استمرأ الإخوان لعبة اتهام الآخرين ب«الفلولية». فأى شخص يوجه نقداً للجماعة، أو أحد رموز الجماعة، أو رئيس الجماعة تجد «الميليشيات» الإلكترونية واللسانية للإخوان انطلقت لتتهمه بأنه: فلول، وأمن دولة، ولا يريد الخير لمصر، ويعمل ضد مصلحتها، وأنه عميل لجهات أجنبية، تريد الخراب لهذا البلد، وفى الأول والآخر فإنه لا يعبر إلا عن نفسه، أو شرذمة قليلون ممن يغارون ويحسدون الإخوان على ما مكنهم الله فيه من السيطرة على مصر، بعد سنين طويلة من المطاردة والملاحقة. والمدهش أن الجماعة تستخدم فى مواجهة معارضيها الكثير من القذائف الاتهامية التى كانت تُوجَّه إلى أفرادها زمن حظرها، من فصيلة: العمالة، والعمل لصالح جهات خارجية، والتخريب والهدم، وغير ذلك. وتمسك الإخوان بنفس القائمة من الاتهامات التى تنتمى إلى العهد البائد لا يدل على مجرد عجز عن إنتاج أفكار جديدة ومبتكرة فى اتهام الخصوم، بل يشهد على غرق الجماعة فى الانتماء إلى هذا العصر «الفلولى» حتى النخاع، وأنها كانت جزءاً لا يتجزأ منه، وهناك شواهد أخرى على ذلك: أبلغها أن شيئاً فى ممارسات الواقع المصرى لم يتغير، بعد أن سيطر الإخوان على الحكم. فمظاليم السجن العسكرى ما زالوا يقبعون خلف الجدران، وقتلة شهداء الثورة ما زالوا يرتعون دون عقاب، فى حين تصرخ دماء قتلاهم بالقصاص، وأزمات الأنابيب والسولار والبنزين والكهرباء والماء والصرف الصحى والقمامة ما زالت مستمرة فى الكثير من المحافظات، والعمال والموظفون والفلاحون ما زالوا يصرخون بشكاواهم الأزلية الأبدية، دون أن يجدوا أذناً صاغية أو قلوباً واعية. ماذا تغير فى واقع المصريين بعد أن حكم الإخوان؟ لا شىء! الجديد الوحيد فى مصر يرتبط بصعود الإخوان، ليرث حزب الحرية والعدالة زميله فى الفلولية «الحزب الوطنى المنحل»، فالحزبان شريكان فى العجز، وإهمال مشاكل الشعب، وعدم التفكير إلا فى الكبار، وإجزال العطاء لأفراد الأهل والعشيرة. فكما كان يخرج من التهم -كما تخرج الشعرة من العجينة- أى متهم له صلة بكبار الحزب الوطنى، يصدر الرئيس «مرسى» قرارات بالعفو عن الإسلاميين المساجين، وأول وجيعة صرخ بها مرسى فى ميدان التحرير تمثلت فى الإفراج عن الدكتور عمر عبدالرحمن، وليته فعل ذلك لأن الرجل مصرى، ومن واجب مصر أن تدافع عن حريته، بل فعله لأنه قطب من أقطاب، ومرجعية من مرجعيات التيار الإسلامى. المناصب تذهب إلى الأهل والعشيرة من أعضاء مكتب الإرشاد، والأفراد المحيطين بالرئيس، تماماً مثلما كان يحدث أيام الحزب الوطنى. كل ممارسات الإخوان تشهد على الفلولية، بما فيها الاتهامات الساذجة التى يوجهونها إلى خصومهم، و«تيجى تلهى الفل يلهيك».. و«يجيب اللى فيه فيك»!