كان الإخوان يتهمون كل من ينتقد أو يكشف عورات فشلهم فى حكم البلاد بأنه «فلول»، حتى ولو كان ممن «سفّوا» تراب ميدان التحرير عبر ال18 يوماً الخالدة فى تاريخنا. فى المقابل من ذلك يتهم المؤيدون للسلطة الجديدة -بعد 30 يونيو- كل من ينتقد أسلوبها فى إدارة الصراع مع الإخوان، وفشلها حتى هذه اللحظة فى العثور على نقطة انطلاق لتأسيس دولة جديدة تؤمن بقيم وأفكار ثورة يناير بأنه من «الخلايا النائمة» للجماعة. وتدل هذه الطريقة فى التفكير على حالة من حالات «الكسل العقلى» التى تعكس رغبة صاحبها فى عدم إرهاق ذهنه أو نفسه فى التفكير فيما يقوله من يوجه نقداً من هنا أو هناك، والاكتفاء بالبحث عن تهمة نمطية جاهزة يتم إلقاؤها على من يعتب على أدائه.. ودمتم! وقد عكس اتهام الإخوان لمعارضيهم بأنهم من «الفلول» رغبة فى نفى التهمة عن الذات، بمعنى أن الإخوان كانوا يعلمون فى أعماقهم أنهم جزء لا يتجزأ من نظام حكم «المخلوع». وقد كانوا أول من هرول للجلوس مع عمر سليمان من أجل السيطرة على المد الثورى أيام يناير وفبراير 2011. والتجربة تشهد أنهم تعاونوا مع الفلول بكل أصنافهم -حتى بعد وصولهم إلى الحكم- من أجل القضاء على ثورة يناير قضاء مبرماً. والأمر نفسه ينطبق على عناصر تركيبة السلطة الجديدة فى مصر، إذ يبدو وصفهم لمعارضيهم بأنهم «خلايا إخوانية نائمة» كنوع من محاولة نفى التهمة عن الذات، لأنهم لو فتشوا فى أعماقهم فسوف يعثرون على «الدقن»، حين يجدون أنهم يديرون المشهد بنفس الأسلوب الذى كانت تديره به الجماعة! فهم ليسوا أقل من «المعزول» وإخوانه رغبة فى الاستحواذ على مفردات السلطة، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل ثورة يناير، من خلال الاستعانة بالعديد من الوجوه القديمة التى ساهمت فى تخريب وتجريف مصر أيام «مبارك»، والأخطر من ذلك وقوعهم فى ذات الجريمة التى وقعت فيها الجماعة عندما انطلق رموزها يكفّرون كل من يخالفهم الرأى أو وجهة النظر، وهو نفس الكأس الذى تشرب منه الآن على يد عناصر السلطة الجديدة الذين يكفّرون كل من يعارض رؤيتهم لكيفية إدارة المشهد بعد 30 يونيو. الجماعة اتهمت معارضيها ب«الفلولية» لأنها كانت «فلول». والسلطة الجديدة تتهم معارضيها ب«الأخونة» لأنها «متأخونة» الفكر والمنهج. وتؤكد هذه الطريقة فى التفكير على أن أصحاب السلطة بعد ثورة يناير سواء من الإخوان أو من أفراد السلطة الحالية لم يؤمنوا بهذه الثورة، وأن كل تفكيرهم ينصرف إلى تفريغها من معناها، والاجتهاد فى محوها من ذاكرة المصريين، حتى يعودوا مرة ثانية دجاجات «تكأكئ» داخل حظيرة الطاعة. المشكلة أن كل من ورث السلطة بعد يناير لا يفهم أنه يعمل فى ظل معادلة زمنية جديدة تقول إن «الشعب هو السيد»!