سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صحف العالم ترسم ملامح ولاية مرسى الأولى والتحديات التى تنتظره «نيويورك تايمز»: نتائج الانتخابات بددت مخاوف إدارة أوباما من أن تفسد لجنة الانتخابات جولة الإعادة وتعلن شفيق رئيساً لمصر
بعد إعلان فوز الدكتور محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية أمس الأول فى أول انتخابات بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، عكفت الصحف العالمية على رسم ملامح الرئيس الجديد وفترة ولايته الأولى والتحديات التى ستواجهه. وذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية فى افتتاحيتها أن فوز مرشح إسلامى برئاسة مصر لحظة تاريخية ومسمار جديد دق فى نعش النظام القديم ولكن الأيدى القابضة على السلطة لم تتغير، لافتة إلى أن الصمت الذى اتبعته القوى الغربية الكبرى لساعات عقب إعلان النتيجة، أكد أن تلك الدول وجدت نفسها فى الجانب الخاطئ من التاريخ، وهذا لا يحدث للمرة الأولى فى منطقة الشرق الأوسط. وفى المقابل، قارن الكاتب البريطانى روبرت فيسك فى مقاله بصحيفة «الإندبندنت» البريطانية أمس بين الرئيس المنتخب محمد مرسى والزعيم سعد زغلول، مشيرا إلى أن الأول ليس ثوريا ولا قوميا بدرجة كبيرة مثل سعد زغلول والمجلس العسكرى نصب له الكثير من الفخاخ بالإعلان الدستورى المكمل ولكن الدولة العميقة تراجعت بفوزه. وأضاف فيسك: «على عكس مرسى، كان سعد زغلول يحلم لمصر بدولة حديثة متقدمة علمانية لا تعادى الأجانب ولا تسعى لوحدة عربية، أى تكون مصر للمصريين». ومن جانبها، نوهت صحيفة «ديلى تليجراف» البريطانية فى تقرير لها إلى أن مرسى ليس فى السلطة فعلياً، فهو مسئول أمام رئيس المجلس العسكرى المشير طنطاوى والمرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع، بل ويدين لهما بالطاعة. وعن رد فعل الإدارة الأمريكية، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن نتائج الانتخابات الرئاسية فى مصر بددت مخاوف متزايدة داخل إدارة الرئيس باراك أوباما من أن تفسد لجنة الانتخابات جولة الإعادة وتعلن الفريق أحمد شفيق رئيساً مقبلاً لمصر، وأضافت: «تخوف مسئولون من أن تفجر هذه الخطوة احتجاجات عنيفة بين أكثر من 100 ألف مصرى تجمعوا فى ميدان التحرير لمطالبة الجيش بالتنازل عن السلطة لحكومة مدنية». ونقلت الصحيفة عن مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية، روبرت مالى قوله: «الأولوية بالنسبة لواشنطن هى أن تمضى عملية الانتقال بسلاسة دون عنف وبأقل قدر من عدم الاستقرار»، ولكن الإدارة الأمريكية ليس لديها نفوذ كبير على الأحداث فى مصر حتى الآن مع تشكك الغرب فى جميع الأطراف فى القاهرة، على حد قول الصحيفة. ومن جهتها، استبعدت مجلة «تايم» الأمريكية أن يتخلى لواءات المجلس العسكرى عن السلطة إلى رئيس مصر المنتخب محمد مرسى ذى الخلفية الإسلامية، وتوقعت أن يحدث صراع بين الطرفين يمكن أن تنحنى له الجماعة التى اعتادت على الليونة فى التعامل مع النظام القديم، مما يهددها بفقدان مؤيديها فى الشارع المصرى، مؤكدة أن المجلس العسكرى لن يتنازل عن السلطة لرئيس إسلامى، والمتابع للمنعطف التاريخى الحالى فى مصر يعرف أن الجيش لا يزال يحتفظ بكثير من السلطة بين قبضتيه. وفى صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، كتب المحلل الإسرائيلى تسفى بارئيل مقالا قال فيه: «على الرغم من فوز مرسى بمنصب الرئيس إلا أن الفارق الضعيف بينه وبين الفريق أحمد شفيق سيجبره على التعاون مع القوى والحركات السياسية الأخرى، الأمر الذى سيتطلب منه مراجعة كافة خطواته فى الفترة المقبلة بما يتناسب مع الصالح العام»، مشيرا إلى أن ميدان التحرير الذى ظل مشتعلا على مدار