يركب «عم عبدالصبور» الحلاق حماره ممسكا بجوال خيش، فى داخله أدوات الحلاقة ويسير فى طرقات القرية حاملا على ظهره سنوات عمره ال66، يبحث عن زبائنه عادة بين كبار السن أو الأطفال دون العاشرة، يفترش الأرض ويجلس أمامه الزبون يسلمه رأسه وقفاه، إلى أن ينتهى من الحلاقة. «عم عبدالصبور» أشهر حلاق أو مزين فى مدينة الطود التاريخية فى الأقصر، ويعتبر نفسه رجلا من الماضى: «أنا كنت زمان باشا». تعلم فن الحلاقة أو «القيافة» كما يطلق عليها أبناء الأقصر منذ كان صبيا لا يتعدى 12 سنة، ويتحسر الآن على حاله بعد أن انتشرت محلات الكوافير الرجالى. يبدأ يومه فى السادسة صباحا. يذهب إلى سوق القرية ممتطيا حماره النحيل، وفى يديه جوال خيش يحتوى على حقيبة صغيرة تحتوى على «عدة» تتكون من «أمواس» وإناء فارغ وبواقى أقمشة وصابون، تربطه بعلاقات وطيدة مع زبائنه منذ عشرات السنين. ويتذكر الأيام الخوالى عندما كان لحلاق القرية قيمة كبيرة، حيث يقوم بدور الطبيب الذى يعالج بالحجامة، ويداوى ضربات الشمس، والثعلبة، ويجرى عمليات الختان، وخلع الضروس والأسنان، ويعالج الجروح ويقدم الإسعافات الأولية. يقول عبدالصبور: «كنت أحصل من زبائنى على القمح والشعير والمحاصيل الأخرى، عقب نهاية موسم الزراعة، مقابل الحلاقة للعائلة كلها وعلاجهم إذا اقتضى الأمر. أما الآن فالحلاق يحلق فقط، ولا يمارس أى عمل آخر، كما أن الأذواق اختلفت كثيرا.. فمن الصعب أن يسلمك شاب رأسه للحلاقة، وأغلب الزبائن من كبار السن أو من الأطفال دون العاشرة، الذين لم يعرفوا قصات الشعر الجديدة، التى لا نجيدها بالطبع».