الساعة تقترب من الثامنة مساء.. مستشفى الشرطة بمدينة نصر يخيم عليها الهدوء والسكون، لا يوجد سوى الأمن على الأبواب، وفي غضون بضع دقائق أصبحت المستشفى "خلية نحل" الكل يجري هنا وهناك.. الأبواب تفتح والجميع يخرج.. ولحظات ووصلت سيارة إسعاف ووراءها عدد لا حصر له من السيارات الملاكي، واذا بسيارة الإسعاف تقف أمام ثلاجة حفظ الموتي ويخرج منها جثمان الشهيد محمد سيد عبد العزيز الأشقر الذي أستشهد أمس في العريش ، وينزل وراءه عدد من الرجال والسيدات اللاتي ترتدين الملابس السوداء، وإذا بسيدة منهارة من كثرة البكاء تدخل ثلاجة حفظ الموتى لتلقي النظرة الأخيرة قبل مراسم تشيع الجثمان.. رجل في العقد السابع من عمره يبدو على حزنه الوقار، الجميع يذهب اإليه ويواسيه "شد حيلك يا سيد بيه". مجموعة من زملاء الشهيد بالأمن الوطني يصافحون والده، ويطلبون منه التحلي بالصبر، ويؤكدون له أن "دم محمد لن يذهب هدرا"، وبجانب اللواء سيد والد الشهيد، يوجد 3 رجال يأخذون مع والده واجب العزاء، من قيادات وضباط المستشفى، وهم أزواج بناته الثلاثة شقيقات الشهيد. جلست والده الشهيد "سعاد علي يوسف" تحكي قصة حياة محمد وزواجه التي لم تره بسبب استشهاده، ثم دخل إلى المستشفى ضابط صغير في السن، وقام بمعانقه والد الشهيد ووالدته، فقالت له السيدة سعاد "أخوك مات".. واتضح أنه زميل وصديق الشهيد، وظل الضابط الشاب يبكي وانهار من شدة البكاء، وأحضروا له كرسيا لكي يجلس عليه لعدم استطاعته الوقوف. انصرفت كل القيادات الأمنية والضباط والأطباء ورجال أمن المستشفى من أمام ثلاجة المستشفى ولم يتبق سوى 7 رجال، والد الشهيد وأزواج شقيقاته وصديق عمره ورجل آخر من جيران الشهيد، و4 سيدات فقط هم والدته وشقيقاته الثلاثة، وسادت حالة من الهدوء على المستشفى، وعادت مرة أخرى إلى الهدوء والسكينة. في الساعة الثانية عشر مساء غادر الجميع مستشفى الشرطة، وتركوا جثمان الشهيد داخل ثلاجة المشرحة، وفي التاسعة من صباح اليوم التالي حضرت أسرة الشهيد وعدد من قيادات مديرية أمن القاهرة إلى مستشفى الشرطة بمدينة نصر، ووقفوا جميعا أمام باب ثلاجة المشرحة حتى تجمع العشرات من ضباط الشرطة وزملاء الشهيد وزملاء والده، وعندما اقتربت العاشرة والنصف صباحا خرج جثمان الشهيد داخل سيارة إسعاف متجها إلى مسجد الشرطة بالدراسة، حيث مراسم تشييع الجثمان، ووراءه أسطول من السيارات تمشي خلف الجثمان، حتى وصلت مسجد الشرطة، وظل الجثمان داخل سيارة الإسعاف حتى الانتهاء من صلاة الظهر ثم دخل الجثمان ودخلت المئات من القيادات والضباط وعائلة الشهيد، وقاموا بصلاة الجنازة عليه، ثم خرج الجثمان مره أخرى على سيارة إطفاء.