رئيس الوزراء يتفقد مشروع "كتابك" الثقافى بقرية زاوية صقر بمحافظة البحيرة    وزير التموين: توافر كامل للسلع الأساسية ومدد الكفاية تفوق 6 أشهر    وزيرة البيئة تترأس الجلسة الختامية لخطة عمل البحر الأبيض المتوسط والثلاثون لإتفاقية برشلونة    بعد الضربات الإسرائيلية على إيران.. سعر الذهب اليوم في مصر يعود للارتفاع بمنتصف تعاملات اليوم "عالميا تجاوز 3400 دولار"    إزالة 654 حالة ضمن الموجة ال26 لإزالة التعديات ببنى سويف    رويترز: مقتل 3 من أفراد الحرس الثوري الإيراني في هجوم إسرائيلي على مدينة زنجان في شمال غرب البلاد    ما موقف حزب الله من حرب إسرائيل وإيران؟.. وكيف سيدعم طهران؟    الأهلي يفتتح مونديال الأندية بمواجهة رفقاء ميسي    هل نشهد تسريب لامتحانات الثانوية العامة 2025؟.. عروض «شاومينج» ورد «التعليم»| تحليل    من البراءة للسجن 10 سنوات.. الحكم على تاجر سلاح خزن الأسلحة داخل مطعم    القبض على شخص أطلق النيران على زوجتة بسبب رفضها العودة اليه بالمنيا    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    غدا..بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    فى اليوم العالمي للتبرع بالدم..محافظ المنيا يؤكد استمرار الحملة التي انطلقت منذ أبريل    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 146 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    وزير الري يؤكد توفير الاحتياجات المائية بمرونة خلال ذروة الصيف    انطلاق الملتقى العلمي الثاني ب"تجارة جامعة أسيوط"    استئناف نشاط منظومات الدفاع الجوي الإيراني في بعض المدن    خبراء: مصر آمنة وبعيدة عن الأعاصير.. وما يحدث بمدن السواحل الشمالية مجرد منخفضات جوية    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    ليكيب عن كأس العالم للأندية: مونديال كل النجوم    ب3 ملايين جنيه.. فيلم ريستارت يحتل المركز الثاني في منافسات شباك التذاكر    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    إليسا وآدم على موعد مع جمهور لبنان 12 يوليو المقبل    الإثنين.. العربي للطفولة يسلم الفائزين بجوائز "الملك عبد العزيز للبحوث العلمية"    "الحياة اليوم" يناقش آثار وتداعيات الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران    الضربات الإسرائيلية على إيران ترفع أسعار استخدام ناقلات النفط    البنك الدولي وشبكة المنافسة الدولية يمنحان مصر الجائزة الأولى عن سياسات المنافسة    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    مدبولي: لو معملناش حاجة في الزيارة غير خدمة بنتنا دي كفاية    السلع الغذائية العالمية تقفز بعد صراع إسرائيل وإيران ومخاوف من أزمة إمدادات    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    عمليات جراحية دقيقة تنقذ حياة طفلة وشاب بالدقهلية    من أضواء السينما إلى ظلال المرض.. تعرف على حياة زبيدة ثروت وصلتها بمي عز الدين    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    تصاعد مؤشرات الإنذار في محطة فوردو النووية بعد القصف الإسرائيلي.. هل هناك تلوث نووي؟    مدبولي: الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحقيق نقلة نوعية في حياة المواطنين    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    كرة اليد، مواعيد مباريات منتخب الشباب في بطولة العالم ببولندا    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    غدا.. بدء صرف مساعدات تكافل وكرامة للأسر الأولى بالرعاية عن شهر يونيو    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    افتتاح كأس العالم للأندية.. موعد والقنوات الناقلة لمباراة الأهلي وإنتر ميامي    غرائب «الدورس الخصوصية» في شهر الامتحانات    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    إعلام عبري: سقوط 4 صواريخ فى دان جوش والنقب والشفيلا    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تعيد نشر حوارها مع الدكتور علي السمان
نشر في الوطن يوم 03 - 08 - 2017

تعيد «الوطن» نشر حوارها مع الدكتور علي السمان رئيس الاتحاد الدولي لحوار الثقافات والأديان، والذي كانت نشرته للمرة الأولى في التاسع عشر من أغسطس في العام 2015.
