فتح حكم المحكمة الدستورية العليا أمس بعدم دستورية كل من قوانين انتخابات مجلس الشورى والطوارئ وتشكيل الجمعية التأسيسية وإعمال أثر هذا الحكم اعتباراً من الجلسة الأولى لانعقاد مجلس النواب المقبل، ملف الصراع بين تنظيم الإخوان والمحكمة الدستورية العليا بصفة خاصة والقضاء بصفة عامة، فالصراع بين التنظيم والقضاء صراع أزلى منذ بداية تأسيس الجماعة على يد حسن البنا، حيث دفع بما يسمى «الخلايا النائمة» داخل الهيئات القضائية لاستغلالها فى نظرية التمكين، وكان ذراعه اليمنى فى ذلك المستشار حسن الهضيبى الذى تولى منصب المرشد، ومن بعده عبدالقادر عودة وغيرهما من بعض القضاة المنتمين والموالين للجماعة. وشهدت فترة حكم النظام السابق غضب الإخوان على القضاء لتوهمهم أن القضاء كان يد نظام مبارك فى سحقهم واعتقال قياداتهم والعقبة الكئود أمام استمرار مخططاتهم فى التمكين. وبعد ثورة 25 يناير بات هدف تنظيم الإخوان تسليط الهجوم على القضاء عامة وتقليص دور المحكمة الدستورية العليا بصفة خاصة وتحويل أحكامها إلى مجرد توصيات لخدمة أهدافهم السياسية والوصول إلى نظرية التمكين، لكن الصراع مع المحكمة الدستورية العليا كان هو الأبرز منذ أزمة قرار حل مجلس الشعب، الذى كان يحظى فيه الإخوان بالأغلبية للمرة الأولى، ورد الإخوان على هذا الحكم بتعديل تشكيل المحكمة وفقاً لمواد الدستور الجديد والإطاحة بالمستشارة تهانى الجبالى من المحكمة، ثم الإطاحة بالمستشار عبدالمجيد محمود النائب العام. وبرزت عداوة الإخوان للقضاء، وبصفة خاصة المحكمة الدستورية، فى تحريض التنظيم للتيارات الإسلامية، وعلى رأسها حركة حازمون، لمحاصرة المحكمة الدستورية العليا لمنعها من إصدار أى أحكام بحل الجمعية التأسيسة للدستور أو حل مجلس الشورى، ثم اشتد الصراع بعد أن وجّهت المحكمة الدستورية، وهى أعلى الهيئات القضائية، ضربة قوية لتنظيم الإخوان، بقرارين تضمنا عدم دستورية 13 مادة فى قانونى «مجلس النواب» و«مباشرة الحقوق السياسية» اللذين أقرهما مجلس الشورى. وأخيراً، قضت بعدم دستورية قوانين انتخابات مجلس الشورى والطوارئ وتشكيل الجمعية التأسيسية. من جانبه أكد الدكتور أحمد بهاء الدين شعبان، عضو الهيئة العليا لجبهة الإنقاذ، أن الصراع بين المحكمة الدستورية العليا وتنظيم الإخوان يمثل أزمة المجتمع المصرى، فبعد عامين ونصف من الثورة كان من المنتظر أن يشهد المجتمع المصرى ميلاد مجتمع ديمقراطى دستورى مؤسس على احترام القضاء واحترام دولة القانون والحق، ولكن ظهرت النوايا الشريرة لتنظيم الإخوان فى تخريب الهيئات القضائية لتنفيذ مخطط التمكين وتحويل مؤسسات القضاء، بما فيها المحكمة الدستورية العليا التى يعتبرها الإخوان عقبة رئيسية تعرقل أهداف التنظيم، إلى خلية من خلايا الإخوان تخدم مشروع التمكين. وأضاف شعبان أن الجماهير والشعب المصرى مطالب بحماية مؤسسات القضاء من تغوّل الإخوان، خاصة أن الجميع يعلم أن الإخوان هم أول من بدأ بالعداء واستعداء القضاء ومحاولاتهم للسيطرة عليه وتحويله إلى مؤسسة خادمة ومطيعة لهم تحت نظريتهم المعروفة بمبدأ السمع والطاعة، وهو ما وقف له القضاة ودافعوا عن هيبة المؤسسة القضائية بقوة وشراسة تحسب لهم، وما يقوم به نادى القضاة حالياً خير دليل على امتداد الصراع بين جميع الهيئات القضائية وتنظيم الإخوان والتيارات الإسلامية الموالية لهم. وتابع شعبان أن جميع محاولات الإخوان لترويع أعضاء المحكمة الدستورية العليا باءت جميعها بالفشل لإيمان أعضاء المحكمة الدستورية العليا برسالتهم فى الدفاع عن الحق والقانون والعدالة. وأكد أبوالعز الحريرى، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، أن صراع الإخوان مع المحكمة الدستورية العليا هو فى حقيقته صراع بين الدولة