سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قرار عودة البرلمان.. مؤيدون: من صلاحيات الرئيس.. ورافضون: «يوم أسود فى تاريخ مصر» فرحات: ينذر بصدام بين الرئاسة و«الدستورية العليا».. وأبوبركة: «مرسى» أوفى بوعد إعادة المؤسسات المنتخبة
أثار قرار الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، بعودة مجلس الشعب إلى الانعقاد مجدداً، حالة من الجدل بين خبراء السياسة والقانون، وفيما اعتبره البعض حقاً أصيلا له، حذر آخرون من أنه سيؤدى إلى صدام بين مؤسستى الرئاسة والمحكمة الدستورية العليا. وقال الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستورى أستاذ فلسفة القانون وتاريخه فى كلية الحقوق جامعة الزقازيق، إن الرئيس اعتمد فى قراره بعودة مجلس الشعب للانعقاد على المادة 56 من الإعلان الدستورى، التى تمنحه حق دعوة مجلسى الشعب والشورى لانعقاد دورتهما العادية وفضها والدعوة لاجتماع غير عادى وفضه. ورأى أن هذا القرار مبكر وغير متوقع وينذر بالتصادم بين المؤسسة الرئاسية والمحكمة الدستورية العليا؛ لأن الأخيرة جاء فى أسباب حكمها أن مجلس الشعب نشأ باطلاً منذ لحظة انتخابه، مشيراً إلى أن إعادته للانعقاد من شأنها أن تؤدى إلى تجاهل الحكم، بالإضافة لتجاهل قرار صريح أصدره رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن المجلس منحل وغير قائم قانوناً. وقال الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، الفقيه الدستورى، إن قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب للانعقاد مرة أخرى هو الخطيئة الأولى له، وتدل على انحيازه لجماعة الإخوان المسلمين، لأن إجراء انتخابات «شعب» مرة أخرى خلال شهرين يعنى وجود تكرار المجلس الأخير، بنفس أغلبيته، لافتاً إلى أن شكل مصر أصبح سيئاً أمام العالم كله. وأضاف أن عودة المجلس للانعقاد مرة أخرى معناها فساد عمل الجمعية التأسيسية للدستور، وعودة مشاركة النواب فيها مرة أخرى وهو ما يعنى بطلان عملها وبالتالى عدم إصدار الدستور الجديد. وتابع: «ما يحدث لا يعبر إلا عن جهل، وأن المسئولين عن قيادة هذا البلد يدخلون فى (خناقة)»، لافتا إلى أن رئيس الجمهورية لا يملك أن يحدد اختصاصات مجلس الشعب، موضحا أن مصر بذلك لم يصبح بها أى سلطات. وقال حافظ أبوسعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن كل أعمال البرلمان من قرارات وتشريعات ستكون باطلة وغير دستورية حتى لو كان ثلث البرلمان فقط باطلا، لأنه يجب أن ينعقد البرلمان بحضور 350 نائبا، فى حين أنه فى حالة بطلان عضوية الثلث فلن يبقى سوى 334 عضوا، وهو ما يجعل جلسات مجلس الشعب باطلة. وشدد أبوسعدة على أن البرلمان فى حكم العدم وليس له حق العودة من جديد، وقال إن القرار بعودته للانعقاد بمثابة تحدّ من الرئيس لأحكام المحكمة الدستورية، وأشار إلى أنه يمكن أن ينعقد البرلمان ليعلن بطلان عضوية ثلث الأعضاء ويدعو لانتخابات جديدة. وندد النائب مصطفى بكرى بالقرار، وقال ل«الوطن»: «إعادة البرلمان فضيحة ويوم أسود فى التاريخ؛ لأنه يمثل تحديا لأعلى هيئة قضائية فى مصر»، واعتبره استهانة بالقضاء لأنه يسبق انعقاد محكمة القضاء الإدارى اليوم، والذى من المحتمل أن تصدر حكما