أكد التقرير السنوي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان, حول حالة حقوق الإنسان في العالم العربي خلال عام2011, ان الحصاد لم يرق إلي مستوي التضحيات التي قدمتها الشعوب المنتفضة طلبا للحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. فباستثناء تونس, تبدو الخيارات المتاحة أمام الشعوب المنتفضة وكأنها تتراوح بين اصلاح محدود للنظام القديم, أو افساح المجال لهيمنة فصائل الإسلام السياسي علي مؤسسات الحكم, وتآكل قواعد الدولة المدنية. وقال التقرير, وجهت الانتفاضات الثورية التي نشبت في عدة بلدان ضربات موجعة إلي نظم الحكم الأبدي والعائلي وسيناريوهات التوريث, وازاحت رموزا عاتية للطغيان في تونس ومصر وليبيا واليمن, كما بات من الصعوبة بمكان ان يجد النظام الدموي في سوريا مخرجا سياسيا بمنحه مشروعية البقاء في ظل حمامات الدم, التي صارت تفصله تماما عن شعبه. وأشار التقرير إلي ان محاولات إجهاض الربيع العربي قد اقترنت بقمع وحشي واسع النطاق, ارتقت الكثير من أشكاله إلي مرتبة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية, خاصة في ليبيا وسوريا ومصر واليمن والبحرين. ولفت التقرير النظر إلي استمرار إهدار معايير العدالة وتكريس نهج الافلات من المساءلة والعقاب علي انتهاكات حقوق الإنسان, حتي في البلدان التي ازيحت فيها رموز الحكم التسلطي. مشيرا إلي أن القصاص لارواح الشهداء في مصر اصطدم بصعوبات كبري, تمثلت في التباطؤ الشديد في تقديم المتهمين للمحاكمة, والتقاعس عن اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع العبث بالأدلة أو اخفائها, وامتناع الأجهزة الأمنية عن التعاون مع جهات التحقيق, ومحدودية التدابير التي انتهجت للتطهير والاصلاح المؤسسي للمؤسسات الامنية والقضائية نتيحة لذلك آلت الغالبية العظمي من القضايا الخاصة بقتل المتظاهرين إلي تبرئة الضباط المتهمين ومعاونيهم, وعلي الرغم من أن محاكمة الرئيس المخلوع ووزير داخليته قد انتهت قبل أيام إلي معاقبتهما بالسجن المؤبد, فإن منطوق الحكم اعترف بقصور فادح في الادلة,والاخفاق في التعرف علي الفاعلين الاصليين في جرائم القتل, وهو ما استندت إليه المحكمة في تبرئة كبار معاوني وزير الداخلية الأسبق, وفي تونس أيضا لم يتم احراز تقدم ملموس في المحاسبة علي جرائم نظام بن علي, وان كانت هناك وعود رسمية لانتهاج طريق العدالة الانتقالية, الذي تقتضيه عملية الانتقال الديمقراطي. وأوضح التقرير أن تونس ربما يكون البلد الأكثر حظا للدخول في عملية جادة للانتقال الديمقراطي, وقد ساعد في ذلك أن المؤسسة العسكرية في تونس لم يكن لديها مشروع سياسي, ومن ثم اتيح لتحالف قوي الثورة من الحركات النقابية والحقوقية والسياسية أن تملأ فراغ السلطة, وان تزيح رموز نظام بن علي وأعضاء حزبه من إدارة المرحلة الانتقالية. كما عزز الخطاب المعتدل لحركة النهضة الإسلامية من فرص بناء التوافقات الوطنية التي تقتضيها تلك المرحلة. وأضاف التقرير أن المرحلة الانتقالية في تونس اقترنت بحزمة من التشريعات, التي استهدفت إنهاء القيود علي حريات الصحافة والإعلام, وتحرير عمل الجمعيات, واطلاق حرية تكوين الأحزاب, ومحاصرة جرائم التعذيب وتغليظ العقوبة عليها. وسجل التقرير تزايدا هائلا للانتهاكات التي تطال المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظماتهم, خاصة في كل من مصر وسوريا والبحرين كما تواصل السلطات المغربية ممارسات الاعتقال التعسفي والمحاكمات الجائرة ضد المنظمات الحقوقية بالصحراء الغربية, والقيود المفروضة علي دخول ممثلي منظمات حقوقية أجنبية للإقليم الصحراوي للوقوف علي الانتهاكات الواقعة به. وأكد التقرير ان أوضاع حريات التعبير لم تشهد تحسنا في البلدان الأكثر تأثرا ب الربيع العربي, باستثناء تونس. مشيرا إلي ان عددا من البلدان قد شهدت مزيدا من التدهور لحريات التعبير, وعلي وجه الخصوص السودان ولبنان والمملكة السعودية والأراضي الفلسطينية. وأوضح التقرير ان رياح الربيع العربي لم تقترن بأي تحسن يذكر في اوضاع الاقليات والحريات الدينية في العالم العربي, بل علي العكس. يذكر أن التقرير يتناول بالرصد والتحليل حالة حقوق الإنسان في العالم العربي خلال عام2011, مع التركيز علي12 بلدا هي: مصر وتونس والجزائر والمغرب والعراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والمملكة السعودية والسودان والأراضي الفلسطينية المحتلة.