وغيَّب الموت عن عالمنا، اليوم الخميس، الدكتور "السَّمان". وقالت مصادر مقربة من عائلة الدكتور علي السمان ل"الوطن"، إنَّ جثمان الفقيد سيصل إلى القاهرة يوم السبت المقبل قادمًا من العاصمة الفرنسية باريس.
----
«86 عاماً»، عاصر خلالها العصر الملكى، وثلاث ثورات، و7 رؤساء جمهورية، وشاهد تنظيم الإخوان فى بداياته، وانضم له فى عهد مؤسسه الأول حسن البنا، إلا أنه عندما علم باغتيال التنظيم الخاص ل«الخازندار» استقال على الفور.
الدكتور على السمان، رئيس الاتحاد الدولى لحوار الثقافات والأديان، قال فى حواره مع «الوطن»، إنه كان قريباً من «الهضيبى» مرشد الإخوان، وفى نفس الوقت شغل منصب المستشار الإعلامى للرئيس الراحل أنور السادات.
«السمان» قال إن إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة، فى عام واحد، وحفل افتتاحها، غيَّر من صورة مصر فى عيون العالم، وأجهض مخططات الإخوان للترويج السلبى ضد الدولة، وتصوير نظام الحكم فيها على أنه عسكرى، مؤكداً أن «السيسى» يشبه «السادات»، فكلاهما حساباته دقيقة، وارتجالهما فى مخاطبة الشعب جعلهما أقرب للمصريين.
وشدد «السمان» على حاجتنا لثورات عديدة لتجديد الخطاب الدينى، ولنشر الثقافة، ولتطوير التعليم، وللنهضة الصناعية وبدء التنمية، لافتاً إلى أن الدولة عندما فضت اعتصام الإخوان فى رابعة العدوية مارست حقها الطبيعى فى الحفاظ على النظام والأمن.. وإلى نص الحوار:

■ كيف رأيت احتفالات مصر بمشروع قناة السويس الجديدة، التى أنجزت فى عام واحد بأيدٍ مصرية؟
- أول ما لفت نظرى فى هذه الاحتفالات هو ارتفاع مستوى الأداء والإخراج غير العادى، ما أعطى عدة معانٍ فى وقت واحد، منها جمال الصور بكل معانيها، فى الجزء الأول من الاحتفال الخاص بالتقديم العسكرى، الذى كان منظماً بشكل كبير، استحق منا وقفة تقدير وإعجاب، إضافة إلى ضيوف الافتتاح الذى شهد حضور شخصيات على مستوى عالٍ، من قيادات وزعماء العالم، وهو ما كان بمثابة تحية لمصر وشعبها، وبالفعل لمن أنجزوا هذا العمل، بهذا الشكل المحترم، وللواء كامل الوزيرى، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فهو من وجهة نظرى شخصية تستحق التقدير، المشروع أكد للعالم أن مصر استطاعت تنفيذ مشروع قومى بهذا الحجم فى عام واحد، وليس ثلاثة أعوام، وهو يثبت أننا دولة تتمتع بكفاءات وأيدٍ عاملة ماهرة.
وأثناء الاحتفالات، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، توجهاته باستكمال الإجراءات المكملة لمشروع القناة الجديدة دون انتظار، استغلالاً للفرص ومنعاً لإضاعة الوقت.
■ لأى درجة ساهم الاحتفال بالقناة الجديدة بحضور رؤساء وملوك العديد من دول العالم فى تحسين صورة مصر فى الخارج؟
- بالتأكيد يجب ألا ننسى العالم الخارجى، وصورتنا الإيجابية أمامهم، ونقل رسالة مهمة عن مصر أننا دولة قادرة على الإنجاز والتنمية، ولدينا إرادة وعزيمة على البناء، وبنظام ودقة، خصوصاً أن المشروع كان هناك التفاف شعبى حوله، وتم تنفيذه بأموال مصرية، وهو ما ظهر جلياً فى احتفالات الشعب وفرحتهم ب«القناة»، وهناك نقطة مهمة، وهى أن الجماعات الإرهابية والمتربصين بمصر، لم ينجحوا فى تعكير فرحة المصريين بالافتتاح، رغم ما شهده من أحداث، وهذا بفضل مجهود القوات المسلحة والشرطة، ونجاحهما فى عمليات التأمين، ومنع أى عدوان والوقوف بالمرصاد لأية أعمال تخريبية من العناصر الإرهابية.
