جاء الموسم الدرامى فى رمضان هذا العام ليحمل الكثير من المفاجآت التى أصبح من الواضح أنها تبشر بتغيرات جذرية فى خريطة الدراما التليفزيونية وملامح السباق الرمضانى خلال الأعوام المقبلة، فللمرة الأولى نرى ارتفاع نسبة المشاهدة فى أعمال النجوم الشباب بفارق كبير عن نجوم الدراما الكبار الذين اعتاد جمهور رمضان عليهم بشكل فرض الكثير من التساؤلات حول مستقبل الخريطة الدرامية، وما قد يعتريها من تغيير فى بورصة النجوم خلال المواسم المقبلة. يقول الكاتب بشير الديك: «أعتقد أنه فى ظل سياق عام من التغيير يمر به المجتمع والشخصية المصرية، لا بد أن يصل التغيير للمعادلة الفنية بكل مفرداتها سواء فى السينما أو التليفزيون أو الغناء، وفيما يتعلق بالدراما التليفزيونية بات من الواضح فيها خلال العامين الماضيين وجود حس شبابى مختلف ومميز بجرأة فى تناول الموضوعات والأفكار، وفى مفردات الإخراج نفسه، واقترن ذلك بالنجوم الشباب أكثر من الكبار الذين اعتاد عليهم المشاهد على مدار السنوات السابقة، والأصل فى تميز مسلسلات الشباب يرجع لاعتمادها على عناصر شابة وجريئة فى الكتابة والإخراج فى المقام الأول قبل النجوم أنفسهم، فالكتاب الشباب لديهم رغبة فى اللحاق بالواقع المتحرك وكسر تابوهات قديمة على مستوى الموضوعات، مثل «نيران صديقة» و«آسيا» وغيرهما، وفى نفس الوقت اقتحام مناطق جديدة على مستوى التنفيذ والإخراج مثل مسلسل «اسم مؤقت» للمخرج أحمد نادر جلال، الذى قدم من خلاله جرعة كبيرة من مشاهد الأكشن التى نفذت بطريقة سينمائية غير مسبوقة فى الدراما التليفزيونية، وإن كان إنتاج الشباب لم يصل بعد لدرجة النضج الذى نطمح له، أما النجوم الكبار فلا بد أن تتوافر لديهم الرغبة فى التغيير من خلال الاعتماد على المخرجين والكتاب الشباب الذين يملكون الجرأة والطموح والرغبة فى التجديد، وإلا فلن يكتب لهم الاستمرار فى سوق الدراما التليفزيونية». ويتفق معه فى الرأى الناقد عصام زكريا حيث يقول: «كل الظروف حالياً مهيأة لإحداث تغيير جذرى فى شكل الفنون كلها فى مصر، فلا يعقل أن تشهد البلاد كل هذه الموجات من التغيير ولا يصل ذلك للدراما وخريطتها، فبجانب وجود موضوعات ونجوم وعناصر فنية شابة تعبر عن موضوعات وأحاسيس مختلفة، فإن هناك أيضاً حالة من الملل لدى المشاهد من الوجوه القديمة فى كل المجالات، خاصة أنهم لا يزالون يصرون على إعادة إنتاج أنفسهم وتكرار أعمالهم من عام لآخر، مثل نور الشريف وإلهام شاهين وعادل إمام ويسرا وغيرهم، وبالتالى أصبح الاستقبال لهم فاتراً، وأعتقد أن القائمين على الفضائيات وشركات الإعلان سيلمسون ذلك بشكل قوى من خلال الإحصائيات التى توضح نسب المشاهدة، والتى باتت متأثرة بالنجوم الشباب إلا فى حالات قليلة قد تشمل يحيى الفخرانى وليلى علوى فى بعض الأحيان ربما لامتلاكهما فكراً شبابياً بعض الشىء فى اختياراتهما وأفكارهما، ثم إن التليفزيون محافظ بطبيعته، واستجابته للتغيير تكون بطيئة فى المعتاد، ولكن فى لحظة معينة أتصور أنها قريبة ستكون الأولوية للموضوع الجرىء، وإذا لم يستجب النجوم الكبار لمفردات ذلك التغيير وظلوا أسرى لنجاحاتهم السابقة فلن يجدوا مكاناً لهم على خريطة المستقبل، ودون أن نذكر أسماء بعينها ستزداد فى السنوات المقبلة مساحة وجود النجوم الشباب الأكثر تجديداً فى الفكر والأسلوب والشكل». أما المنتج طارق الجناينى فيقول: «أتصور أن التغيير فى الفترة المقبلة سيشمل الموضوعات والأفكار التى ستقدم وليس أسماء النجوم، وأعتقد أن النجوم الكبار قادرون على تجديد أفكار أعمالهم وموضوعاتها كرد فعل واستجابة للواقع الحالى الذى وضع نجوماً من الشباب فى صدارة المشهد الدرامى بسبب موضوعاتهم وأفكارهم الجريئة والمتنوعة التى قدموها فى أعمالهم، ومن هؤلاء نور الشريف ويحيى الفخرانى ويسرا، الذين لا أتصور أن الجمهور يستطيع أن يتقبل موسم الدراما دونهم، ولكن سيظل هذا التغيير مرهوناً بالموسم الدرامى ومدى ثباته فى رمضان أو تحريكه خارج هذا الشهر، وهذا الأمر بات حتمياً خلال السنوات المقبلة».