ما زلنا ننتظر بياناً ل«طنطاوى» ينهى به الجدل حول «صراع الرئاسة».. وأظن أنه سيفعل لأنه ليس أقل من «سوار الذهب».. والمشير عبدالرحمن محمد حسن، سوار الذهب كما يعرفه الكثيرون، هو الذى تسلم السلطة فى السوادان بصفته أعلى قادة الجيش، أثناء انتفاضة أبريل 1985، ضد الرئيس الراحل جعفر نميرى، ما يشبه ما حدث مع المشير محمد حسين طنطاوى الذى تسلم السلطة بعد ثورة يناير 2011 ضد الرئيس المخلوع حسنى مبارك. ففى انتفاضة السودان التى تفجرت ضد الفساد والديكتاتورية وغياب الحريات والعدالة الاجتماعية قررت القوات المسلحة السودانية، بالإجماع، أن تقف إلى جانب الشعب، وأصبح سوار الذهب رئيسا للمجلس العسكرى الأعلى الانتقالى، وفى مصر، وخلال الثورة التى اندلعت ضد مبارك للأسباب نفسها، قررت القوات المسلحة، بالإجماع، أن تقف إلى جانب الشعب، وأصبح طنطاوى رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. ولم يكن هذا هو وجه التشابه الوحيد، فهناك وجوه كثيرة، منها أن كليهما من مواليد 1935، والأول مواليد شمال السودان، والثانى من النوبة وتقع فى شمال السودان أيضاً، وكلاهما تخرج فى الكلية الحربية، بين عامى 55 و65، وتصعدا فى المناصب حتى تولى كلاهما منصب وزير الدفاع، والقائد العام للقوات المسلحة فى بلده، كما لم يكن لأى منهما دور فى قيام الثورة سوى الانحياز للشعب ضد الرئيس. وتعرض كل منهما بعد تسلم السلطة لضغوط شعبية مستمرة لكى يلتزم بموعد إعادتها للمدنيين، وكان سوار الذهب قد وعد بتسليمها خلال عام ونفذ وعده تماما، بينما طنطاوى الذى وعد بتسليمها خلال 6 شهور مر عليها أكثر من 11 شهرا أخرى، لم يكد يسلم شيئا بعد، وما يعطيه للمدنيين بالانتخاب يسترده بالقضاء، وهذا كان الخلاف الوحيد بينهما، لقد التزم سوار الذهب ومجلسه الأعلى بالمدة الانتقالية، وكان هذا هو الأمر المتوقع والطبيعيى من رجل عُرف عنه الزهد والتدين، فضلا عن أنه عرف أن ما يريده الشعب يجب أن يتم، وهو ما جلب له الكثير من الإعجاب حتى أصبح شخصية عالمية لا ينساها أحد. أما فى مصر فكلما تحركنا خطوة للأمام أعادنا المجلس العسكرى خطوات للوراء، فبعد انتهاء استفتاء التعديلات الدستورية، الذى شمل 9 مواد فقط، فوجئنا ب60 مادة فى الإعلان الدستورى، وبعد الانتخابات البرلمانية النزيهة، فوجئنا بقرار حل مجلس الشعب دون أن يكون ذلك من حقه، ثم إعلان دستورى مكمل. حتى انتخابات الرئاسة سعى البعض لإفسادها أثناء وبعد إجرائها، ورغم تسلم الرئيس محمد مرسى مهام منصبه رسميا أمس، إلا أن الكثيرين، لا يزالون يشككون، ويعتبر البعص المشير طنطاوى هو الرئيس الفعلى، ويخشى الآخر الانقلاب على مرسى بين لحظة وأخرى، وهذا ما نحذر منه، فالشعب المصرى لم يعد كما كان، ولا أحد يستطيع مواجهته مهما امتلك من أسباب القوة، وعلى المشير طنطاوى أن يقرأ التاريخ جيدا، وأتوقع منه أن يعلن قريبا بيانه الأخير الذى يحسم فيه هذا الجدل، ويعلن عودة الجيش إلى ثكناته، ويعود هو إلى منزله مكرما، مثلما فعل المشير سوار الذهب، عندها سيظل التاريخ يذكره حاميا للشعب ووحدته طوال الزمان.