■ كيف رأيت ارتداء الرئيس عبدالفتاح السيسى ل«البدلة العسكرية» فى بداية الاحتفال، ثم للزى المدنى؟
- بالنسبة لارتدائه الزى العسكرى، على ظهر يخت المحروسة، فهو حقه كقائد عام للقوات المسلحة، فمن حقه ارتداء الزى العسكرى فى مناسبات معينة، وافتتاح قناة السويس الجديدة هو بحق مناسبة تاريخية من ناحية، وعسكرية من ناحية أخرى، لأن الجيش هو الذى شقها، وبالتالى كان لا بد للرئيس أن يحييه على دوره بارتداء الزى العسكرى، أما المشهد الثانى، الذى أطل علينا فيه الرئيس بالملابس المدنية، قبيل لقائه رؤساء وملوك العالم، فكان أيضاً ضرورياً ليقول لهم إنه أصبح رئيساً مدنياً لكل المصريين.
■ لكن البعض أخذ على «السيسى» ارتداءه الزى العسكرى، واستغل آخرون ذلك للقول بأن 30 يونيو انقلاب عسكرى؟
- هذا «تهريج»، لأن «السيسى» فى كل الأحوال هو القائد العام للقوات المسلحة، ومن يقولون إن زيه العسكرى دليل على أنه حاكم عسكرى، هم خصومنا الذين يروجون لذلك على الساحة الدولية، ويقولون إن مصر ليست دولة مدنية، وبالتالى تبدأ «الحدوتة» المكررة، عن أن نظامنا ليس ديمقراطياً وما إلى ذلك.
■ من وجهة نظرك هل الحكم فى مصر الآن مدنى أم عسكرى؟
- فى رأيى نظام الحكم مدنى بلا خلاف، والجزء العسكرى فيه مرتبط بحماية الأمن القومى، إذا تنازلنا عنه، تنازلنا عن حماية أنفسنا.
■ بالنظر سريعاً لرؤساء مصر السابقين سنجدهم جميعاً من المؤسسة العسكرية عدا محمد مرسى الرئيس المعزول الذى لم يكمل فى الحكم سوى عام، هل مصر لا يصلح معها رئيس مدنى؟
- أريد أن أصحح نقاطاً تاريخية، وهى أن الجزء العسكرى بعد ثورة 23 يوليو، كان وقت مجلس قيادة الثورة فقط، وهو ما لم يستمر طويلاً، وفى عام 1954 تغير الأمر وأصبح الحكم مدنياً بمعناه المعروف، فالرئيس الرحل جمال عبدالناصر، كان لا يرتدى إلا الزى المدنى، عموماً مدنى أو عسكرى ليست هذه هى القضية، وإنما القضية هى مدنية طريقة الإدارة والفكر، مدنية القوانين التى يستعين بها، وبعد «ناصر» جاء الرئيس أنور السادات، لم يكن إطلاقاً حكماً عسكرياً، والمرات التى ارتدى فيها «السادات» الملابس العسكرية معدودة، عندما ذهب لإعادة افتتاح القناة، وفى ذكرى أكتوبر، وفى غير ذلك كان زيه مدنياً، وأيضاً ليست المدنية والعسكرية بالزى، فقد عملت مع «السادات» مستشاراً إعلامياً فترة من حكمه، ولم أشعر أن تصرفاته معنا كانت نابعة من كونه قائداً عسكرياً، وإنما كان رئيساً مدنياً يناقش ويتفاهم.
■ هناك من يرى «السيسى» شبيهاً بالرئيس الراحل أنور السادات، ومن هؤلاء قرينة الرئيس الراحل جيهان السادات، هل توافقها؟
- هى تقصد أن حسابات «السيسى» مضبوطة، كما كانت حسابات السادات دقيقة، كما ترى فى كلمات الرئيس الحالى للجمهور نوعاً من اللباقة، وأنه يزن كلامه جيداً قبل أن ينطقه، هذه نقاط مشتركة بين الرئيسين.
■ وهل ثمة شبه بين «السيسى» والرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟
- الرئيس عبدالناصر فى البداية كان يقرأ ما يُكتب، ويغلب على خطاباته الطابع الرسمى، لكنه تغير بعد ذلك، وأصبح يرتجل خطاباته، فقد أراد أن يكون رئيساً شعبياً، قريباً من الشعب من لغته، مرتجلاً فى حديثه إليه، وكان أول خطاب ارتجله «ناصر» يوم أن ذهب إلى الأزهر فى حرب 1956، وتحدث عن المقاومة، وكان خطاباً تاريخياً، وكان الخطاب التالى عندما أعلن تأميم قناة السويس.
