العيد    مصرع عنصرين إجراميين شديدي الخطورة في تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بقنا    "التعليم العالي" تعلن حصاد أداء الأنشطة الرياضية خلال العام المالي 2024 -2025    الصادرات الصينية تتراجع في ظل الحرب التجارية    توتر بين عائلة العندليب و«موازين» بعد إعلان حفل بتقنية الهولوجرام    احتفالات مبهجة بثقافة الشرقية فى عيد الأضحى ضمن برنامج "إبداعنا يجمعنا"    «تاريخ ساحر مليء بالأسرار».. إطلاق الفيديو الترويجي الأول للمتحف الكبير قبل الافتتاح الرسمي    قانون العمل الجديد.. ضمانات شاملة وحقوق موسعة للعاملين فى القطاع الخاص    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    آخر أيام إجازة عيد الأضحى.. غدا الوزارات والمصالح الحكومية تستأنف العمل    وزيرة البيئة تتوجه إلى نيس بفرنسا للمشاركة بمؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات    الصحة: فحص 3.6 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة "فحص المقبلين على الزواج"    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    حزب المؤتمر: استعدادات مكثفة للانتخابات وسنقدم مرشحين يمتلكون الشعبية والكفاءة    حظك اليوم الأثنين 9 يونيو 2025 وتوقعات الأبراج    شيرين عبدالوهاب تحل محل ماجدة الرومي في حفل ختام مهرجان موازين    بعد عودته من الحج.. أحمد سعد يشعل حفله في الساحل الشمالي (صور)    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    مكافأة للمتميزين وإحالة المتغيبين للتحقيق فى مستشفى المراغة بسوهاج    وداع بطعم الدموع.. الحجاج يطوفون حول الكعبة بقلوب خاشعة    تراجع أسعار الذهب مع آمال التوصل لاتفاق تجاري بين أمريكا والصين    إصابه قائد موتوسيكل ومصرع أخر إثر إصطدامه به في المنوفية    6 مواجهات في تصفيات كأس العالم.. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «بخلاف كون اللقاء وديا».. ريبيرو يكشف سبب عدم الدفع بتشكيل أساسي ضد باتشوكا    "لن يعود حيا" .."أبو عبيدة" يكشف محاصرة الاحتلال لمكان تواجد أسير إسرائيلي    «أسطول الحرية»: القوات الإسرائيلية تختطف المتطوعين على السفينة «مادلين»    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد» الاثنين 9 يونيو    ضحى بحياته لإنقاذ المدينة.. مدير مصنع "يوتوبيا فارما" يتبرع بنصف مليون جنيه لأسرة سائق العاشر من رمضان    بعد تصديق الرئيس السيسي.. تعرف على عدد مقاعد الفردي والقائمة لمجلسي النواب والشيوخ بالمحافظات بانتخابات 2025    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    تريزيجيه يضع بصمته الأولى مع الأهلي ويسجّل هدف التعادل أمام باتشوكا.    فضيلة الإمام الأكبر    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغامرة مصورة ل«الوطن».. اشترينا نصف طن دقيق مدعم من مافيا التهريب ب1000 جنيه لم يعترض أحد
نشر في الوطن يوم 11 - 07 - 2012

فى منطقة «أم المصريين» بمحافظة الجيزة، إحدى المناطق الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية؛ حيث ينتشر بين مساكنها ومبانيها العشوائية كثير من المخابز البلدية، بعضها تابع للحكومة وأخرى خاصة، أجرينا جولة بالمنطقة، حتى صادفنا أحد المخابز ذا الصيت الذائع، ويشهد له زبائنه ببيع الدقيق نهارا جهارا من بابه الخلفى، الذى يقف أمامه بعض نفر يسمونهم من يقفون فى الطابور «المحظوظين»، بسبب علاقتهم بأحد العاملين بالمخبز الذى يبيع لهم «عيش مخصوص»، على حد تعبير «عم فتحى» الرجل الخمسينى الذى يسعى جاهدا أن يحكم قبضته المرتعشة على عصا يتكئ عليها، أثناء وقوفه فى طابور الخبز، وأتبعها بقوله: «إحنا بناخد السحلة، كأننا حيوانات».
على فترات متقطعة يُفتح الباب الخلفى ليخرج العيش المخصوص للمحظوظين، وفى إحدى المرات يُفتح الباب بعد توقف شاب يبدو من ملامح وجهه أنه لم يتجاوز العشرين عاما، راكبا «موتوسيكل» صينيا، ينادى: «يا محمود»، ليخرج له بشكارتى دقيق بلدى مدعم، ليأخذهما إلى مكان مجهول.
وقبل أن يوصد الباب فى وجهنا، تحدثنا مع أحد العاملين وطلبنا منه شيكارتى دقيق، وبلغة العاملين فى المخابز قلنا بصوت عال: «عاوزين شيكارتين دقيق»، وأضفنا أن «فيه توك توك جديد فى منطقة المساكن، محتاج شيكارتين دقيق». والتوك توك بلغة الخبازين هناك يُقصد به «فرن أفرنجى». وبنظرة المتفحص نظر محمود لنا، من فوق لتحت، وحتى لا يتسرب إليه الشك، طلبنا منه توصيل الشيكارتين إلى الفرن الأفرنجى، مقابل ما يريد، مع وعد بأن نكون زبائنه منذ اليوم.
