لم يتخيل تامر عبدالحميد، المهندس الثلاثينى، أن هدية زوجته له يوم عيد ميلاده، ستكون طعنة سكين قاتلة تنهى حياته، التى كان يستعد للاحتفال بإتمامه عامه الواحد والثلاثين، كما لم يتخيل أن خطواته إلى مطبخ شقته لممازحة زوجته أثناء إعداها طعام السحور، ستكون هى خطواته الأخيرة فى الحياة، مضى من غرفة نومه حاملا بين ضلوعه ذكريات 4 سنوات من الحب، يهمس بها فى أذن زوجته شيماء. م، 30 سنة، مهندسة، لتصفية الأجواء التى تعكرت إثر مشاجرة عابرة، بسبب تأخرها خارج المنزل، فواجهت همساته بطعنة سكين اخترقت الظهر ووصلت إلى البطن، لتسطر الزوجة نهاية قصة حبها مع زوجها ووالد طفلتهما الوحيدة، 11 شهرا بنصل السكين. المتهمة وفقا لاعترافاتها سددت للمجنى عليه طعنة نافذة بسكين «المطبخ» فى الظهر فاخترقته، حتى وصلت إلى البطن ثم استعانت بالجيران لنقل الضحية إلى المستشفى، بعدما ادعت أنه أصيب فى حادث، وغافلتهم أثناء وجودهم بالمستشفى وتوجهت إلى مسرح الجريمة «شقة الزوجية» بالعقار رقم 3، بشارع عبده سلامة، فى منطقة البراجيل بإمبابة، ومسحت آثار دماء المجنى عليه وأخفت السلاح المستخدم. يحكى عبدالحميد محمد، 50 سنة، موظف بالمعاش، والد المجنى عليه، تفاصيل مقتل نجله الوحيد، يقول إنها تأخرت فى إسعافه فترة كبيرة، قائلا «والله العظيم الدكتور قالى إنها تأخرت واستنت عليه لحد ما دمه اتصفى ومات، منها لله قتلت ابنى الوحيد، ربنا ينتقم منها زى ماحرقت قلبى عليه، أنا أصلا مكنتش موافق على الجوازة ديه بس هو ده اللى حصل». يعود والد المجنى عليه بذاكرته للوراء، ليستعيد منها: «تامر ده الولد الوحيد لى على بنتين، أنا تعبت فى تربيته وعلمته أحسن تعليم لحد ما ربنا كرمنا وتخرج فى كلية الهندسة واشتغل فى شركة الكهرباء وكان بيحضّر لرسالة الدكتوراه». يضيف «والله أنا عمرى ما هنسى يوم جوازه، ده زى ما يكون إمبارح، أنا زصلا محستش بفرحة لأنى مكنتش موافق بس هو اللى أصر، كان يوم 1 يوليو 2010، كان يوم أسود، بس الحمد لله ربنا يرحمه، وينتقم منها اللى قتلت ابنى الوحيد». يستكمل الأب باكيا: «تامر ده كان سندى وحياتى كلها، وطيب وعمره ما زعلنى أنا أو أمه، واحنا أصلا ناس فى حالنا من منطقة إمبابة ومفيش بينى وبين أى شخص مشاكل أو خلافات، طول عمرى فى حالى من الشغل للبيت للجامع، أنا مابعملش حاجة وحشة فى حد، بس تامر مات وساب حتة منه وهى بنته رضوى، عمرها 11 شهر، وكانت المتهمة حامل فى شهرها التاسع، ربنا يرحمه، كان نفسه فى ولد عشان يسميه عبدالحميد على اسمى، بس قتلته غدر ربنا ينتقم منها». يفقد الأب أعصابه ويستمر فى نوبة بكاء تجبره على التوقف عن الحديث لدقائق، ثم يتمالك نفسه ليحكى عن يوم الجريمة: «يوم السبت كنت أنا ووالدته بنتصل بيه عشان نقوله كل سنة وانت طيب بمناسبة عيد ميلاده، فوجئنا بعدم رده على الهاتف، وبعد فترة اتصلت بينا شقيقة المتهمة وأخبرتنا بتفاصيل الواقعة، على فكرة أنا شاكك فى وجود حد تانى معها ارتكب الجريمة». ويتابع «طبعا أنا مصدقتش ولما رحت المستشفى لقيت ابنى مات، وعرفت أنه مصاب بطعنة سكين، اتهمت مراته وبلّغت فى قسم شرطة إمبابة». ويكمل فى أسى واضح: «رغم إنه كان فيه قصة حب بين تامر والمتهمة قبل الزواج فإنهما كانا يتشاجران بسبب أسرة المتهمة وتدخلها فى حياته الشخصية مع زوجته، خاصة أن شقيقتها مطلقة منذ حوالى 10 سنوات وكانت تطلب منها مبالغ مالية باستمرار بالإضافة إلى شقيقها وهو شاب ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، الذى ينهى الأب كلامه قائلا «الحمد لله على كل شىء ربنا يرحم تامر هيحتفل بعيد ميلاده فى السما». «شيماء» الزوجة المتهمة هى الأخرى لم تنس تفاصيل جريمتها، وقالت إنها لم تقصد قتله وإنها لم تحاول أن تطعنه بالسكين بل كانت «بتهزر معاه» وطعنته عن طريق الخطأ «غصب عنى». وعن يوم ارتكابها الجريمة تقول: «يوم الواقعة كنت قد خرجت من الشقة لشراء هدية عيد ميلاد لتامر، وأثناء ذلك تأخرت قرابة 3 ساعات خارج المنزل، وعقب عودتى نشبت بيننا مشاجرة بسبب تأخرى». وتابعت المتهمة أنها انتظرت نصف ساعة حتى هدأت أعصاب زوجها، ودخلت عليه غرفة النوم وقالت له إنها أحضرت له «مشروب المانجو» الذى يحبه، وبررت له تأخرها خارج المنزل بأنها كانت تبحث له عن هدية بمناسبة عيد ميلاده، وكانت تحاول أن تشترى له بنطلون جينز، إلا أنها لم تتمكن من ذلك. وأضافت المتهمة أنها ظلت تذّكر المجنى عليه بقصة حبهما التى استمرت قبل زواجهما 4 سنوات، أثناء مرحلة الجامعة ثم دخلت لتحضير السحور وأثناء وجودها بالمطبخ حضر زوجها وحاول الهزار معها، فأمسكت بسكين وأثناء التهويش بها استقرت فى ظهره، فأصيب بجرح، واستعانت بالجيران لنقله إلى المستشفى وأخبرتهم أنه أصيب فى حادث وفور وصوله المستشفى لفظ أنفاسه الأخيرة. حاولت المتهمة التنصل من جريمتها، أثناء مناقشتها أمام اللواء محمود فاروق، نائب مدير الإدارة العامة للمباحث، والمقدم علاء بشير، رئيس المباحث، إلا أنهما ضيقا عليها الخناق، فاعترفت بارتكابها الواقعة وأنها هى التى قتلت المجنى عليه، وتم اصطحابها فى حراسة أمنية مشددة بقيادة اللواء مجدى العال، مدير المباحث الجنائية، إلى النيابة وخضعت للتحقيق أمام إسلام أبوضيف، مدير نيابة إمبابة، واعترفت بارتكابها الواقعة، فوجهت لها النيابة برئاسة أحمد دبوس، رئيس النيابة، تهمة القتل العمد وأمرت بحبسها 15 يوما على ذمة التحقيقات، وطلبت النيابة بإشراف المستشار محمد عبدالقادر، المحامى العام الأول لنيابات شمال الجيزة، تحريات المباحث النهائية حول الواقعة.