لايمكن التصديق أن هذا الكم الهائل من الحوادث العالمية والمحلية يحدث ومازال عام2011 في شهوره الأولي وكأن الأيام تمر ببطء شديد جدا. تحولت أنظار العالم هذه الأيام للكارثة الطبيعية والنووية التي ألمت باليابان وما ستخلفه من دمار وكوارث اقتصادية وبيئية وإنسانية خاصة في ظل فقدان السيطرة علي المحطات النووية. وصعوبة التحكم في عمليات الانصهار والتسريبات النووية التي بدأت تتصاعد بكثافة شديدة في الجو. وعن احتمالية تحرك الأبخرة الإشعاعية لتصيب دولا أخري, يقول الدكتور محمد محمود عيسي رئيس هيئة الأرصاد الجوية إنه أمر وارد ويصعب تقديره في الوقت الراهن إلا أنه بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فمن المستحيل أن تصل لنا هذه الأبخرة الإشعاعية لعدة أسباب أهمها بعد المسافة الجغرافية ووجود التوزيعات الضغطية الحالية واتجاه مسارات تيارات الرياح التي تعوق أي تحرك للأبخرة الإشعاعية غربا وبالتالي يمكن الجزم أن منطقتنا في أمان عما يحدث من تسريبات نووية وبشكل عام فإن تسونامي2011 ينبيء باجتماع كارثتين في وقت واحد, فبعد تعرض السواحل الشمالية الشرقية لليابان لطوفان هو الأعنف من نوعه أدي الي وفاة ثلاثة آلاف شخص وفقدان الآلاف حتي الآن بالمدن الساحلية أعلنت السلطات اليابانية أن5 محطات نووية معرضة لحدوث تسريبات نووية بها خاصة أن عمليات التبريد لا تتم بالكفاءة المطلوبة, وتقول الدكتورة هدي أبو شادي منسق الأمان النووي بجامعة القاهرة إن الأخبار الواردة تشير الي عجز العلماء عن تشغيل دورة التبريد والي انصهار جدران أحد المفاعلات النووية والي تصاعد الأبخرة الإشعاعية مما يستدعي إجلاء كافة المواطنين عن هذه المحطات لمسافة60 كم كحد أدني, وطبقا لتحذيرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإنه يجب تجنب استنشاق الأبخرة النووية المتصاعدة والتي تتكاثف بمعدلات متسارعة وصلت الي20 ضعفا خلال3 ساعات فقط حيث يؤدي استنشاق هذه الأبخرة الي حدوث حالات تشنج وإذا لم يتم إسعاف المصابين ومنحهم التطعيمات اللازمة فإنهم معرضون للموت خلال بضع دقائق. وقد بات من المؤكد أن محطتين علي الأقل خرجتا عن نطاق السيطرة وحدثت تسريبات نووية بمحطة دايتشي بفوكوشيما التي تبعد25 كم عن العاصمة طوكيو. وعن أسباب حدوث التسونامي يقول الدكتور رشاد قبيصي أستاذ علوم الزلازل والبراكين والرئيس الأسبق لمعهد العلوم الفلكية والجيوفيزيقية وأحد العلماء الذين أجروا دراساتهم البحثية لسنوات باليابان: إن الكارثة الإنسانية يمكن شرحها علي أنها زلزال عملاق حدث في البحر علي بعد140 كم من السواحل اليابانية وتبعه بساعة تقريبا تسونامي أو طوفان اجتاح السواحل وأتي علي الأخضر واليابس قد نتج ذلك لوجود اليابان علي حزام النار وهو من أشهر الحزم الزلزالية بالعالم والممتد بطول سواحل المحيط الهادئ من روسيا شمالا حتي استراليا وجزيرة نيوزيلندا جنوبا وكل5 سنوات تصاب احد السواحل بهذه المنطقة بزلزال مدمر. وبالنسبة لليابان فهي تشهد لأول مرة منذ140 عاما زلزالا بهذه القوة حيث وصل الي.8,8 