■ عاصرت 3 ثورات هى 23 يوليو، و25 يناير، و30 يونيو، أى منها تراها ثورة شعبية؟
- هى ثلاث ثورات، بثلاثة اعتبارات وظروف مختلفة، فثورة 52، بدأها ضباط الجيش، الذين شكلوا مجلساً لقيادتها، ثم التف الشعب حولها، وأيدها منذ البداية، لا خلاف على ذلك، فيما قامت 25 يناير لرفض نظام حسنى مبارك، ومشكلتها أن بعض القوى الشبابية أرادت تنفيذ ما هى مقتنعة به فقط، أما 30 يونيو فلا خلاف عليها، وأنا أسميها ثورة الإنقاذ، حيث أنقذت الشعب من سيطرة حكم الإخوان، وانضمت لها ملايين الجماهير هى التى طالبت الجيش بالنزول.
■ كيف ترى المشهد السياسى بعد مرور عامين على ثورة 30 يونيو؟
- فى كل الأحوال، 30 يونيو شهدت أعلى دور للأداء الشعبى، وما كنت أتعجب له هو النقد العالى والظالم لها من القوى الخارجية، التى تصرفت وكأنها لم تر فى شوارع مصر 30 مليوناً، خرجوا ليس فقط للمطالبة بتغيير حُكم الإخوان، وإنما لعزل «مرسى»، وهذه الجماهير هى من أمرت لأول مرة فى تاريخ مصر، الجيش بالنزول، وهو نادراً ما يحدث، وبالفعل استجاب الرئيس السيسى، وزير الدفاع وقتها، لنداء الشعب، ما أريد أن أقوله أن الناس لن ينسوا هذا الرجل «عبدالفتاح السيسى»، ويعلم الله أنه أدى النصيحة إلى «مرسى»، وحاول كثيراً معه بلغة العقل، إلا أن المعزول الذى كان يتلقى الأوامر والتعليمات من مكتب إرشاد الإخوان لم يستجب للعقل، وخضع لجماعته وكانت النتيجة خيبة أمل كبيرة لنظام الإخوان.
■ ولماذا فشل تنظيم الإخوان فى الحكم من وجهة نظرك؟
- سبق أن قلت فى لقاء تليفزيونى، خلال حكم الإخوان، إن نظامهم ليس لديه القدرة على قيادة الدولة، أو الاستجابة للغة العقل، وأن اللغة السائدة فقط هى استجابة الرئاسة لجماعة الإخوان، فما يأمر به الإرشاد تستجيب له الرئاسة، ومن أسباب فشلهم كذلك أن نظام الإخوان حاول هدم مؤسسات أصيلة فى الدولة مثل القضاء، والجيش، والشرطة، وكان من ذلك معركتهم مع النائب العام الذى أقالوه وأتوا بآخر، وكان الإخوان يعتقدون أنهم قادرون على حكم الدولة بالقوة والسلاح.
■ هل اختلف الإخوان فى عهد حسن البنا عن إخوان العصر الحديث؟
- يُقال إنه لا يوجد ثمة اختلاف كبير، ولكن بالنسبة لى يوجد خلاف بالطبع، ففى عهد «البنا» كانت هناك قيادات عاقلة، وقيادات «مستقوية»، لكن هذا لا يمنع أنه فى عهده وقعت اغتيالات، وكان هناك تنظيم سرى تحكمه مجموعة تخطط لعمليات الاغتيال، وأُصارحك بأننى كنت عضواً فى الجماعة، من أولى ثانوى، حتى خامسة ثانوى، وفى هذا العام كنت أتصفح الجريدة، فوجدت خبراً عن اغتيال المستشار الخازندار، فاستقلت فوراً، وعلى الرغم من أن حسن البنا كان إنساناً، وكثيراً ما سمعته فى خطاباته يتميز بالعقلانية، إلا أنه كانت هناك ازدواجية سُلطة فى الجماعة، وكان إلى جانب الدعوة ما يُسمى بالتنظيم السرى، وفى عهد المستشار حسن الهضيبى مرشد الإخوان كان الأمر مختلفاً، وأنا شخصياً أحترم هذا الرجل، وأذكر أنه اجتمع فى يوم وعبدالرحمن السندى وكان يرأس التنظيم السرى أو الخاص للإخوان، وكنت معه فى «المندرة» بالإسكندرية، وعندما حضر «السندى» ووجدت أنهما سيتحدثان فى السياسة، حاولت المغادرة، إلا أن «الهضيبى» طلب منى الجلوس، وسأل «السندى»، قائلاً: «باعتبارى جاى جديد رئيساً لجماعة الإخوان، تسمح تشرح لى التنظيم السرى ده حكايته إيه؟»، وبالطبع أخبره السندى» عن الوجه الطيب والإيجابى لهذا التنظيم السرى، واستمع له «الهضيبى»، فى صمت كامل، وبعد انتهائه قال له كلاماً فاجأنى: «ولما التنظيم بهذا الوجه الطيب، لماذا لا ندخل جميعاً فيه»، ولم يمض بعدها سوى أسبوعين، وكان «السندى» أرسل أحد رجاله، فاغتال أحد المقربين من «الهضيبى»، وكأنها رسالة له ألا يتعدى خط التنظيم السرى ولا يحاول فتح بابه أمام الجميع.