الأشهر الماضية أصبح الآن بمثابة برلمان شعبى قادر على فرض إرادته على أية حكومة مقبلة. ومن جانبها أوردت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية تحليلا حول الأمن القومى فى ظل رئاسة مرسى لمصر لا سيما بعد الذعر الذى انتاب الإسرائيليين بعد إعلان النتيجة، وهدأت الصحيفة من روع مواطنيها قائلة: إن حجم المهام الداخلية الملقاة على عاتق الرئيس الجديد ستُخرج خيار المواجهة مع تل أبيب من أولوياته، كما أن استمرار اعتماد القاهرة على مساعدات من واشنطن والدول الأوروبية قد يجبرها على الاحتفاظ بالتطبيع مع إسرائيل. واختتمت: «المخاوف الحقيقية تكمن فى تقييد حركة إسرائيل فى قطاع غزة؛ لأن أى إجراء غير محسوب من تل أبيب قد يشعل القيادة بالقاهرة، ناهيك عن الموقف من الملف النووى الإيرانى وغيرها من الملفات الشائكة». وبدوره عبر الكاتب يجال والت بصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن النظرة الأكثر تشاؤما بعد فوز مرسى قائلاً: «هذا الخيار الكارثى فى مصر سيقود المنطقة إلى حافة الهاوية ويدخلها فى حالة جديدة من الصراع العسكرى والخراب المالى ومزيد من التشدد والتعصب بعيدى المدى إضافة إلى العداء لكل ما هو غير إسلامى، أى عداء العالم أجمع، الأمر الذى يتحتم عليه الفشل فى المستقبل». فيما أكد الخبير الإسرائيلى فى الشئون المصرية رون بن يشاى فى مقاله بالصحيفة نفسها أنه إذا استمرت أحجار الدومينو العربية فى السقوط فى حضن الإسلام السياسى، فإن فرصة التوصل لاتفاق سلام مع الجانب الفلسطينى ستكون معدومة، متوقعا أن يؤدى ذلك أيضا إلى تعريض معاهدة السلام للخطر، لكنه فى الوقت نفسه يستبعد اندلاع حرب شاملة مع مصر. ومن جانبه، شكك السفير الإسرائيلى الأسبق لدى مصر تسيفى مزئيل فى مقال بموقع «واللا» الإخبارى فى تعهدات مرسى بالاستقالة من الجماعة وتشكيل حكومة ائتلافية موسعة قائلاً: «قد يفعل ذلك ولكن يجب ألا ننسى أنه يتبنى أيديولوجيات الجماعة وينتمى إلى المجموعة الأكثر تشددا داخلها»، متوقعا أن يسعى الإخوان إلى تطبيق الشريعة تدريجيا الأمر الذى قد يؤدى إلى اندلاع ثورة جديدة. وقالت صحيفة «لوموند» الفرنسية إنه بعد وصول مرسى للرئاسة سيتعين على جماعة الإخوان المسلمين أن تصطدم بالواقع المؤلم وثقل السلطة ومسئولياتها لا سيما مع تدهور الأوضاع الاقتصادية فى البلاد، مشيرة إلى أن نجاح الربيع العربى سيكون مرهونا بالتزام الإخوان بتسليم السلطة بعد نهاية الفترة الرئاسية المقررة وعدم تشبثهم بالحكم. فيما تساءلت مجلة «لونوفال أوبسرفاتور» الفرنسية عن مدى مرونة الإخوان بعد وصولهم للحكم وما إذا كانت ستساعدهم على مواجهة المجلس العسكرى والسلفيين، مشيرة إلى أن الجماعة لا تواجه فى الفترة المقبلة تحدى العسكر فحسب وإنما سيتعين عليها أيضا مجابهة التيار السلفى ذى الشعبية العالية فى الشارع المصرى والذى يتعارض فكره مع الديمقراطية والمجتمع الحديث، بحسب المجلة، حيث يطرح نموذجا أقل ليبرالية وأكثر اجتماعية من الإخوان. وفى صحيفة «تودايز زمان» التركية عبّر المتخصص فى الشأن المصرى جمال أونالى عن تفاؤله بمستقبل مصر مؤكدا أن إمكانية التوافق فى مصر الآن بين كل القوى أكبر مما كانت عليها فى تركيا التى مرت بظروف مشابهة لمصر، مشيرا إلى أنه قياسا على تجربة أردوغان فى تركيا سنجد أن كثيرا من المخاوف الموجودة فى الشارع المصرى لا تبدو واقعية، فالإخوان رغم عيوبهم ليسوا جماعة متشددة، وشبابهم راغب فى الانفتاح على العالم، متوقعا أن يزيح هؤلاء الشباب قادتهم المتشددين داخل الجماعة قريباً، كما أن العلمانيين والليبراليين والعسكريين فى مصر على عكس تركيا، فهم أكثر تديناً وأقل رفضاً لدور الدين وأكثر حداثة ورغبة فى التوافق من نظرائهم الأتراك.