فى كشك من الزجاج يعزله عن صخب الشارع، تجده يجلس فى هدوء، يستمتع بتصميم بوكيهات الورد، التى يمثل كل منها لوحة فنية يغزلها بإحساسه. بينه وبين الزهور لغة خاصة، فهو يرى أن أى بوكيه صممه، أو سيارة قام بتزيينها، هى لوحة من إبداعاته، لدرجة أنه خلال سنوات قليلة أصبح أشهر محل ورد، ويتردد عليه وزراء وأعضاء مجلس الشعب، حتى الورود التى كانت تُرسل إلى الرئيس مبارك لتهنئته فى المناسبات المختلفة، كانت تُرسل بتوقيعه. «كريم أنور» يتفاخر بأن معظم سيارات أفراح أبناء الوزراء كانت من تصميمه، فسيارة زفاف ابنة رشيد محمد رشيد، زيّنها بنفسه، وكذلك سيارة زفاف بنت أخت حبيب العادلى، بالإضافة إلى سيارة ابن فتحى سرور «وش السعد» عليه، فقد حازت على إعجاب الجميع، ولفتت الانتباه إلى «كريم» وتلاها طلب العديد من الوزراء تزيين سيارات أفراح أولادهم. بوكيه الوزراء يأخذ منه وقتاً أطول: «ده بوكيه ملوكى وواجهة للمحل لازم أهتم بيه»، فأحياناً يستغرق أكثر من أربع ساعات لاختيار الزهور المناسبة، التى يستوردها من ماليزيا وهولندا، أما الألوان فمعظم الوزراء ورجال الأعمال يفضلون اللون الأبيض مع الأخضر، والشكل البيضاوى هو الأفضل بالنسبة لهم. كريم أنور يرى أن الله عوّضه بمحل الورد عن الظلم الذى عاناه على مدى حياته، بدءاً من فشله فى التعيين فى الجامعة، رغم حصوله على المركز الأول، أو عندما رفضت الحكومة إعطاءه أرضاً يستصلحها ضمن أراضى الشباب، حتى الشقة التى قدم طلباً لشرائها والزواج فيها لم يحصل عليها، بينما أقرانه، ممن يملكون الواسطة، حصلوا على شقق فى أرقى المناطق. رغم وجود معظم زبائن كريم الآن فى سجن طرة فإنه لا يقلق على رزقه: «الرزق بتاع ربنا، وسمعتى اللى هتجيب الزبون لغاية عندى».