■ بعد أكثر من عامين على فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، هل تعامل الأمن مع المعتصمين بعنف؟
- أرى أن دور الدولة هو حفظ النظام، وليس الإهمال والتقصير والتسامح، فحفظ الأمن والنظام لا تسامح فيه، واعتصام رابعة لو استمر على حاله أسابيع أخرى، لانهار كل شىء، ولكانت مشاكله عظيمة، وكان لا بد من رد فعل قوى، ومع ذلك صبرت الدولة طويلاً عليه، وعلى تخريب الإخوان لميدان رابعة ومحيطه، حتى اضطرت الحكومة للتحرك، وكان لا بد من موقف صارم، ونفس الأمر فى الحرس الجمهورى، مصر لا بد أن تظل دولة، كما كانت على مدار تاريخها، دعك من عبارة «دولة عسكرية»، فنحن دولة لها نظام ولها أسس ولها احترامها، نحن دولة فيها «ضبط وربط».
■ كيف ترى استقالة الدكتور محمد البرادعى من منصبه كنائب للرئيس اعتراضاً على فض «رابعة»؟
- للأسف قرأتها بأنها «خيبة»، لأن «البرادعى» كنائب للرئيس، يُعد جزءاً من مؤسسة الحكم، وعندما يجد أن هذا الاعتصام يعتدى على مؤسسات الحكم، ويتحداه، كان عليه أن يقول «لا»، ويؤكد ضرورة احترام الدولة، إلا أنه ذهب لخط آخر، ووصف ما حدث بأنه اعتداء على حرية الجماهير، و«خد بعضه ومشى».
■ كيف ترى مبادرات المصالحة مع الإخوان التى يخرج بها علينا البعض كل فترة؟
- أولاً المصالحة حتى تتم، يجب أن يقدم الإخوان اعتذاراً لهذا الشعب، ويعلنوا الأسباب التى دفعتهم للاعتداء على الناس ومحاربة الدولة، ثانياً أن يستجيبوا لما قاله بعض العقلاء بينهم بالابتعاد عن العنف ونبذ التطرف والاغتيالات، كل هذا يجب أن ينسوه بالكامل، وإلا ستظل المعارك مستمرة بينهم والأجهزة الأمنية، وأنا أرى أن الإخوان لم يتركوا العنف حتى يعودوا إليه فى الأساس، والإرهاب مسئولية من نظموهم، ومن سلحوهم، ومن أنفقوا عليهم المال.
■ لماذا تدعم قطر الإخوان؟
- باختصار شديد، قطر دولة صغيرة بالغة الصغر، وتريد أن تلعب دوراً كبيراً، وهى تبحث لها حلفاء، وكان الإخوان، هم الحليف الأول، والثانى كان تركيا، فقد رأت أنها مع هذين الحليفين تستطيع أن تحصل على دور قوى ومميز.
■ كيف ترى حديث الرئيس السيسى عن حاجتنا لثورة دينية؟
- كان يجلس معى صديقى الشيخ أسامة الأزهرى، وتحدثنا معاً فى هذا الشأن، وقلت إن الرئيس السيسى يقصد إعادة صياغة الخطاب الدينى، بحيث يُعطى معنى السماحة، والنصح بالخير فقط، دون تشدد أو تطرف، وأرى أن خطابنا الدينى يحتاج بالفعل إلى كثير من التجديد والوعى، وإعادة صياغة بشكل يزيد من رغبة الناس فى الاستماع له، فليس كل خطاب دينى أنت قادر على الإنصات له.
■ وهل للمثقفين دور فى هذا الموضوع، أم يجب الاكتفاء بالمؤسسات الدينية فقط؟
- فى المؤسسات الدينية، الكثير من الشخصيات المثقفة والواعية.
