غرفة واحدة في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت هي السكن الوحيد الذي يضم الحاجة أم أحمد المقبلة من معرة النعمان بمحافظة ادلب "غرب سوريا" مع أولادها الستة وأحفادها الثلاثة عشرة. الولوج إلى منزل العائلة دونه مشقات كثيرة؛ إذ أنه يقع في أكثر أحياء المنطقة فقرا واكتظاظا، لا مكان لصف السيارة ومياه الصرف الصحي تملأ الطريق. أم أحمد، أرملة منذ حوالي السنة، فزوجها توفي في سوريا، وبعد أن اشتد القصف على مدينة معرة النعمان بمحافظة أدلب وألقيت براميل متفجرة على منازلهم، اضطرت هي وعائلتها إلى اللجوء إلى لبنان منذ 8 أشهر. "شتان بين رمضان في سوريا وبين رمضان في لبنان ..هذا العام نعاني في رمضان من البؤس والعوز والحاجة والذل"، هكذا تختصر الحاجة السيتينية ما تعيشه وعائلتها في الشهر الفضيل. وتقول أم أحمد: "كنا في رمضان نتنافس في تحضير الطعام ومائدتنا كانت تحفل بالطعام السوري من الفتوش الى اللبنية ومناسف الأرز والحلويات والعصائر، أما اليوم فنفطر على صنف واحد من الطعام وأحيانا كثيرة نضطر الى الاكتفاء بالجبن واللبنة والزيتون." أثناء حديثنا أنهكت الطفلة دلال ذات السنة الواحدة من اللعب ونامت على الأرض، إذ أن كل ما هو متوفر أريكتان فقط ينام عليها الأطفال الصغار وباقي الأفراد يفترشون الأرض لأن الطقس حار. وتدعو أم أحمد الله في شهر رمضان الكريم أن تنتهي الازمة في سوريا لتعود إلى ما تبقى من منزلها وجيرانها. أما أبو محمود صهر أم أحمد، هو أب لأربع فتية، أكبرهم في الثالثة عشرة من عمره، وثلاثة منهم يعملون في ورشة لتصليح السيارات ليساعدوه في كسب المال. وعن الاختلاف في أجواء رمضان بين لبنان وسوريا، يقول أبو محمود: "كل شيء هنا مختلف حتى أننا لا نستطيع الخروج من المنزل أحيانا خوفا من أن يتعرض لنا أحد". ويضيف: "الكل يراقبنا هنا في الضاحية الجنوبية ببيروت (التي تقطنها أغلبية شيعية، وتعد المعقل الرئيسي لحزب الله) لأننا سوريون دخلاء". ويضيف أبو محمود: "في سوريا كنا نذهب رجالا ونساء إلى صلاة الفجر في المسجد، نزاول أعمالنا في الصباح والنساء يتبضعن ويشترين الطعام من السوق". ويستذكر أبو محمود الأجواء الرمضانية في سوريا والحسرة تبدو على ملامحه، قائلا: "كنا ننتظر وقت الإفطار سويا مع الأصحاب والجيران لأن أهل المنطقة جميعا يعرفون بعضهم.. أما هنا فنحن حقا غرباء..هنا نصلي أحيانا صلاة التراويح في المسجد وباقي الأيام نصلي في المنزل، لا نفعل أي شيء بعد العشاء ولا نخرج. فيما كانت الحارات تمتلئ بنا في سوريا في مثل هذه الأوقات."