بين الفوانيس والمباخر والأواني النحاسية، تجده يواصل عمله يوميا في هدوء شديد، التركيز يظهر على وجهه، عينه لا تفارق ما في يده من قطع نحاسية، يحاول تشكيلها بأدوات بسيطة، وفي صمت يوضح حالة التركيز الشديدة في حرفته، التي لا يكل ولا يتعب منها، مهما طالت العقود به، فهو سيظل بين أدواته النحاسية، إنه "الحاج فارس" الذي قضى أكثر من نصف قرن في ورشة النحاس. "56 عاما".. هي عمر الحاج فارس في ورشة النحاس التي يقول عنها "باعمل كل منتجات النحاس فيها، وكل منتجات السياح في خان الخليلي، خام النحاس يجيلنا ونشكله على المخرطة زي ما إحنا عايزين ونلحمها بالزينة ونشكلها على النار". يحكي الحاج فارس عن يومه في شهر رمضان، والعمل المتواصل من العاشرة صباحا وحتى مدفع الإفطار، بقوله "رمضان شهر كريم، وموسم في صنعتنا، بيكون في طلب على الفوانيس والمباخر والصواني النحاسية والأباريق، ومع ضغط الشغل بيكون في وردية تانية بعد الفطار، اليوم في رمضان بيكون مختلف عن أي يوم في السنة وفيه بركة وخير". يصمت قليلا ثم يتحسر على حال المهنة التي بدأت تنقرض، قائلا "كان زمان الشباب عنده رغبة يكون في صنعة في إيده جنب التعليم، دلوقت لا في حد عايز يتعلم ولا يشتغل، وكله بيسأل هتديني كام". وعن أهم الصعوبات التي تواجه المهنة الآن، قال "ارتفاع أسعار الخامات، يؤدي إلى زيادة تكاليف الصناعة وغلاء سعر المنتج"، متابعا حديثه "أكثر حاجة تخليك تصبر على مصاعب أي مهنة إنك تحبها وتعيش معاها، وتنسى كل همومك وتبدع في شغلك".