سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"العربية لحقوق الإنسان" تصدر تقريرها السنوي "مشهد التغيير في الوطن العربي" القوى السياسية فشلت في تلبية احتياجات المرحلة الانتقالية عقب الثورة وسارعت للتنافس والتطاحن
أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان اليوم تقريرها حول حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، بعد مرور 30 شهرا من ثورات الربيع العربي التي انطلقت لتجسيد وتأكيد الحريات العامة للمواطن، راصدة انتكاسة كبيرة في الحريات العامة والتحول نحو الديمقراطية بالمنطقة، بما فيها مصر. وطالب تقرير عن "حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي 2011/2013" بضرورة الاهتمام بالمتغيرات على البيئة الحاكمة لمسار حقوق الإنسان خلال تلك الفترة، لاسيما في ضوء التعثرات والانتكاسات التي نالت من قوة وزخم الإعصار المتدافع في بلدان المنطقة، التي نتجت عن افتقاد النخب السياسية الصاعدة لحكمة التوافق في مراحل الانتقال الديمقراطي، والخبرة الضرورية لترشيد الانتقال وتداعياته، والحد من مخاطر اختطاف الثورات بواسطة أصحاب المصالح الدولية الكبرى ولو عبر وكلاء جدد، وهي المصالح الكبرى التي كادت الثورات أن تعصف بمعظمها. وخلص التقرير الصادر عن المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى ضرورة الاهتمام بوجه خاص بالتطورات الدستورية والتشريعية، التي تمثل أهم ركائز البيئة الحاكمة لمسار حقوق الإنسان في الأعوام القليلة المقبلة، بالإضافة إلى بعض المتغيرات المهمة على مستوى السياسات والخطط التي اتضحت خلال الممارسات. وقال علاء شلبي الأمين العام للمنظمة، إن التقرير يسعى إلى استجلاء طبيعة التحولات التي تشهدها المنطقة ومدى تأثيرها على قضايا حقوق الإنسان، والانتقال إلى الديمقراطية، والتنمية التي تمثل لب التحدي في التحاق البلدان العربية بركب العصر وتبوء المكانة التي تستحقها تحت الشمس. فيما أشار محسن عوض عضو المنظمة ومحرر التقرير، إلى أن أعداء التغيير يراهنون على الصعوبات التي ترافق الحراك الاجتماعي، لكبح الوعي التحرري في الوطن العربي وتيئيس المجتمعات من جدوى التغيير، بتزييف للوعي لا يقف عند الربط الظالم بين الحرية والجوع، وبين الاستقرار والاستبداد، وبين الأمن والقمع، بل ويسعى لتقويض أساس البنيان بالربط بين الانتفاض والأصابع الخارجية، فيذكرنا باستراتيجيات الفوضى الخلاقة أحيانا وبالطموحات الطائفية أحيانا أخرى. ويتضمن التقرير ثلاثة أقسام رئيسة؛ تبدأ بمقدمة تحليلية مفصلة تستغرق بنظرة كلية أوضاع الحقوق الأساسية والحريات العامة في مجمل المنطقة، ويتناول القسم الثاني أوضاع حقوق الإنسان في البلدان العربية، ويشمل الثالث التحديات التنموية في الوطن العربي، وأثر الحراك الاجتماعي على إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتقييم مبادرات الإصلاح الاقتصادي الاجتماعي التي أطلقتها العديد من البلدان العربية. ويحمل التقرير رسائل عدة إلى النظم العربية قديمها وجديدها، تتضمن أن تكلفة الإصلاح أقل كثيرا من مخاطر المواجهات للنظم والمجتمعات على السواء، وأن احتكار السلطة والمال بأيدي النخب والحكام أفضى إلى الانفجار، وستظل سياسة "السير كالمعتاد" أقصر طريق إلى الانفجار، سواء وصل الحكام إلى السلطة بصندوق الانتخابات أو بميراث الآباء والأجداد، مشيرا إلى أنه إذا كان التمييز والتهميش تجاه المناطق والمجتمعات أذكى الثورات، فبقاؤه يفسد معنى الإصلاح، وبدون تكامل عربي فعال لا سبيل للتقدم في التنمية والاستقرار في عالم لا مكان فيه للضعفاء. ورصد توسعا كبيرا في إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري خلال عامي 2011 و2012 في مصر، على صلة بحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة للبلاد، وأحيل 11 ألفا و500 مدني بينهم المئات من الناشطين السياسيين إلى محاكمات عسكرية، تميزت بالإيجاز وبإصدار أحكام سريعة بالإدانة والسجن وبحضور شكلي لمحامين منتدبين، ولا يقلل من فداحة هذه المحاكمات الإفراج عن الغالبية العظمى من هؤلاء، سواء من خلال شمول العقوبات بالإيقاف الفوري، أو إيقافها بعدم التصديق عليها من قبل رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أو استجابته للمناشدات بإصدار قرارات بوقف تنفيذ المئات منها لاحقا. وأشار التقرير إلى تأثر العمل القضائي بضغوط المرحلة الانتقالية، فمن ناحية شهدت البلاد احتجاجات واسعة بشأن السبل المتبعة لمحاكمة الرئيس السابق مبارك وأركان حكومته، في ظل السعي للمحاسبة على الجرائم التي ارتُكبت أثناء الثورة. وحول حرية المشاركة في إدارة الشؤون العامة، قال التقرير إن القوى السياسية الفاعلة في البلاد فشلت في تلبية احتياجات المرحلة الانتقالية في مصر عقب ثورة 25 يناير 2011، حيث سارعت إلى التنافس والتطاحن الذي قوَّض الضرورة الماسة للتوافق الوطني حول جدول أعمال المرحلة الانتقالية، وخارطة الطريق الأساسية لتحقيق مطالب الثورة الشعبية. وأوضح أن عدد الضحايا خلال إجراءات قمع ثورة 25 يناير بلغ، وفقا للجان تقصي الحقائق، 846 حالة على الأقل، فضلا عن 26 ضابطا ومجندا من قوات الشرطة المدنية، وإصابة 1079 منهم 342 ضابطا، كما قُتل 189 سجينا وأصيب 263 آخرين خلال أحداث الفرار الجماعي للسجناء من الليمانات والسجون المتاخمة للقاهرة، في مناطق سجون وادي النطرون وطره وأبوزعبل وسجن المرج وسجن القطا الجديد، والمحتجزين في أقسام الشرطة. وتنوعت أنماط القتل والاعتداءات البدنية على المواطنين تنوعا كبيرا بحسب التقرير، فكان منها القتل العمد والقتل العشوائي والقتل الخطأ، كما تنوع مرتكبو الجرائم بدورهم تنوعا مماثلا، فنُسب بعضها إلى عناصر الأمن، وبعضها إلى تنظيم يضم عناصر أمنية وبلطجية تابعين للحزب الوطني، كما وقع بعضها على أيدي بلطجية وسجناء فارين.