ما بين اليمين واليسار يطل «الوسط» بوجهه.. وما بين الأحزاب المؤيدة والمعارضة يظهر حزب الكنبة كعنصر ثالث بينها، وبين قوة حكم العسكر والاستحواذ الإخوانى بدأت مجموعة من القوى والأحزاب السياسية تأسيس ما يُعرف ب«التيار الثالث»، بهدف توحيد صفوفها للحرص على إقامة الدولة المدنية لتحقيق مبادئ الثورة المتمثلة فى (عيش - حرية - عدالة اجتماعية)، ومن ناحية أخرى لمواجهة الدور السياسى المتزايد للحركة الإسلامية. لفظ التيار الثالث هو نفسه ما يُطلق عليه الوسطية، وفقاً ل«صلاح عيسى» (الكاتب والمؤرخ)، فالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان يعتبر نفسه من «الطرف الثالث» الذى لا ينحاز لقوى اليمين التى كانت تتمثل فى «الرأسمالية» والتى ارتدت عباءة الملكية، أو قوى اليسار التى تعبر عنها الأحزاب الشيوعية، وبعد عام 1961 جنح «عبد الناصر» يساراً وفقاً ل«عيسى» الذى يتابع بقوله: «وقت تجميع حركة الضباط الأحرار حرص على اقتناص ضباط الجيش بكافة أطيافهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار للتعبئة والحشد للثورة، ثم جنح بفكره إلى اليسار، وظهر الفكر الاشتراكى.. الذى اكتسب لقب التيار الثالث». لكل عصر تيار ثالث يصاحبه.. ويضيف الكاتب الصحفى: «عندما تسلم السادات مقاليد الرئاسة، خلفاً لعبد الناصر، كان مُنقسما بين تيارين، أكثرهما انتشارا وقوة التيار الناصرى الذى لا يزال رافعا شعاراته، القومية الحرية والوحدة، أما التيار الثانى فكان الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسى، وهو التيار الذى قمعته الناصرية، ولم يكن أمام «الرئيس المؤمن» سوى إيجاد التيار الثالث الذى كان متمثلا فى الاتحاد الاشتراكى العربى، وبعد فشل التجربة قرر تأسيس الحزب الوطنى الديمقراطى ليسير على درب الأحزاب الاشتراكية فى أوروبا الشرقية فقام بزيارة القدس وعقد اتفاق السلام مع إسرائيل، ليمثل الإخوان المسلمون بالنسبة ل«السادات» اليسار بينما تتمثل قوى اليمين فى الأحزاب السياسية المتعددة التى ظهرت بقوة على الساحة. فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، لم يظهر التيار الثالث حيث تم قمعه بعد سطوة ونفوذ الحزب الوطنى (المنحل) وضعف الأحزاب الأخرى، بينما ظلت جماعة الإخوان المسلمين على يسار قرارات الحكومة وإن لم تؤثر معارضتها فى أى شىء.. يرى الكاتب الصحفى الوضع الحالى: «ظهرت قوة العسكر والإخوان، وبعد النفوذ الإسلامى على مؤسسات الدولة.. ظهر التيار الثالث بتشكيل بعض القوى الليبرالية واليسارية فى محاولة للبحث عن الدولة المدنية وللحد من النفوذ الإسلامى».