اللجنة العامة تستعرض نشاط البرلمان وتقر موازنته التقديرية للعام المالي 2025/2026    بعد الصراع الإيراني الإسرائيلي.. بورصة وول ستريت تستعيد خسائرها    شركات الطيران الإسرائيلية تسعى لإعادة العالقين في الخارج    اندلاع حريق متعمد غربي طهران    خاص - الأهلي يضاعف غرامة تريزيجيه    مصرع تاجري مخدرات بحوزتهما 2 طن حشيش في مطاردة دامية بالدروب الصحراوية    الداخلية تضبط المتهم بفيديو السلاح الأبيض في دمياط    ارتفاع الأمواج يغلق شواطئ العجمي.. والرايات الحمراء تحظر السباحة في غرب الإسكندرية    ذكريات تترات الدراما المصرية تشعل مشاعر الحنين فى حفل كامل العدد بالأوبر    بروتوكول تعاون بين قصور الثقافة ومحافظة أسوان لإدراج مسرح فوزي فوزي ضمن خريطة البرامج السياحية    الرئيس النمساوي يبحث مع زيلينسكي سبل إنهاء الحرب "الروسية الأوكرانية"    افتتاح توسعات جديدة بمدرسة تتا وغمرين الإعدادية بالمنوفية    وزيرا الشباب والعمل يشهدان احتفال مرور 10 سنوات على انطلاق «مشواري»    تقرير يكشف موعد خضوع فيرتز للفحص الطبي قبل الانتقال ل ليفربول    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    بالتعاون مع «الدواء المصرية».. الجامعة الألمانية بالقاهرة تنظم ورشة عمل عن «اليقظة الدوائية»    رئيس جامعة كفر الشيخ يتسلم نسخا من المشروعات التدريبية لشعبة الصحافة بكلية الآداب    ضبط قائد سيارة "ربع نقل" وضع إشارة خلفية عالية الإضاءة حال سيره بالجيزة    تفاصيل القبض علي المتهم بتقييد نجلته وسحلها بالشارع في حدائق أكتوبر    المشدد 10 سنوات لسائق توك توك خطف طفلة بالشرقية    برلمانية: وحدة الصف الداخلي والالتفاف الشعبي حول القيادة السياسية باتت ضرورة وطنية    إيران تعلن إسقاط 3 طائرات مسيرة إسرائيلية    إلهام شاهين توجه الشكر لدولة العراق: شعرنا بأننا بين أهلنا وإخواتنا    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    الجامعة الألمانية تنظم ورشة عمل مع هيئة الدواء والمهن الطبية عن اليقظة الدوائية    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يدشنان قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    تخفيف عقوبة 5 سيدات وعاطل متهمين بإنهاء حياة ربة منزل في المنيا    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    حقيقة استبعاد محمود تريزيجيه من مباراة بالميراس البرازيلي    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    وزير الزراعة يفتتح ورشة العمل الأولى لتنفيذ استراتيجية إعلان كمبالا للبحث والتطوير الزراعي في أفريقيا    الثانوية العامة 2025.. أبرز المعلومات عن كلية علوم الرياضة للبنات بالجزيرة    مراسلة القاهرة الإخبارية: صواريخ إيران تصل السفارة الأمريكية فى تل أبيب.. فيديو    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    ارتفاع قتلى الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى 16 قتيلا    النفط يرتفع مع تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أين مصر من الطاقة النووية.. وإلى أين؟

بدأت مصر مشوارها النووى منذ أكثر من نصف قرن. ففى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى أقيمت هيئة الطاقة الذرية المصرية وتبعتها بسنوات قليلة إقامة أول مفاعل نووى فى مصر للأبحاث وإنتاج النظائر المشعة. وكانت مصر من أوائل دول العالم التى ساهمت بأبحاثها النووية ومشاركاتها الفعالة فى أنشطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كانت مصر سباقة فى مسايرة دول العالم منذ الستينيات فى استخدام الطاقة النووية فى توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر غير أن محاولاتها العديدة لإقامة أول محطة نووية لتوليد الكهرباء فى مصر والشرق الأوسط لأسباب لم تكلل بالنجاح سياسية واقتصادية مختلفة. ثم كانت دعوة السيد الرئيس محمد حسنى مبارك فى سبتمبر 2006، بالاستفادة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بما فى ذلك الطاقة النووية، وما تتيحه كمصادر نظيفة ورخيصة للطاقة- بداية حقيقية لإحياء مشروع إقامة أول محطة نووية لتوليد الكهرباء فى مصر مرة أخرى، وتبع ذلك تحديث دراسات الجدوى ودراسات موقع المحطة النووية بالضبعة.
 وبناء على ذلك وبناء على تقدير الرئيس والحكومة وجميع الجهات المعنية والسياسية والشعبية لدور الطاقة النووية، أعلن السيد الرئيس محمد حسنى مبارك قراره الاستراتيجى فى 29 أكتوبر 2007 البدء فى إجراءات تنفيذ المحطة النووية الأولى. ومنذ صدور هذا القرار التاريخى للرئيس، والجهود تستمر والإنجازات تتوالى فى تنفيذ المشروع بواسطة هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء طبقا للخطة الموضوعة للمشروع مدعومة بتأييد الحكومة ووزارة الكهرباء والطاقة والمجالس والجهات المعنية.
