سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خبير أردني في الشأن الإيراني ل"الوطن": روحاني لا يعتبر مرشحا توافقيا.. ونظام "الملالي" يعتم على "انتخابات مشبوهة" جهاد الرنتيسي: كانت هناك مقاطعة واسعة للانتخابات.. والسلطات رفضت الاعتراف بهذا
رأى الأستاذ جهاد الرنتيسي الخبير السياسي الأردني المختص بالشؤون الإيرانية، أنه لا مجال للحديث عن أن الرئيس الجديد لإيران الإصلاحي حسن روحاني، يعد مرشحا توافقيا يحظي بالقبول لدى كل الإيرانيين. وقال الرنتيسي، في حديث له مع "الوطن"، أن عملية الفلترة التي يتم به اختيار المرشحين واستبعاد النساء وغيرها من الفئات الاجتماعية تسقط هذه الفكرة. مضيفا أن الانتخابات الإيرانية تمت في أجواء مشبوهة، وأن فوز روحاني لن يقدم جديدا في أداء النظام الإيراني تجاه الغرب. وأشار الرنتيسي إلى أن هناك فوارق بين تجربة الملالي في إيران والإخوان في مصر، فالأخيرة فضلت المهادنة مع الغرب للتجاوز عن عدم وجود المرشح التوافقي. هل ترى أن حسن روحاني هو بالفعل مرشح توافقي يحظى بالقبول لدى الجميع مثلما تحاول الصحف العالمية تقديمه؟ * أستبعد هذا، إن "الفلترة" و"الغربلة" التي تمر بها عملية الترشيح لموقع الرئيس لا يمكن أن تفرز مرشحا توافقيا، والدستور الإيراني لا يسمح بترشيح الذي لا يؤمن بولاية الفقيه، ومجلس صيانة الدستور يضع العراقيل أمام ترشيح النساء، ومن حق هذا المجلس أن يرفض المرشح الذي لا يروق له، دون إبداء الأسباب. كما أن عملية الترشيح غير متاحة لشرائح وقطاعات واسعة من الشعب الإيراني، الأمر الذي يسقط فرضية تكافؤ الفرص. - هل تري أن هذه الانتخابات تمت بنزاهة خاصة في ظل ما يقال عن المشاركة الشعبية الواسعة للإيرانيين في هذه الانتخابات؟ * المعلومات الواردة من إيران تفيد بمقاطعة واسعة للانتخابات، الأمر الذي لم تعترف به السلطات الإيرانية المشرفة على العملية الانتخابية، وتم الالتفاف على قلة المشاركة بإجراء الانتخابات الرئاسية والبلدية معا، للإيحاء بكثافة المشاركين، وهناك عملية تكتم على الإجراءات، ما أثار الشكوك في نزاهة الانتخابات وحياديتها، وأعاد للأذهان ردود فعل الشارع الإيراني على الانتخابات الرئاسية السابقة التي أفرزت رئيسا مشكوكا في شرعيته، وعليه فإن الأجواء التي جرت فيها الانتخابات الإيرانية لا يمكن أن تفرز رئيسا يتوافق عليه الشعب الإيراني، كما أن النظام الإيراني حاول التغطية على أجواء الانتخابات الرئاسية وإفرازاتها من خلال قصفه معسكر ليبرتي للاجئين الإيرانيين في العراق الذين ينتمون لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة، التي تعد التنظيم المعارض الأقوى، ما أدى إلى سقوط قتيلين وعشرات الجرحى. - ما هي حظوظ "حسن روحاني" في أن يلقي قبولا لدي الدول الغربية؟ * إن الحيز المسموح لروحاني التحرك فيه لن يترك له مجالا لبناء علاقات هادئة مع الغرب وعواصم الإقليم فالسياسة الخارجية تبقى خاضعة للمرشد، والحرس الثوري الإيراني يلعب دورا كبيرا في تحديد السياسة الإيرانية، وأذكر في ذلك تجربة الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، الذي حاول أن يبذل جهدا في هذا المجال إلا أنه كان كمن يحرث في البحر. بل إن السياسة الخارجية الإيرانية ازدادت تشددا بعد نهاية ولاية خاتمي، ما يعزز الاعتقاد بأنه لم يكن قادرا على إحداث تغييرات جوهرية في السياسة الإيرانية، وأن دوره لا يتجاوز الديكور الذي يخفي تشدد نظام الملالي في بعض المراحل. - هل تقصد أن فوز روحاني لن يحدث أي تغيير؟ * نعم، إن فوز أي مرشح من مرشحي الرئاسة الإيرانية على أي من منافسيه لن يغير أمرا جوهريا في أداء النظام، ما يعني أن حدث فوز روحاني وفشل غيره من المنافسين لا يعني شيئا بحد ذاته. - هل هناك تشابه بين تجربة إيران ومصر في الانتخابات الرئاسية؟ إن بدايات الملالي في حكم إيران كانت أكثر قسوة من بدايات الإخوان في مصر؛ فكانت هناك قوى رئيسية شاركت في الثورة الإيرانية وعمل الخميني على سحقها ليستولي على الحكم، ورئيس جمهورية اضطر للهرب من البلاد، وقوى طلابية تم قمعها بقوة، ليتمكن الملالي من الإمساك بزمام الأمور. أما جماعة الإخوان في مصر فلديها إستراتيجية أخرى؛ فهي تهادن الغرب واسرائيل لتجاوز مشكلة الرئيس التوافقي والقرارات والترتيبات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية، ومن ثم إحكام السيطرة على الأوضاع في البلاد وإقصاء القوى السياسية الأخرى. - هل ترى أن هذه الإستراتيجية انعكست على سياسات مصر الإقليمية؟ السياسة المصرية تجاه قضايا الإقليم باتت محكومة بهذه المعادلة، التي أشرت إليها، أكثر مما هي خاضعة للمصالح الوطنية المصرية. - تمثل إيران وتركيا نموذجان لحكم له مرجعية إسلامية، وإن تفاوتتا في هذا، ما الفارق بينهما؟ ما يحدث في تركيا يدلل على ضيق أفق قوى الإسلام السياسي، حيث يتخذ رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان قرارات استفزازية تمس علمانية الدولة، ما اضطر القوى العلمانية لقول كلمتها، وهذا هو اختلاف عن أساليب ملالي إيران، وهو أمر يعود لاختلاف التجربة الديمقراطية والعلمانية التي أرسى دعائمها "أتاتورك" ودرجات نضوجها وقوة ردود الفعل على محاولات الارتداد على الإرث العلماني، إن جوهر أزمة الإسلام السياسي في إيران وتركيا ومصر يكاد أن يكون واحدا، ويتمثل في رفض المجتمعات العودة عن مكتسبات التمدن والعصرنة التي حققتها. - لماذا تهلل الصحف الغربية لفوز روحاني بهذه الطريقة؟ هناك شيء من الاستشراق في الصحف الغربية عندما تتعامل مع الإسلام السياسي، انظر كيف يتعاملون مع الإسلام السياسي في مصر مثلا أعتقد أن أداء هذه الصحف سيكون مختلفا خلال الفترة المقبلة. وأؤكد أن الغرب يعرف جيدا تاريخ روحاني والمواقع التي تولاها ويعي طبيعة النظام الإيراني وتركيبته، وبالتالي يصعب تسويق روحاني لديه، وشرعية النظام باتت مخدوشة في إيران وخارجها إلى الحد الذي يصعب ترقيعها. نظام الملالي يحاول تقديم روحاني باعتباره شخصية إصلاحية لتهدئة الداخل والخارج، ولكن المحاولة مكشوفة ولا خيار أمام النظام سوى التطرف، للالتفاف على صراع أجنحته، هنا يكمن مأزقه.