إلى شيخنا القرضاوى اعتزل.. فالمعتزلون هم الفائزون يا شيخنا.. الإسلام يُحرّم القتل إلا بالحق، ومن قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيْعاً»، فما حُكم الشرع فيمن جاء بالمقتول لقتال بغير حق؟ وما رأيك فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار)، فهل كل قتلانا وقتلاهم فى النار؟ يا شيخنا.. النووى يشرح فى صحيح مسلم.. «قال العلماء إن عليا كان مُحقاً ومُصيباً فى قتال معاوية.. ومعاوية الطائفة الباغية لكنهم مجتهدون فلا إثم عليهم».. فمَن شهيد الحق، ومن مقتول الباطل، ومن سيدخل الجنة، ومن سيدخل النار؟ فهل تعتزل الفتنة يا سيدى كما اعتزلها كثيرٌ من الصحابة.. «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ». يقول سعد بن أبى وقاص حين اعتزل الفتنة: «والله لا أخرج لقتال المسلمين إلا إذا أعطيتمونى سيفاً له عينان بصيرتان ولسان ينطق بالكافر فأقتله وبالمؤمن فأكُف عنه»، وسيفك يا شيخنا ليس بصيراً ولم ينطق بالحق حين قتلوا شهداء الاتحادية بعد تعذيبهم، ولم ينطق سيفك حين هاجمت جحافل إخوانك العُزل من أبناء بين السرايات والمنيل وقتلت منهم العشرات. يا شيخنا.. هم يقولون ربنا الله.. ونقولها أيضاً.. هم يُصلون.. ونحن نُصلى.. لكنهم بعد صلاتهم يُعذبون أسراهم فى رابعة ويسحلون المعارضين لهم ويقيمون حدوداً لشبهة ودون بيّنة ثم يرمون الأبرياء على قارعة الطريق. يا شيخنا.. أبوالعالية حين جهز نفسه ليقاتل فى صفوف علىّ ضد طلحة والزبير ووطئت قدماه أرض المعركة قال: فإذا بصفين ما يُرى طرفاهما إذا كبّر هؤلاء.. كبّر هؤلاء، وإذا هلل هؤلاء.. هلل هؤلاء، وإذا صلى هؤلاء.. صلى هؤلاء، فقلت حديث النبى صلى الله عليه وسلم: (سلامة الرجل فى الفتنة أن يلزم بيته)». فالزم يا سيدى واعتزل إذا كان سيفك لا يرى الحق. اسألهم يا شيخنا عن ترسانة الأسلحة فى رابعة العدوية وكيف تدخل المدافع ملفوفة فى علم الوطن المذبوح على أيدى إخوانك، اسألهم عن سجون التعذيب والتنكيل والاحتجاز لمن يحاول أن يعود إلى بيته أو يعترض على تضليلهم أو الخروج عليهم، اسألهم عن قناصة حماس التى تقتل من جاءوا بهم لقتال من على أسطح المنازل المحيطة برابعة من الخلف وهم فى طوابير الجهاد لاستعداء العالم علينا وتصويرهم لحظة احتضارهم قبل إسعافهم إذا بقى منهم على قيد الحياة قتيل، وكم يتقاضى القاتل من أموال وزكاة المسلمين عن قتل قتلاهم. اسألهم عن قتلى عهد محمد مرسى فى سيناء حين قتل التكفيريون الذين أفرج عنهم مرسى جنودنا البسطاء غدراً وخسة أثناء تناولهم طعام إفطارهم. اسأل يا سيدى عن شيخ أباح للإسلاميين التكفيريين حرب الطاغية بشار وتركوا نساء سوريا يتسولون فى الطرقات ويجاهدون فى رابعة جهاد النكاح، هو نفس الشيخ الذى حرّم من قبل دخول المرأة غير المسلمة لديار المسلمين لتعليم أطفالهم وأباح دخول الأمريكان إلى أرض المسلمين لقتل أطفال العراق، ليتهم تركوا أطفال العراق تحت ظلم صدام، وتركوا نساء سوريا تحت ظلم الطاغية بدلاً من سوق نخاستكم الناعم الوثير. وأخيراً.. اسمع للحجاج الطاغية حين يقول لمطرق بن الأشعث لاعتزاله الفتنة: اشهد على نفسك بالكفر، فيرد عليه: «الكافر من شق عصا الطاعة، وسفك الدماء، وأخاف المسلمين، وروّع الآمنين»، فهتف الحجاج: يا أهل الشام إن المعتزلين هم الفائزون. اعتزل يا شيخنا ولا تستعدِ علينا الظالمين بظلمهم من كل حدب وصوب حتى بنجلاديش، وادعُ لهم ولنا أن تنكشف الغمة واخفض علينا جناح الرحمة، وارفع عن البسطاء آلامهم من مخزون مالك الوفير الذى ترتع فيه، وادعُ لإخوانك سُبل الرشاد حتى يعودا إلى حضن الوطن الحانى على الجميع. واترك شيخنا الطيب الجليل بهامته التى تتضاءل بجوارها هامات كثيره ويغار منه ومن أدبه وعلمه وحب المصريين له مسيحيين ومسلمين. اعلم يا سيدى أن الله «غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ».