تتابعون يا أصدقائى محطات التليفزيون المختلفة وتتنقلون بين شرق الكرة الأرضية وغربها بمجرد ضغطة صغيرة على أزرار جهاز الريموت كنترول، ويتذكر بابا وماما كم مرة وأنتم صغار أمسكتم بهذا الجهاز الصغير العجيب تحاولون أن تفعلوا مثلهم ولكن للأسف كان الريموت يضيع منكم ويتنقلون بين غرف المنزل يبحثون عنه، وكبرتم وأصبح الريموت كنترول بين أيديكم تحركون به اللعب، وبالطبع أجهزة التليفزيون والكاسيت وأجهزة التكييف وغيرها. فهل تعرفون من هو مخترع هذا الجهاز الصغير الذى كلما تطورت إمكانياته صغر حجمه؟ جهاز الريموت كنترول قالت عنه جريدةُ «الواشنطن بوست» يوم وفاتِه فى فبراير 2007: (رحل عنا الرجلُ الذى لم يغير طريقةَ مشاهدةِ التليفزيون فقط، ولكنه غير نمطَ وأسلوبَ الحياةِ الحديثةِ كلها) إنه العالم العبقرى الفذ «روبرت أدلر»، مخترع الريموت كنترول وصاحب أكثرَ من مائةٍ وثمانين اختراعاً، إنه بالفعل غير وطور التليفزيون ومعه طريقةَ حياتِنا، فلم يكن ممكناً أن يكون لديك تليفزيون بخمسمائة قناة إلا بفضلِ الريموت كنترول، ولذلك فأنت تدفع ثلثَ قيمةِ التليفزيون ثمناً للريموت فقط حسب تقديرات المصانع المنتجة للتليفزيونات، لم يكن ممكناً اختراع التليفزيونات التى تُعلق على الحائطِ مثل شاشات السينما LCD بدون أزرار عملاقةٍ تُقلب بها المحطات إلا بفضلِ الريموت، حتى قصر مدة الإعلانات الذى أصبح بالثوانى كان بسبب ذعرِ وخوفِ شركاتِ الإعلانات من الريموت كنترول الذى يجعلك تغيرُ القناةَ فى أقل من ثانية. ولد «روبرت أدلر» فى النمسا فى 1913، الأب عالمُ اجتماعٍ والأم طبيبة، وروبرت الابن لم ير نفسَه إلا عالم فيزياء، منذ طفولتِه يعشقُ هذا العلمَ حتى حصل على الدكتوراه فى الفيزياء وعمره 24 (أربعة وعشرون) عاماً فقط!، سافر أدلر إلى بلجيكا، ثم لندن إلى أن استقر فى أمريكا، حيث عمل فى أول مصنعٍ لإنتاج التليفزيونات «زينيث»، وفى عام 1956 اخترع الريموت كنترول الذى كان فى البداية لتخفيضِ ضوضاء الإعلانات، كان الريموتُ ضخماً بحجمِ حقيبةِ السفر، وتم تطويرُه من الاعتمادِ على الموجاتِ الضوئية التى كانت تعوقها أشعةُ الشمسِ وتؤثر فى تليفزيون الجيران، إلى الاعتمادِ على الموجاتِ الصوتية، وظل حجمُه يصغر ويصغر حتى أصبح بحجم كفِ اليد، وصارت أزرارُه مثل أزرار الطائرةِ تنقلك وأنت نائمٌ على الكنبةِ حول العالم فى ثوانٍ. ظل روبرت أدلر شغوفاً بهذا الصندوقِ السحرى «التليفزيون»، فهو الذى اخترع الأنبوبَ المشعَ لتحسين الصوتِ التليفزيونى وتنقيتِه من الشوائب، وانتشر اختراعُه السحرى «الريموت» ليستخدم بعد ذلك فى فتحِ السيارات والستائر والأبواب والتكييفات.. إلخ، إلى أن صار الريموت كنترول أهم جهازٍ إلكترونى فى المنزل، لأنه ببساطة المسيطر والمحرك لكل الأجهزة. تم اختيار أدلر فى 1967 مخترع العام ومُنح جائزةَ جورج واشنطن، وفى عام 1980 حصل على جائزة أديسون ووسام الاستحقاق، وفى 1998 حصل على جائزة إيمى فى مجالِ الهندسةِ وبجانب عشق روبرت أدلر لعالمِ الهندسةِ والإلكترونيات، كان عاشقاً للموسيقى الكلاسيكيةِ والفنون بوجهٍ عام مثل الرسم والمسرح، وكانت هوايتُه فى الصيفِ السفرَ وتسلقَ الجبال، أما فى الشتاءِ فكان مغرماً بالتزحلقِ على الجليد، والمدهش أن فضولَه وشغفَه بتعلمِ الجديد كان بلا حدود، فقد حصل على رخصةِ طيرانٍ واستطاع قيادةَ الطائرة، وكان يعشق تعلمَ اللغات، أجاد الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، وللغة الروسية قصةٌ طريفةٌ معه، فقد كان ذاهباً مع وفد شركتِه إلى موسكو وحتى يتمكن من إلقاءِ كلمتِه باللغةِ الروسية، تعلمها وأتقنها وفهمه الروسُ وانبهروا به وتمت الصفقةُ بفضل ذكائِه وعبقريتِه. روبرت أدلر جعل العالمَ بين يديك.