المصرية وبين تنظيم غير شرعى، بما فيه رئيس الجمهورية التابع له، يريد أن يسيطر على مفاصل الدولة. وأضاف الحريرى عن حكم الدستورية العليا: «كنا نتوقع أن يكون مماثلاً للحكم الذى صدر من قبل ببطلان مجلس الشعب»، مشيراً إلى أن الإخوان أول من بادروا بالعداء ضد المحكمة الدستورية العليا عندما قاموا بتقديم مشروع قانون بمجلس الشعب يقضى بتحويل أحكام الدستورية العليا لمجرد استشارات، وهذه سذاجة تحدث لأول مرة فى تاريخ القضاء الذى تُعتبر أحكامه ملزمة لأنها تستند إلى مواثيق وقوانين دستورية، لافتاً إلى أن الإخوان كانوا يقصدون من وراء هذه القوانين إلى تقليص دور المحكمة الدستورية وأن تكون مجرد ديكور لتنفيذ مخططات التنظيم. وأضاف أن الإخوان كانوا يريدون من مخطط التميكن أن يسيروا على طريقة آل سعود فى السعودية، وكرروا نفس سيناريو التمكين فى تركيا كما فعل أردوغان. ويتفق مع ذلك الكاتب الصحفى صلاح عيسى، حيث يرى أن الموقف العدائى للإخوان من القضاء والمحكمة الدستورية العليا بدأ مع الثورة، حيث أشاعوا فكرة تطهير القضاء وغيرها من الشعارات التى لم يدرك الثورا خطورتها إلا بعد أن ظهرت سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة المصرية بعد نجاح مرسى فى الانتخابات الرئاسية. وأضاف عيسى أن الإخوان كانوا هم أصحاب مليونيات تطهير القضاء والإطاحة بالنائب العام وتحريض التيارات الإسلامية الموالية لهم على تنظيم المليونيات والدعوة إلى هز صورة المحكمة الدستورية العليا وتشويه صورة أعضائها ابتداء بمحاصرتها والاعتصام أمامها ومنع القضاة من ممارسة أعمالهم. وأوضح عيسى أن مجلس الشعب قبل حله شن هجوماً كبيراً ومنظماً ضد قضاة المحكمة الدستورية العليا وقدموا مشروعات قوانين كان هدفها تخريب السلطة القضائية وتفريغها من مضمونها، وكان من بينها إعادة تشكيل المحكمة الدستورية العليا وتعديل مواد كان الهدف منها النيل من بعض أعضائها، وهو ما حدث بالفعل بإقصاء المستشارة تهانى الجبالى لإتاحة الفرصة لبعض القضاة من الخلايا النائمة لتنظيم الإخوان ليحلوا محل المستبعدين، لافتاً إلى أن تقارير أمن الدولة والبوليس السياسى على مدار تاريخ الإخوان يشهد على أن الإخوان حاولوا مراراً وتكراراً زرع خلاياهم النائمة فى القضاء. وأضاف عيسى أن أحكام الدستورية العليا الأخيرة لا بد أن تؤكد حقيقة واضحة أمام تنظيم الإخوان مفادها أن سير الإخوان فى طريقهم نحو التمكين والاستئثار بالسلطة بعيداً عن باقى القوى السياسية سيدفعهم إلى الهاوية وسيعجّل بنهايتهم. أخبار متعلقة: «الدستورية» توجه ضربة ثلاثية لنظام «الإخوان» «الإنقاذ»: حكم «الدستورية» دليل إضافى على عدم مصداقية «الدستور والشورى» أحزاب إسلامية: حكم الدستورية «كارثة» ويعيدنا لخانة «الصفر» «الدستورية» تستند إلى الدستور فى حكم حل الجمعية التأسيسية الصادر عنها الدستور.. «حد فاهم حاجة؟» بروفايل: أحمد فهمى.. رئيس «مؤقت» «قضايا الدولة»: لن نطعن على حكم «الدستورية» «مرسى» يجتمع بهيئته القانونية لبحث حكم «الدستورية» النائب محمد يوسف: المحكمة تخطت الدستور وبنت حكمها على اجتهاد خاطئ صبحى صالح ل«الوطن»: حكم «الدستورية» صحيح .. والمجلس مستمر فى إصدار التشريعات بروفايل: «الغريانى».. رئيس الدستور «المسلوق» قانونيون: حكم «الدستورية» حوّل «الشورى» إلى «ديكور».. نزع منه التشريع ومنحه رخصة البقاء «تويتر» يعلن العصيان على حكم المحكمة الدستورية «لا النشطاء بلعوه ولا الإخوان حبوه» «الإخوان»: حكم الدستورية «مُسيس» القوى السياسية بالمحافظات ترحب بحكم «الدستورية».. وتؤكد: كان ينبغى حل «الشورى» نهائياً بروفايل: ماهر البحيرى.. رحيل صاخب حقوقيون وقانونيون: «الدستورية مسكت العصاية من النص».. وجدل حول بطلان «دستور الإخوان»