بدأت لعبة التجسس مبكرا فى جماعة الإخوان، واستعمل مؤسسها أسلوب زراعة الجواسيس، والاعتماد على العميل المزدوج لاختراق مؤسسات الدولة والأحزاب، والقوى المناوئة، وحصر جهاز المخابرات الإخوانى، بقيادة محمود عساف، معلومات عن رجالات الأحزاب ووضع دراسات لمساكنهم ومسالكهم. عادل كمال، عضو التنظيم الخاص بجماعة الإخوان، يذكر فى كتابه «النقاط فوق الحروف» شهادة مهمة قائلا «أذكر أنى قمت ومجموعتى بدراسة بيت النقراشى باشا فى مصر الجديدة وغيره»، مضيفا «كانت عند الإخوان معلومات وافية عن الأنشطة الداخلية، والظاهرة للأحزاب، والجماعات الوطنية السرية، التى بدأت تظهر مع نهاية الحرب العالمية الثانية، خاصة فى القاهرة والإسكندرية، وأخبرنى أحد إخوان المخابرات بعد ذلك أننا كنا نعلم من قبل عن محمود عيسوى الذى قتل رئيس الوزراء أحمد ماهر». ويتابع «كان يتبع النظام الخاص قسم للمخابرات، يبدو أنه أنشئ مبكرا فأدخل بعض إخوان النظام فى الأحزاب والهيئات الأخرى بمصر، حتى نكون يقظين لما يجرى على الصعيد السياسى فى مصر». يقول عبدالستار المليجى، القيادى الإخوانى المنشق: لم تتوقف عمليات التجسس فور خروجى من السجن السياسى نهاية عام 1998، وقبل انتخابات مجلس الشعب عام 2000، زارنى مسئول بحزب العمل، وأخبرنى أن هيئة الحزب ترغب فى ترشيحى، ممثلا لحزب العمل الإسلامى فى الانتخابات القادمة، وكان جوابى واضحا وصريحا، بأن الأمر يتطلب موافقة مكتب الإرشاد قبل ذلك، ووعدته بزيارته خلال أسبوع، لأخبره بالنتيجة، وبعد هذا اللقاء بيوم واحد، فوجئت بالأخ أحمد شوشة يزورنى صباحاً فى مكتبى بمدينة نصر، ويبلغنى «الأستاذ مأمون عايزك تزوره فى البيت». توجهنا مباشرة لبيته، الواقع قرب ميدان الجامع فى مصر الجديدة، وكانت المفاجأة أنه يكلمنى عما دار بينى وبين الأستاذ عادل حسين، قائلا «يا دكتور أنت من قيادات الإخوان فكيف تترشح على قوائم حزب العمل؟» وأوضحت له أننى عُرض على ذلك، وكانت إجابتى واضحة بأن الأمر يتطلب موافقة مكتب الإرشاد، وكنت عازما على زيارتكم بالروضة خلال يوم أو يومين لأستطلع رأى مكتب الإرشاد، فقال «أُبلغك أن مكتب الإرشاد لا يوافق على هذا الترشيح»، فقلت «وأنا ملتزم بقرار مكتب الإرشاد ولن أترشح على قوائم حزب العمل رغم عدم قناعتى بالقرار». ويضيف: انصرفت من عنده وأنا غير مستريح البتة لهذه الطريقة من السلوك التجسسى على الإخوان وعلى حزب العمل، ولكننى عندما راجعت تاريخ النظام الخاص، وجدت أن التجسس على الأحزاب والجمعيات والجماعات والإخوان كان من أهم أدواره ولهم فى ذلك قصص وروايات يفتخرون بها. استخدم حسن البنا نفسه أسلوب الجاسوس المزدوج، ويقول عادل كمال «كان المرشد العام الأستاذ البنا يعرف اتصال بعض الأعضاء بالبوليس السياسى، وكان أسلوبه فى ذلك أن يتركه دون أن يشعره بانكشاف أمره، وكان منطقه فى ذلك أنه يمكن استخدام ذلك العميل فى تسريب شىء يريد تسريبه، كما أن الجماعة لا بد أن تكون هدفا للعديد من الجواسيس، فمن عرفناه منهم، فإن بقاءه تحت أعين الجماعة أفضل من طرده، واتخاذ مجهول غيره بواسطة أعداء الجماعة، وكان من الأمثلة الناجحة فى هذا الشأن الأخ أسعد السيد أحمد، الذى انضم إلى حزب مصر الفتاة، حتى وصل إلى الحرس الحديدى الذى أنشأه لحمايته زعيم الحزب الأستاذ أحمد حسين، وكان ذلك الحرس مكونا من 6 أفراد».