مدنية الدولة أمر مفروغ منه حتى ولو كان الرئيس الحالى ممثلاً للتيار الإسلامى، هكذا رأى الحقوقيون ملف مدنية الدولة، مؤكدين أن حرية الاعتقاد والتعبير، والإبداع، ودور المرأة فى المجتمع وحقوقها، نقاط شائكة لا ينبغى الاقتراب منها، فيما اعتبر البعض أن عدم احترام المواثيق الدولية التى تمس حقوق الإنسان وتصون كرامته فيصل فى مدنية الدولة وبداية لدخولها إلى نفق مظلم. قال حافظ أبوسعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: «إذا شكلت الحكومة على أساس حزبى أو تنظيمى أو كانت تمثيلاً للإخوان المسلمين، فإن ذلك سيكون مؤشراً على التضييق على مدنية الدولة»، لافتاً إلى أن الدستور المنتظر إذا ما تمت صياغته على أسس دينية كأن تربط حرية الاعتقاد بالشريعة الإسلامية مثلاً، أو تحدّث عن حقوق المرأة رابطاً إياها بعبارة (بما لا يخالف الشرع) فإن مدنية الدولة تدخل فى نفق مظلم، وأوضح أبوسعدة أن علاقة المرأة بالعمل وتكافؤ الفرص، ستصبح متعلقة بتلك العبارة وسينتقص من حقوق المرأة برغم أن البنود الحالية مرجعيتها الإسلام». وتابع أبوسعدة: «هناك مذاهب للأئمة، وهناك من سيستغل هذه النصوص، فى تحقيق أهدافه، فنحن نتعامل بمذهب أبى حنيفة، لكن هناك من هو أكثر تشدداً وبحثاً عن التضييق وهو ما نخشاه». وأضاف أبوسعدة: «السياسات المتبعة فى حد ذاتها قد تمس مدنية الدولة، كأن يتم وضع قيود على قطاع السياحة مثلاً، أو أن تلزم الدولة النساء بارتداء زى معين، كل تلك السياسات لو اتبعت ستنتقص من مدنية الدولة»، مشيراً إلى مجموعة الحقوق والحريات الشخصية، مثل حرمة الحياة الخاصة والتنصت والقبض التعسفى جميعها مصانة فى المواثيق الدولية وينبغى ألا يتم الاقتراب منها. واعتبر أبوسعدة أن حرية الرأى، والتعبير، والاعتقاد، وممارسة الشعائر الدينية، والإبداع، سواء المكتوب أو المرئى، والحرية الأكاديمية وحرية البحث العلمى، جميعها تؤدى إلى نهضة الدول. وقالت الدكتورة راجية شوقى، ناشطة حقوقية، إن الدولة الحديثة تحترم سيادة القانون، والاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان، وتقضى على أى تمييز، وتحافظ على تكافؤ الفرص، وأضافت: «هناك حقوق لا يجب الاقتراب منها تحت أى دعاوى، مثل السلامة الجسدية والسلامة من التعذيب وإلقاء القبض على أحد دون تهمة، أو كل ما يسمى بالقوانين الاستثنائية، والحق فى التنظيم والتعبير، والحق فى المشاركة، وإذا كانت هناك حقوق يجب ألا تمس فهناك مظالم يجب أن ترفع، مثل المرأة المحرومة من الحريات وقضايا التحرش التى تتعرض لها دون رادع». ورأت الدكتورة عصمت الميرغنى، رئيس اتحاد المحامين الأفروآسيوى لحقوق الإنسان، أن كل ما يتعلق بالإبداع الفكرى والثقافى، وكذلك دور المرأة فى المجتمع، هى ثوابت لمدنية الدولة ولا ينبغى الاقتراب منها لكى تظل فى طريقها للتطور، واعتبرت أن محاولة التضييق على المرأة سيتسبب بالضرورة فى حدوث صدام بين الرئيس ومدنية الدولة وتطورها، مؤكدة أن مصر تمتلك القدرات والإمكانات اللازمة لبناء نهضة، إضافة إلى العلاقات الدولية، ولكننا بحاجة إلى الإدارة الجيدة.