قال الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، إن هناك عدة أحداث طرأت، ومجموعة من المتغيرات وقعت أثرت جميعها على المعادلات والتوازنات في منطقة الخليج العربي. وأضاف هيكل، في المحاضرة التي ألقاها في جامعة جورج تاون الأمريكية بالدوحة تحت عنوان "الخليج.. اليوم بعد غد"، أن أول هذه التغيرات هو فضاء منطقة شمال ووسط الشام، وحتى تخوم شبه الجزيرة العربية، حيث شهدت وتشهد دمارا واسعا إنسانيا وعمرانيا وثقافيا، وإذا لم يكن علينا الآن أن نتحدث عن أسباب هذا الدمار فإننا مطالبون على الأقل بتدبر نتائجه، وأخطرها "فراغ القوة" و"فراغ السلطة المخيف" والذي نشأ حول الخليج، وذلك بدوره سيستدعي أشكالا وألوانا من الاضطراب والفوضى غير محكومة وغير منضبطة. ثانيا: أن ما وقع في إيران حتي قبل الثورة الإسلامية، ثم ما وقع بين إيران والعراق عقب تلك الثورة الإسلامية، ثم ما استحكم بعد ذلك من فتن مذهبية بين سنة وشيعة وجدت من يشعل النار فيها بشحنات من التوتر، تلاقت جميعها مع بوازغ فوضى في دول الجوار العربي الغربي، ثم زادها أنها قريبة من ساحة براكين نشطة مرئية من الخليج، وعلى مسمع منه في باكستان وأفغانستان. ثالثا: لقد كان شائعا لعقود طويلة أن العمق العربي داخل وربما متداخل في الشأن الخليجي، وهذا طبيعي، ثم وقع خلال السنوات الأخيرة أن الخليج أصبح داخلا ومتداخلا في العمق العربي، وهذا بدوره طبيعي، على أن للطبيعة مواسمها، فحدوث تدخل وتداخل الخليج متوافقا مع وقوع زلازل اجتماعية وسياسية وفكرية عميقة، والزلازل لها توابع، والتأهب للزلازل صعب والاستعداد للتوابع كذلك. وفي الحالتين فإنه يصعب التكهن بدرجات الارتداد والتصاعد، وهذه في الطبيعة ظاهرة فيها من المجهول أكثر مما فيها من المعلوم، وكذلك السياسة. رابعا: أن الكثافة السكانية في قلب شبه الجزيرة العربية تزداد بمعدلات لفتت نظر الدارسين والخبراء، بينهم من رأى أنه في ظرف ما بين خمسة عشر سنة إلى عشرين سنة فان تعداد السعودية ستصبح خمسين مليون من البشر، واليمن نفس المقياس، أي أن كتلة مائة مليون إنسان سوف تملأ سعة شبه الجزيرة العربية، وهذا الامتلاء مطلوب لكنه شأن أي امتلاء له فعل إزاحة، ثم أن مطالب المستقبل لهذه الكتل المتضخمة في السعودية واليمن قد تزيد كثيرا عن الموارد المتاحة، كما أن رياح التغيير وضمنها وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة سوف تطرح مطالبات ملحة ومتصاعدة متشوقة إلى الحق والحرية . خامسها: أن النفط العربي على وشك أن يتنازل عن صفاته، ولا أقول أهميته، فهناك اكتشافات تبدو غزيرة في إفريقيا وآسيا، وفى أعماق البحر الأبيض والمحيط الأطلسي، كما أن هناك جهودا مكثفة يبذلها العلم والتكنولوجيا ويعززها عالم صناعي لا يريد زيادة اعتماده على مصدر رئيسي للطاقة، وقد رأينا هذا العام بالتحديد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية خفضت وارداتها من نفط الشرق الأوسط بنسبة 40% اعتمادا على تكنولوجيا استخلاص النفط. الأخبار المتعلقة: هيكل في محاضرة بالدوحة: الخليج مطمع قوى دولية وإقليمية.. والاستثمارات خير ضامن لأمنه