يعقد المجتمع الدولي غدا مؤتمرا في بروكسل، بهدف طموح لجمع نحو ملياري دولار من أجل مساعدة مالي على إحلال الديمقراطية والتنمية بعد انتهاء المعارك. وفي هذا المؤتمر، الذي يُعقد بمبادرة الاتحاد الأوروبي وفرنسا، ستؤكد المنظمات الدولية الكبرى (الأممالمتحدة والبنك الدولي والاتحاد الإفريقي) ونحو عشرة من رؤساء الدول دعمهم طويل الأمد لمالي، التي تعتبر من أكثر البلدان فقرا في العالم. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اليوم: "إننا بصدد الانتصار في الحرب، ولابد الآن من الانتصار في السلام. لذلك نحن بحاجة إلى تنمية اقتصادية"، موضحا أن "المبالغ لن يتم صرفها إن لم يتحقق في الوقت نفسه تقدم ديمقراطي" مع الانتخابات المقررة هذا الصيف. وتابع أنه "تم فرض الأمن بصورة إجمالية. ينبغي الآن إحلال الديمقراطية والحوار والتنمية، وكلها تأتي معا. لذلك نحن بحاجة إلى المال". وأضاف فابيوس، الذي سيحضر إلى بروكسل إلى جانب الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند ورؤساء السنغال وكوت ديفوار والنيجر وموريتانيا، أن هدف مؤتمر "معا من أجل إنهاض مالي" هو جمع نحو 1.96 مليار يورو من الجهات المانحة، بحسب المنظمين. وهذا المبلغ يوازي 45% من قيمة خطة التنمية المستدامة في مالي، التي قدمتها مؤخرا السلطات المالية من أجل النهوض بالبلاد على مدى سنتين (2013-2014). ولفت المنظمون إلى أن هذه الخطة المفصلة "تستند إلى مقولة أن لا تنمية في مالي بدون الأمن، ولا أمن بدون تنمية". وقال مسؤول أوروبي إن "مالي بحاجة فعلا للمال من أجل إعادة تفعيل الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء والصحة أو الإدارة، خاصة في مناطق الشمال المحررة"، إثر التدخل الفرنسي الإفريقي الذي بدأ في يناير الماضي. كذلك يتعلق الأمر أيضا بالمساعدة في عودة الأشخاص الذين هربوا من الجماعات الجهادية والمعارك منذ 2012، ويقدر عددهم بنحو 480 ألفا، بينهم 290 ألف نازح بداخل البلاد، تدهورت أوضاعهم بفعل الجفاف الذي أصاب المحاصيل عام 2012. ويعاني نحو ثلاثة ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي، بحسب الإحصاءات الرسمية. واهتز اقتصاد مالي إلى حد كبير بسبب توقف المساعدة الدولية بعد الانقلاب العسكري في 22 مارس 2012، فتدهورت موارد الدولة بشكل كبير بنسبة 30% ونفقاتها بنسبة 33%، وشهدت البلاد انكماشا بنسبة 1.2% العام الماضي، بحسب صندوق النقد الدولي. لكن على ضوء تحسن المحاصيل، تعوِّل باماكو على عودة النمو هذه السنة بنسبة 4.8% من إجمالي الناتج المحلي. وفي بروكسل، سيُدعى قادة المرحلة الانتقالية في مالي، وفي طليعتهم الرئيس ديوكوندا تراوري ورئيس الوزراء ديانجو سيسوكو، إلى إعطاء ضمانات بشأن عودة سريعة للديمقراطية. وعليهم خصوصا طمأنة المجتمع الدولي لقدرتهم على تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية يوليو القبل. وقال دبلوماسي أوروبي في هذا الصدد إنه "أمر أساسي، لأن انتخاب رئيس جديد سيعطيه الشرعية الضرورية لدفع عملية المصالحة". لكن ليحظى الاقتراع بالمصداقية، ينبغي أن يُجرى على كل الأراضي المالية، وخاصة في منطقة كيدال (شمال شرق) التي تسيطر على جزء كبير منها حركة الطوارق، الحركة الوطنية لتحرير أزواد، التي تطالب بحكم ذاتي واسع في المنطقة. ويأتي مؤتمر المانحين في بروكسل بعد ذلك، الذي عُقد بشكل طارئ أواخر يناير الماضي في أديس أبابا، حيث خصص مبلغ 455 مليون دولار لتمويل انتشار القوة الإفريقية على إثر تدخل القوات الفرنسية. ودعت منظمات غير حكومية عدة الدول المانحة إلى أن تعلن في بروكسل مساهمات جديدة فعلية، وهي تخشى أن يعمد بعضها مثل فرنسا إلى إبقاء "الغموض حول طبيعة القروض المعلنة"، بحسب منظمة أوكسفام، كما يتوجب أيضا تركيز الأولوية على الهبات وليس القروض، نظرا ل"الرهانات الضخمة المتمثلة بإعادة الإعمار والتنمية".