يمكن أن يبطل تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، الأمر الذى يدفع المجلس العسكرى القائم بمهمة التشريع، إلى تشكيل لجنة جديدة لوضع الدستور وفقا للمادة 60 مكرر من الإعلان الدستورى المكمل. وقال بكرى: «الإخوان ومرسى مرعوبون من هذا السيناريو؛ لأنه فى حالة وضع دستور جديد فإنه يعنى الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لذا أصدر مرسى هذا القرار الاستباقى، حتى يشكل البرلمان المنحل تأسيسية جديدة حال بطلانها». وكشف عن أنه قرر الاستقالة من البرلمان الذى وصفه بالباطل، رافضا المشاركة فيما أسماه ب«المهزلة»، ووجه دعوة لزملائه فى مجلس الشعب للاستقالة، وألا يدوسوا بأقدامهم على القانون والشرعية التى تمثلها أحكام المحكمة الدستورية العليا. ونفى أن يكون «مرسى» أصدر قرار إعادة البرلمان بالتنسيق والتشاور مع المجلس العسكرى، وقال من المستحيل أن يشارك وطنى شريف فى هذه الجريمة، ووجه بكرى كلامه للرئيس مرسى: «كنت أتمنى أن تلتزم بوعودك باحترام القانون وأحكام القضاء، لقد ارتكبت جريمة لم يجرؤ مبارك على فعلها؛ حيث التزم مبارك بحكم الدستورية عامى 87، و90، وحل البرلمان تنفيذا لحكمها». وقال الدكتور أحمد أبوبركة، المستشار القانونى لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين: «من حق الرئيس محمد مرسى، أن يصدر قراراً جمهورياً بعودة البرلمان»، مؤكداً أن هذا حق أصيل له، لأن الرئيس الآن أصبح يملك السلطتين التشريعية والتنفيذية. وأضاف، فى تصريحات ل«الوطن»: إن مرسى أعاد مجلس الشعب للانعقاد بصفة مؤقتة، حتى لا يكون هناك فراغ دستورى، بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بحله، لافتاً إلى أن «الحرية والعدالة» يرحب بقرار رئيس الجمهورية، لأنه لا يمكن أن يستمر المجتمع دون أن يكون هناك برلمان. ورأى أبوبركة أن القرار لا يمثل تحدياً لقرار المجلس العسكرى بحل «الشعب» ولكنه يمثل توافقاً مع المصلحة العامة، بما يؤكد أن «مرسى» أوفى بوعده عندما قال إن المؤسسات المنتخبة ستعود. وقال المستشار محمود الخضيرى، رئيس اللجنة التشريعية لمجلس الشعب، إن قرار الرئيس لا يلغى قرار المحكمة الدستورية ببطلان قانون مباشرة الحقوق السياسية، ولكنه فقط يلغى القرار الإدارى الصادر من المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بحل مجلس الشعب، مؤكداً أن القرار يعنى عودة المجلس بكامل أعضائه للانعقاد مساء اليوم، ويكون بذلك انعقاد المجلس بصفة مؤقتة، لحين إجراء انتخابات جديدة، بعد إقرار الدستور. وأكد طارق الخولى، المتحدث الإعلامى لحركة 6 أبريل -الجبهة الديمقراطية، أن القرار يعود بالمسار التشريعى إلى طريقه الصحيح، رغم الاختلاف مع البرلمان، لافتاً إلى أن الرئيس بذلك ألغى «الانقلاب»، الذى نفذه المجلس العسكرى، من خلال الإعلان الدستورى الذى أصدره. وأعرب الخولى، عن تخوفه من التفسيرات القانونية للقرار، وإمكانية القول ببطلان القرار أو مخالفته لقرارات المحكمة الدستورية النافذة، وأشار إلى أن النزاع الحقيقى بين جماعة الإخوان و«العسكرى» بدأ الآن، وأن الأيام المقبلة ستشهد مزيداً من الصراع على تنفيذ القرار من جانب الرئيس، ومحاولات المجلس العسكرى لإيقافه.