كلما وقع زلزال أو هزة ارضية في اي مكان بالعالم, يمسك العرب قلوبهم, والبعض يحبس انفاسه متسائلا, اين نحن مما يجري, واين المنطقة العربية من حزام الزلازل. وهل الخطر حقيقي ام ان العرب في مأمن من تلك الكوارث ولو بشكل جزئي؟ وإذا كنا فعلا في مأمن يبقي السؤال المطروح.. إلي متي ؟؟؟ من النظرة الأولي علي حزام الزلازل في العالم يتضح ان منطقتنا العربية ليست بعيدة عن هذه الأحزمة المخيفة. فهناك ما يعرف بحزام النار وهو الحزام الذي يمر بجنوب أوروبا ويمتد حتي الصين. وهناك حزام اخر يمثل منطقة التلاقي بين أوروبا وإفريقيا ويعبز شرق البحر المتوسط بدءا من سواحل تركيا وبلاد الشام مرورا بمصر ودول المغزب العربي. أما حزام الاخدود الافريقي الشرقي فيمتد من سوريا ولبنان وفلسطين والاردن وسلاسل جبال غرب البحر الاحمر حتي اثيوبيا والكونغو وهناك ايضا الحزام الاسيوي الاوروبي الذي يمتد بين جبال الهيمالايا والالب مرورا بباكستان وايران والعراق وجمهوريات الكومنولث الاسيوية حتي اوروبا. اما اخطر احزمة الزلازل في العالم فيمر حول المحيط الهادي من الشرق إلي الغرب, او من اليابان إلي سواحل الولاياتالمتحدة, وهو المتسبب في نحو ثلاثة ارباع زلازل العالم المدمرة. بدرجات مختلفة ومن خلال متابعة خط سير تلك الاحزمة الزلزالية, تبدو المنطقة العربية معرضة لمخاطر الهزات بدرجات ونسب مختلفة فهناك مثلا أكثر من نصف عدد الدول العربية يقع في مناطق نشاط زلزالي مباشرة مثل سوريا ولبنان وفلسطين والاردن ومصر ودول المغرب العربي اضافة إلي اليمن, وتتعرض هذه الدول بألفعل بين الحين والآخر لزلازل مدمرة. وبألفعل وقعت في السنوات الستين الماضية زلازل في خليج العقبة وضربت مصر وامتدت اثارها إلي الاردن في اعوام1955 و1969 و1983 و1992 و1995 و1996 وزلزال الجزائر عامي1980 و2003 وزلزال ذمار في اليمن عام1982 وليبيا عام.1964 ورغم ذلك تعد المنطقة العربية برأي خبراء بعيدة عن احزمة الزلازل الرئيسية في العالم, والتي تقع بالقرب من قيعان المحيطات, حيث النشاط في قاع البحر الأحمر, يعد من اخف واضعف مناطق النشاط البركاني, وهذا لاتصاحبه زلازل قوية عادة حيث تتراوح قوتها بين4 إلي6 درجات بمقياس ريختر. ويعد اخدود البحر الأحمر بالنسبة للمنطقة هو الأخطر, لكن لايساوي شيئا بالمقارنة بما يجري في اعماق المحيطات. ويتحدث خبراء الزلازل عن ان اتساع البحر الاحمر يجعل الجزيرة العربية تتحرك كتلة واحدة في اتجاه عكس عقارب الساعة, لتصطدم بالهضبة الايرانية, فتسبب الزلازل هناك في إيران. كما ان الشمال الافريقي يتحرك في اتجاه عقارب الساعة, متجها اسفل القارة الأوروبية, فتحدث الزلازل في منطقة التصادم بالمغرب العربي, لذلك تتكرر الزلازل في إيران وفي المغرب العربي دائما. ويعتبر تكرار تلك الهزات عاملا من عوامل الأمان, رغم المخاطر, حيث تعتبر مصدرا للتنفيس الدائم لباطن الأرض, بما يجنب المنطقة الزلازل المدمرة والكارثية بعكس ما تحتويه قيعان المحيطات. التأهب العربي وتبدو المنطقة العربية غير مؤهلة لمواجهة كارثة زلزالية فوق المستوي المتوسط الذي تتعرض له بين فترة واخري, فالعديد من المباني ومنشآت البنية التحتية في معظم الدول العربية, غير مطابقة لمواصفات مقاومة الزلازل, وهو مايعني وجود احتمالات قوية لوقوع اضرار وانهيارات كلية وجزئية اذا ضربت المنطقة زلازل تتراوح قوتها بين6 و7 درجات بمقياس ريختر. وقد ظهر ذلك بوضوح في زلزال1992 الذي ضرب مصر, وسبب خسائر كبيرة, كان معظمها بسبب تهالك البنية التحتية وضعف حالة المباني, في القاهرة والريف علي حد سواء مع انتشار ألفساد في قطاع المحليات المعني بإصدار تراخيص البناء. يضاف إلي هذا ان معظم المباني عند تصميمها وبناؤها لاتأخذ بعين الاعتبار التصميم الزلزالي للمنشآت, وانما يتم التركيز علي جعل المباني تقاوم ما يسمي بالاحمال الرأسية فقط, بمعني ان تحمل نفسها وما عليها من احمال, دون الأخذ بعين الاعتبار للقوي التي قد تحدثها الزلازل. كما ان غالبية المواطنين في بلد كمصر, يحجمون عن التصميم الزلزالي لارتفاع التكاليف, وهو ما قد يتطلب تعديلات في البنية القانونية والتشريعية وتنظيم منح رخص البناء. اللافت ايضا ان المنطقة العربية تعاني من نقص واضح فيما يعرف بالثقافة الزلزالية, حيث يتراجع اهتمام وسائل الاعلام المختلفة بهذا الأمر, كما يغيب التخطيط والدرسات التي تحدد طبيعة الاراضي التي يمكن البناء عليها أو التي يجب الابتعاد عنها لوقوعها في دائرة الخطر. ففي غياب الرقابة الحكومية وانتشار ألفساد والعشوائيات, يبني المواطنون في مصر بيوتهم مثلا في مخرات السيول واسفل الكتل الصخرية المعرضة للانهيار في اي لحظة كما هو الحال في منطقة الدويقة والمقطم, وقد حدثت بألفعل كوارث وانهيارات ورغم ذلك بقي الوضع علي ماهو عليه. كما لاتوجد أجهزة معنية بمتابعة وإدارة الكوارث والتنبؤ بها والتعامل معها, حيث يجري التحرك في معظم الاحوال كما اكدت تجارب سابقة للتعامل مع التوابع, فتجد ألفوضي وتضارب القرارات والإجراءات, اما المواطن العادي فهو الضحية دائما.