تباينت توقعات المحللين وخبراء السياسة، حول موقف الدكتور محمد مرسى بعد توليه منصب الرئيس، تجاه القوى المدنية خلال المرحلة المقبلة؛ ويرى البعض أن «الإخوان» لا تؤمن بالتوافق مع هذه التيارات، بينما يرى آخرون أن الجماعة ستعدل عن سياساتها الإقصائية من أجل تجنب صدامات جديدة وتهدئة المناخ العام. وقال الدكتور حسن أبوطالب، الخبير فى مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية فى الأهرام، إن «مرسى»، بعيد فكرياً عن التيار المدنى، ولا يعبر عن شخصه وإنما عن جماعة ذات أيديولوجية محددة وهى «الإخوان المسلمين»، مؤكداً أنه أقرب للتيار السلفى عن القوى المدنية. ووصف تصريحات «مرسى» بتشكيل حكومة ائتلافية وتعيين رئيس وزراء من خارج «الإخوان»، بأنها «وردية ولا يستطيع تنفيذها؛ نظراً لأنه يعبر عن جماعة لها أفكار معينة وإن حتمت الظروف أحياناً تقديم بعض التنازلات»، وأضاف: «أتصور أن وعود رئيس حزب الحرية والعدالة مجرد كلام فى الهواء، وإن تحققت فلن تستمر طويلاً، وستقتصر على الفترة الأولى من الحكم (فترة التمكين) لاستخدام بعض الشخصيات كعصا سحرية، يستغنى عنها فيما بعد». وحول موقف القوى المدنية، رأى أبوطالب أن «مرسى»، لن يلقى دعماً من التيار المدنى باستثناء أفراد لا يعبرون إلا عن شخوصهم فقط لحسابات خاصة، وقال: «ليس هناك قوى مدنية ستتعاون مع رجل الإخوان، ومن يعتقد خيراً فى الجماعة فهو لا يفهم شيئاً عنهم»، مشدداً على أن ممارسات «الإخوان» خلال المرحلة الانتقالية تؤكد أنهم غير صادقين فى مشاركة التيار المدنى. وأوضح الدكتور جمال سلامة، رئيس قسم العلوم السياسية فى جامعة السويس، أن «الإخوان» سيسعون إلى التعاون مع القوى المدنية فى البداية؛ للظهور فى ثوب انفتاحى توافقى، متابعاً: «لكنى أعتقد أن هذا الأمر لن يستمر طويلاً، حتى فى حالة تشكيلهم لحكومة ائتلافية تعبر عن كافة القوى الوطنية فإن ذلك لن يتعدى بضعة أشهر لتعود الجماعة إلى رغبتها فى الاستحواذ»، وأشار إلى أنه بحكم التوجه الفكرى والمرجعية الدينية سيكون «مرسى» أقرب للتيار السلفى عن التيار المدنى، وسيتضح هذا الأمر حال نشوب أزمات كبيرة. وأضاف سلامة: «إن موقف القوى المدنية تجاه مرسى سيتحدد وفقاً لمسلك الإخوان الذى سيختارونه»، شارحاً: «إذا قررت الجماعة وحزبها الانفتاح الحقيقى على المجتمع وتقديم المصلحة العامة على مصلحة التنظيم، فسيسارع قطاع كبير من القوى المدنية والشخصيات الليبرالية للتعاون معهم، أما إذا استأثروا بغنيمة الحكم دون إعطاء فرص حقيقية للآخر؛ فسينشأ عداء مدنى واسع ربما يكون دافعاً إلى توحد القوى المدنية والثورية وإحداث ضغط يؤثر بشكل كبير على مواقف الإخوان». وقال الدكتور طارق فهمى الباحث فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هناك مسارين لتعامل «مرسى» مع القوى المدنية، الأول يتمثل فى الإقصاء والاستئثار، محذراً من أن ذلك سيؤدى إلى صدام ستحاول الجماعة اجتنابه، أما المسار الثانى - وهو الأقرب للحدوث حسب رأيه - فهو تحقيق شراكة وطنية والتعاون مع كافة الأطراف ومنها القوى المدنية بتنوعاتها المختلفة، وقال: «هذا المسار هو الأنسب لطبيعة المرحلة الملتهبة حالياً وتجنب خلق صدامات جديدة، ولكنه يتطلب أن يبادر الإخوان بذلك وتقديم رسائل طمأنة للجميع بأفعال على أرض الواقع بمبدأ (المشاركة لا المغالبة) دون الاكتفاء به كشعار والأحاديث فى وسائل الإعلام والمؤتمرات». وأوضح فهمى أن القوى المدنية لن تجد حرجاً فى التعاون مع «مرسى» حال تعديل الإخوان من ممارساتهم الإقصائية، مشيراً إلى أن اختيار رئيس وزراء من التيار المدنى، ونواب للرئيس بالإضافة إلى بعض الحقائب الوزارية، يعتبر أولى هذه الخطوات.