قال الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً» (الأحزاب: 56). فى الصحيحين من حديث ابن عباس -رضى الله عنهما- قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء فقال: «ما هذا اليوم الذى تصومون؟»، قالوا: هذا يوم صالح؛ هذا يوم نجى الله -عز وجل- فيه بنى إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى -عليه السلام- فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أنا أحق بموسى منكم»؛ فصامه وأمر بصومه. وفى الصحيحين عن ابن عباس -رضى الله عنهما- قال: «ما رأيت النبى -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يومٍ فضله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء وهذا الشهر يعنى شهر رمضان». وروى مسلم فى صحيحه أن النبى -صلى الله عليه وسلم-قال: «صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله». وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة، والله ذو الفضل العظيم. قال الشافعى وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون: يستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً؛ لأن النبى -صلى الله عليه وسلم- صام العاشر، ونوى صيام التاسع. وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وعليه أكثر الأحاديث، وأكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم. بقى التنبيه إلى أنه ليس من الإسلام فى شىء ما تفعله بعض الفرق الضالة من مظاهر الغلو فى الاحتفاء بيوم عاشوراء؛ إذ لم يثبت من هدى السلف أنهم كانوا يعظمون هذا اليوم بغير الصيام اقتداء بالسنة النبوية.