«سعيد لسه واخد الدقيق الزيادة كله امبارح».. هكذا جاءت إجابة محمود، فسألناه عن سعيد، فقال: «سعيد عبدالجواد، لو عايز طن هتلاقى عنده، هو بيجمع الدقيق من الأفران كلها وبعدين يبيعه». فقلنا له: «ادينا شيكارة نمشى بها حالنا دلوقتى، وبعدين تُفرج». صمت برهة، ثم مد يده قائلا: «هات 90 جنيه، واصبر عشر دقايق الدنيا تهدى». وقبل انتهاء الدقائق العشر أخرج الشيكارة أمام الناس، طالبا منا تغطيتها، ليس خوفا من الناس أو مباحث التموين، بل خوفا من أن يرانا أحد أبناء سعيد عبدالجواد، وهو ما حدث، قبل وضعها على الدراجة، والغريب هو رد فعل بعض الأهالى الذى لم يتجاوز نظرات غاضبة على استحياء، متبوعة بمصمصة شفاه، ولم يستطع أحد الاعتراض ولو بكلمة واحدة، ربما خوفا من التعرض للأذى فى ظل الانفلات الأمنى الذى تعانيه المنطقة التى تعد بؤرة لبعض المسجلين خطر.
وفى اليوم التالى ذهبت إلى المنطقة ذاتها، محاولا الوصول إلى «سعيد عبدالجواد» تاجر الدقيق المدعم الذى يتولى جمع الدقيق من المخابز وبيعه للمخابز الأفرنجى والسياحى والتجار وغيرهم، وكانت المفاجأة أنه ليس بمفرده، إنما يعمل معه أبناؤه وزوجته وأحد المسجلين خطر، ويدعى أحمد عرابى، ويتولى «سعيد» الإشراف على عملية التجميع والتوزيع والبيع.
كان التحدى هو البحث عن طريقة منطقية ومقنعة لنتمكن من شراء الدقيق من «سعيد». ذهبنا إلى الفرن مرة ثانية، فى انتظار «عكاشة»، أحد أبناء «سعيد»، كما قال أحد العاملين بالمخبز، عندما علم برغبتنا فى شراء نصف طن دقيق، مؤكدا أنه لا يستطيع إخراج تلك الكمية خوفا من «سعيد» الذى يأخذ منه يوميا 15 شيكارة، يجرى نقلها على دفعات، كل دفعة شيكارتين إلى مخزن ليُعاد بيعه مرة أخرى، لأصحاب المخابز السياحية المنتشرة فى المنطقة، وتبيع رغيف الخبز ب25 قرشا.
بعد 20 دقيقة انتظارا، جاء «عكاشة»، فقال له العامل: «الرجل ده فاتح توك توك (مخبز أفرنجى) وعايز نص طن». لم يشك عكاشة لحظة واحدة فى وجود خدعة، وربما بسبب شقيقه وصديقه المسجلين خطر، ما جعله يتصور أن أحدا لا يجرؤ على خداعه. قال «عكاشة»: «هتشيله على إيه؟»، فكان الرد: «هجيب عربية، لكن أنا بعرفك من دلوقتى علشان تجمعهم ويكونوا جاهزين». فقال: «لو عايز 50 شيكارة أجيب لك دلوقتى، هما جاهزين فى أى وقت». تركناه بعد تحديد موعد فى الغد لدفع الفلوس وشراء الدقيق، ثم اتفقنا مع سائق سيارة ربع نقل، الذى استغل الموقف، مطالبا برفع الأجرة إلى الضعف، قائلا: «أنا عايز 200 جنيه، لأننى هحمل ممنوعات».
وفى صباح اليوم التالى اتصلت ب«عكاشة» وأخبرته أننا أمام الفرن، فكان رده: «دقيقتين هكون عندك»، وبمجرد وصوله قال: «تعالى ورايا» وسرنا معا حتى وصلنا لمدرسة محمد فريد وفتحت والدته المسئولة عن البيع المحل، وحمل اثنان من أبنائها 10 شكائر، وأخذت منا 1000 جنيه، ثمن نصف طن دقيق، ثم طلبت إعطاء 20 جنيها لابنيها اللذين حملا الشكائر إلى السيارة، ثم تحركنا قاصدين مقر «الوطن» بمنطقة الدقى، متوقعين أن توقفنا الشرطة فى الطريق، خاصة أثناء مرورنا بميدان الجيزة وقبله شارع ربيع الجيزة ومرورا بجامعة القاهرة، ومنه إلى شارع التحرير، ثم محيى الدين أبوالعز، حتى توقفت السيارة أمام المقر دون أن يتعرض أحد لنا، حتى أثناء إنزال شكائر الدقيق من السيارة، ولو بالسؤال.
أخبار متعلقة:
«الوطن» ترصد: سرقة مليارات الدعم فى "شوال دقيق"
تدوير الدقيق المدعم فى مصانع بير السلم
ألاعيب أصحاب المخابز لتسريب الدقيق من الباب الخلفى
أباطرة تجارة «العيش الناشف»
دعم الغلابة يتسرب إلى السوق السوداء علناً.. ويصل محال الفول والطعمية «ديليفرى»
أصحاب المخابز: «لو بطلنا نبيع الدقيق.. نموت»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.