■ ماذا يقصد بحوار الأديان؟
- يقصد به أن تستمع لى وأستمع لك، وأن أفهم لغتك وتفهم لغتى، والحوار فى نهاية الأمر، يقصد به أن نعيش معاً فى أمان وسلام.
■ ولكن للأسف هذا الكلام لا نتائج له على أرض الواقع، والأمر تحول إلى مجرد «كلام وحوار» غير مطبق؟
- أعترف بأن حوار الأديان دائماً ما كان ينقصه شىء أساسى، هو ضرورة إدخال طبقات كثيرة من الشعب فى هذا الحوار، أما أن يكون الحوار، مقصوراً على النخبة فقط، يجعله فى النهاية لا يؤدى دوره بنجاح.
■ لماذا نتحدث حتى الآن عن حوار للأديان، وما زلنا متوقفين عند هذه النقطة، دون أن ننتقل لحوار الثقافات؟
- عندما أقمت فى عام 1998 مؤسسة حوار الأديان، كانت خاصة بهذا الشأن فقط، وبعد فترة جمعت أعضاء الجمعية العمومية، وطلبت منهم أن تكون المؤسسة لحوار الثقافات والأديان، وأذكر أننى تمسكت بأن تسبق كلمة الثقافات الأديان، إيماناً بأنه حوار الثقافات يعطى فرصة أكبر لنجاح حوار الأديان.
■ هل الحادث الإرهابى الذى استهدف مجلة «شارل إيبدو» الفرنسية نتيجة لخلاف الثقافات؟
- هو حادث إرهابى بمعنى الكلمة.
■ عندما تطرح كلمة «العلمانية» فى المنطقة العربية تكون ترجمتها «الكفر والإلحاد»، لماذا؟
- المشكلة فى الأصل، صياغة الكلمة نفسها بصورة خاطئة، فكلمة «علمانى» سبب اللبس وتداخلها مع «الإلحاد»، بينما الفكر العلمى نفسه ليست فيه أى إشكالية، لكن الخطورة تكمن فى ترك الكلمات تختلط فيما بينها دون تحديد معانيها.
■ الرئيس السيسى فى حديث له أكد أنه لا يخشى على الشباب من الإلحاد، لكنه يخشى عليهم من التطرف، ما تعليقك؟
- وجهة نظر تحترم، خصوصاً أن التطرف أمر خطير، والسيسى حقه كرجل دولة أن يتخوف من خطورته، لكن الإلحاد أيضاً يجعل مجموعات أخرى تتطرف بشكل آخر، فالتطرف ببساطة شديدة، هو رفض الآخر، وفى تلك الحالة لن تتعاون معه أو تستمع إليه وستلجأ يوماً ما إلى العنف للرد عليه.
■ وكيف نواجه التطرف؟
- هذا يحتاج لمجهود كبير ووقت طويل، وفرض ثقافة الحوار وثقافة الكلمة، والإيمان بثوابت أولها احترام الآخر.
■ كيف تحول سيد قطب من لغة الأدب، إلى لغة التكفير والعنف؟
- مع احترامى، سيد قطب كان فى التطرف من البداية إلى النهاية حتى عندما كان فى اتجاه الأدب.
■ متى يتخلى الإخوان عن العنف؟
- من الصعب تخيل وقت زمنى لذلك، وقد يحدث ذلك عندما تدخل بينهم مجموعة من العقلاء يدعون إلى لغة مختلفة، لكن إلى الآن لا توجد مؤشرات على ذلك.
■ هل ترى أن حزب النور تعلم الدرس من تجربة الإخوان الفاشلة، أم أنه سيسعى للسلطة مثلهم؟
- المفروض أن السلفيين تعلموا الدرس بالفعل، ولغة العقل تقول ذلك، وحتى الآن بالنظر لمواقفه يمكننا القول بأنه عاقل.
■ كيف تقرأ مستقبل الإسلام السياسى؟
- أنا لا أؤمن بعبارة الإسلام السياسى، هناك سياسة وهناك إسلام، وحينما يختلط الاثنان، سيخسر الطرفان بالتأكيد، وبالتالى عندما يسألنى أحد عن مستقبل الإسلام السياسى، أؤكد أننى لا أؤمن به، لكن إن أراد الإسلاميون السياسة فليختاروا طريق السماحة والاعتدال، ويتنازلوا عن العنف والإرهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.