«إما أن نحكم مصر أو ندمرها، فلا يعثر فيها حاكم على ملامح دولة، ولا يهنأ فيها شعب باستقرار أو أمان». هذا هو القرار الذى اتخذه التنظيم الدولى للإخوان منذ اللحظة الأولى التى وصل فيها الإخوان إلى الحكم فى مصر، ولعل ملايين المصريين يتذكرون الآن متى انطلقت مقولة «مصر لن يعيش لها رئيس إذا سقط مرسى»، وكيف تحولت هذه المقولة إلى تهديد واضح وصريح بتخريب الوطن كله وتحويله إلى «صومال» جديد إذا سقط «مرسى» قبل أن يُتم دورته الرئاسية الأولى. لقد بدأت هذه المقولة تتردد على ألسنة أعضاء الإخوان وبعض أعضاء التيارات السلفية والجهادية أثناء حصار الثوار لقصر الاتحادية أواخر عام 2012، ثم أثناء المظاهرات الحاشدة التى لم تتوقف يوماً واحداً عن حصار مقرات الجماعة وحزبها السياسى فى العاصمة والمحافظات، وظلت تهتف دون انقطاع: «يسقط يسقط حكم المرشد». وذات مرة كنت أتناقش مع زميل عزيز ينتمى إلى هذه «الجماعة البغيضة»، وسألته عن مغزى هذه المقولة التى أسمعها منهم كثيراً كلما تصاعدت الكراهية ضد الإخوان ومندوبهم فى الرئاسة ومرشدهم، فأجابنى بأن المغزى لا يحتاج إلى توضيح لأنه واضح جداً: «مصر لن يعيش لها رئيس فعلاً إذا سقط محمد مرسى قبل إكمال مدته القانونية».. وحاولت أن أفهم أكثر فسألته مباشرة: ماذا لو خرج الشعب كله مطالباً «مرسى» بالتنحى؟ فأجابنى: انتهى زمن سقوط الرئيس بالمظاهرات أو الحشود فى الميادين.. نحن الآن فى زمن الشرعية، والرئيس جاء بالصندوق ولن يرحل إلا بالصندوق. مرة أخرى كنت أتناقش مع «إخوانى» من القيادات الوسيطة فى الجيزة، فإذا به يقول متباهياً وفى بساطة مذهلة: «محمد مرسى سيقضى فى الحكم فترتين وليس فترة واحدة.. والرئيس الذى سيأتى بعده ولمدة مائة عام سيكون إخوانياً بإذن الله». على مدى عام كامل من حكم «مرسى» كانت الكراهية لحكمه ولشخصه ولجماعته تتصاعد بسرعة مذهلة، كان الإخوان على الجانب الآخر يلهثون لإنهاء مشروع التمكين قبل أن يفيق الشعب ويمسك بهم متلبسين بتقويض وتدمير كل مقومات الدولة، وعندما بدأت حملة «تمرد» تجمع توقيعات المواطنين على إنهاء حكم «مرسى»، وأصبح واضحاً أن الشرعية السياسية والأخلاقية لهذا الحكم الإخوانى البغيض قد تآكلت تماماً، لم يفعل الإخوان شيئاً غير أنهم تشبثوا ب«الصندوق» وليس غيره، كوسيلة وحيدة للتغيير، وهم واثقون من أنهم خلال أقل من عام آخر فى الحكم سينتهون من تجريف القضاء والإتيان بمجرمين من جماعتهم يجلسون على منصات القضاء ويحكمون فينا بما أنزل التنظيم الدولى لهذه الجماعة التى تستحل الكفر والكذب والقتل والاغتصاب والتزوير طالما رأت أنه فى صالح الجماعة. والمحصلة أن هذه الجماعة التى استخدمت الديمقراطية للوصول إلى الحكم كانت تلهث وبأقصى ما يمكنها من قدرة على التلفيق والكذب والاستغفال والإرهاب، لتجريف كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء والأزهر والجيش، لتنهى بذلك مرة واحدة، وإلى مائة عام، أى إمكانية لتداول السلطة لا بالصندوق ولا بغير الصندوق. بعد الإطاحة بالرئيس الإخوانى بدأ التنظيم الدولى فى تنفيذ تهديده: لا بد من تحويل مصر إلى خرابة. ولهذا جاء قرار القوات المسلحة المصرية بطلب التفويض مرة أخرى من الشعب للتصدى لهذا المخطط الإجرامى.. وأمس خرج الملايين لتفويض الجيش.. لتبدأ مرحلة فارقة فى تاريخ مصر.. مرحلة لن تكون سهلة، لكن المؤكد أنها ستنتهى بتخليص العالم الإسلامى كله من هذا التنظيم الإجرامى الذى وضع كل قوته فى خدمة المشروع الاستعمارى الأمريكى بالمنطقة.