ريختر واللافت في الأمر أن نفس المنطقة تعرضت منذ أسبوع لزلزال آخر وصلت شدته الي2,7 ريختر ولكن لا أحد يمكنه التنبؤ بمثل هذا الزلزال المدمر الذي حدث في وقت مباغت ليلا وتلاه التسونامي و توابع الزلزال التي رصدت بحوالي20 تابعا حتي الآن وإن كانت أقل شدة. ويؤكد الدكتور رشاد أن شدة هذا الحدث قد تؤدي الي تحرك محور الأرض بمقدار10 سم كما تشير احد تقديرات علماء الزلازل في إيطاليا وهو ما قد يؤدي الي تزحزح قطر الأرض قليلا وقصر اليوم بمقدار جزء من الثانية. وعن تفسير ما حدث يوضح الدكتور رشاد أن منطقة حزام النار نشطية جدا ونتيجة لهذا النشاط يحدث احتكاك مستمر بين طبقة القشرة الأرضية تحت المحيط والمقابلة لها تحت القارات وينتج عن هذا الاحتكاك انزلاق وتهشمات وصعود وهبوط مفاجئ بطقبات القشرة الأرضية عند السواحل الأضعف, وفي هذه المرة كانت عند السواحل اليابانية مما نتج عنه حدوث الزلزال علي عمق25 كم تحت سطح المحيط وعلي بعد140 كم من السواحل كما امتد تأثير الزلزال حتي الصين إضافة لذلك تكونت دوامة عاتية وموجات عالية تحركت في جميع الاتجاهات وبلغ أقصي ارتفاع لها10 أمتار بسرعة90 كم في الساعة مما أدي لحدوث التسونامي. وحول أسباب انخفاض تأثير تسونامي اليابان علي باقي سواحل المحيط الهادئ يوضح الدكتور أبو العلا محمد رئيس قسم الزلازل بمعهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية أن هناك عوامل كثيرة ساعدت علي ذلك منها بعد المسافات بين الشواطئ بدرجة كبيرة حيث قدر ارتفاع الأمواج علي سواحل الفلبين ب80 سم وفي جزر هاواي ب60 سم إضافة الي وجود البؤرة الزلزالية علي عمق25 كم وإذا قارنا هذا الحدث بتسونامي سومطرة بأندونيسيا2004 فإن سواحل المحيط الهندي أكثر تقاربا كما أن عمق بؤرة الزلزال في ذلك الوقت كانت علي عمق10 كم تحت سطح البحر وليس25 كم مثل تسونامي2011 مما ضاعف من شدة الزلزال والتسونامي وتسبب في حدوث كوارث طبيعية في أندونيسيا وسواحل الهند وسريلانكا وغيرها من الدول. ويضيف الدكتور أبو العلا أن الكرة الأرضية بها6 أحزمة زلزالية شهيرة أشهرها حزام النار علي سواحل المحيط الهادئ والتي تحدث بها80% من زلازل العالم, كما أن هذا الحدث يعد سابع كارثة طبيعية من نوعه تصيب العالم نذكر منها تسونامي2004 في أندونيسيا وزلزال تشيلي في1960 وزلزال ألاسكا بأمريكا الشمالية عام1964 وزلزال سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة عام1903, وكما هو معروف فإن الأحزمة الزلازالية المتقاربة تتأثر ببعضها ولذلك نجد أن تسونامي اليابان وصل تأثيره الي الحزام الزلزالي لسواحل غرب أمريكا الشمالية والجنوبية في حين أن الأحزمة البعيدة لن تتأثر مما يعني أن منطقتنا بعيدة تماما عن التأثر بهذا الحادث. ويوصي الدكتور أبو العلا بضرورة الاستفادة مما حدث في مصر وأن يكون هناك اهتمام أكبر عند التشييد والبناء العمراني في مصر بالرجوع للهيئات المتخصصة للتأكد من تحمل المنشآت والكباري والمصانع لأي نشاط زلزالي قد يصيب البلاد بدلا من ترك الأمور للمفاجآت التي لايحمد عقباها.