جاء صوت الأديب العجوز عبر الهاتف واثقاً «الآن وقد أهدر نظام مبارك دماء المصريين الطاهرة، فإننى أرد جائزة مبارك للآداب التى حصلت عليها فى 2009 بكل راحة ضمير».. تزامنت المكالمة الهاتفية مع الاشتباكات التى عُرفت لاحقاً ب«موقعة الجمل». تعرف الروائى المصرى بهاء طاهر من قسمات الوجه الحليق المُشبّع بالسمرة، تجاعيد العمر المشرف على الثمانين، ونظارة طبية نحيفة أمام العينين العجوزتين.. يجلس بين رفاقه على باب مكتب وزير الثقافة رافعاً شعار «لا رحيل قبل إقالة الوزير»، معلنين احتجاجهم على سياسات الوزير الهادفة إلى «أخونة الدولة». بعيداً عن أعماله الأدبية والروائية، كان لبهاء طاهر الكثير من التحركات فى الشارع، حيث أعلن تضامنه ومشاركته فى الاحتجاجات التى استهدفت سياسات المجلس العسكرى، وجماعة الإخوان المسلمين، فوقع على استمارة «حركة تمرد» التى تهدف إلى سحب الثقة من رئيس الجمهورية محمد مرسى المنتمى إلى الجماعة. الاعتصام الأخير الذى بدأه طاهر مع بعض رفاقه من الأدباء والفنانين، كصُنع الله إبراهيم، ونبيل الحلفاوى، قوبل بالتجاهل، غير أن بهاء طاهر ورفاقه لم يندهشوا لذلك التجاهل «لم نندهش من تجاهل الوزارة لاعتصامنا، فالوزير الحالى لم يُعين نفسه، بل جاء لينفذ سياسة بعينها.. سياسة تهدف إلى ضرب الثقافة والهوية المصرية فى مَقتل، وإطفاء أنوارها التقدمية وصبغ الهوية المصرية بصبغة الحزب الحاكم مثلما تعامل الحزب الوطنى». بهاء طاهر، الأديب والمترجم والمخرج المسرحى المصرى، ينتمى إلى جيل الثلاثينات.. الجيل ذاته الذى نصحه فى أحد تصريحاته بأن يتوارى مفسحاً المجال أمام جيل الشباب الطامح فى التغيير لكى يعبر عن نفسه ويُسمع صوته، مبرراً «من ذلك الجيل الكثيرون ممن قدموا أنفسهم كآباء شرعيين للثورة (أو آباء أدعياء) ملأوا الصفحات والشاشات بأحاديث عن جهادهم واعتصامهم فى ميدان التحرير وتصديهم للشرطة.. إلخ». الروائى المصرى الذى حاز العديد من الجوائز على أعماله الأدبية ومجموعاته القصصية ردد أن «وزير الثقافة الحالى، علاء عبدالعزيز، لا يعرفه أحد فى مجال الثقافة، وكان هناك الكثير من الشخصيات الثقافية التى تتمتع بتاريخ طويل فى إثراء الحياة الثقافية المصرية». أعمال بهاء طاهر الأدبية علامة يشير إليها أفراد الجماعة الثقافية؛ منها المجموعات القصصية ك«أنا الملك جئت»، و«لم أكن أعرف أن الطواويس تطير»، وروايات حازت الكثير من الجوائز مثل «واحة الغروب» التى حاز بها على جائزة البوكر العربية عام 2008، وجائزة جوزيبى أكيربى الإيطالية عن روايته «خالتى صفية والدير». ولد الروائى المصرى بهاء طاهر عام 1935، ودرس التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، ثم عمل مترجماً لفترة فى الهيئة العامة للاستعلامات، ومخرجاً ومذيعاً فى إذاعة البرنامج الثانى الإذاعى، عاش طاهر لفترة فى أوروبا عمل خلالها مترجماً لدى الأممالمتحدة وعاد فى منتصف التسعينات إلى مصر ليستقر بها.