لقد جاء إحياء البرنامج النووى المصرى فى موعده مع القدر وندعو إلى زيادة الجهود للمسارعة فى تنفيذه. فهناك دول عديدة فى المنطقة تسير قدماً فى مشاريعها لاستخدام الطاقة النووية فى توليد الكهرباء نذكر منها الإمارات المتحدة والأردن وتركيا والعديد غيرها. بل إن العديد من الدول الأوروبية والأمريكية تعود إلى إحياء برامج الطاقة النووية بها. ومثالا على ذلك، فقد قررت السويد منذ عدة أيام، تحديدا فى 17 يونيو2010، الاعتماد على الطاقة النووية فى توليد الكهرباء، حيث قررت بناء محطات نووية محل محطاتها النووية التى ينتهى عمرها الافتراضى،
 كما قررت بناء محطات نووية جديدة. يأتى هذا القرار بعد حوالى 30 سنة من قرار السويد السابق الإغلاق التدريجى لمحطات القوى النووية العاملة بها، والبالغ عددها آن ذاك اثنتى عشرة محطة نووية، بحيث يتم إنهاء خدمة جميع المحطات النووية بحلول عام 2010. وعدم بناء أى محطات نووية جديدة أو بديلة للمحطات التى تنتهى خدمتها. ويعد ذلك تحولا تاريخيا فى سياسات الطاقة فى السويد، خاصة أن شعب السويد يتمتع برأى عام قوى كان سببا فى التصويت ضد استخدام الطاقة النووية فى أوائل الثمانينيات، وكان سببا فى قرار الحكومة الإغلاق التدريجى للمحطات النووية القائمة وإنهاء خدمتها.
 وها هو الرأى العام ذاته يقرر المضى قدماً فى استخدام الطاقة النووية، ويقرر أنه لا بديل عن الطاقة النووية لتوليد الكهرباء من منطلق حرص البلاد على نظافة البيئة وصحة الإنسان وحرصها على الحد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون وغيره من الغازات المؤثرة سلبا على رفع درجة حرارة الغلاف الجوى.
 وأذكر أثناء زيارتى السويد فى أوائل الثمانينيات وقت التصويت على اتخاذ قرار بإلغاء الاعتماد على المحطات النووية فى توليد الكهرباء- أنى قلت لأحد خبراء الطاقة فى السويد إنه «ليس لديكم أى مشكلة فى الاستغناء عن المحطات النووية، لأنه لاتزال لديكم إمكانيات مساقط مياه هائلة لم يتم بعد استغلالها، وهى تكفى لتغطية الاحتياجات الكهربية فى حالة إيقاف المحطات النووية لديكم لتوليد الكهرباء، خاصة أنه لا توجد زيادة تذكر فى عدد سكان بلادكم كما أنكم قد وصلتم بالفعل لأعلى معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالى فليس متوقعا أن تزداد احتياجاتكم من الطاقة الكهربية مستقبلاً».
وقد أدهشنى رد هذا الخبير السويدى حيث قال «نحن قوم نحافظ على نظافة بيئتنا، ونحافظ على عذرية أنهارنا» انظر إلى التعبير عن «عذرية الأنهار».. السويد لا تريد استخدام البترول أو الغاز للحفاظ على نظافة البيئة وفى الوقت ذاته لا تريد تزايد الاعتماد على المساقط المائية فى توليد الكهرباء، خشية فقدان هذه الأنهار عذريتها (طبيعتها التى خلقها الله عليها وكأن هذه الأنهار فتيات عذارى لا يريدون خدش عذريتها)...
 فسألت خبير الطاقة وما السبيل إذاً لو تم اتخاذ القرار بإيقاف الاعتماد على الطاقة النووية؟ فقال لى لست أدرى، فالطاقة الشمسية وطاقة الرياح رغم تكلفتهما العالية لا يمكن أن تكونا بديلتين للطاقة النووية، والذى أتمناه هو أن يكون القرار بالإيقاف التدريجى لهذه المحطات وعلى مدى طويل، حتى تكون لدينا فسحة من الوقت لنرى ماذا نفعل، وفعلا كان القرار فى الثمانينيات بإنهاء خدمة جميع المحطات النووية بحلول عام 2010 أى فى خلال ثلاثين عاما.
وها هى السويد لا تجد مفراً من الاعتماد على الطاقة النووية، وترجع عن قرارها السابق (رغم إيقافها بالفعل محطتين نوويتين)، ويصدر قرار بالمضى قدما فى بناء المحطات النووية ليس فقط للمحافظة على نظافة البيئة وصحة الإنسان، بل أيضا للمحافظة على «عذرية» أنهارها العذبة.
 وهنا يحضرنى مقال بعنوان «موقع الضبعة بين الأطماع النووية والمصلحة الوطنية» نشر لى بهذه الجريدة فى التاسع من مايو من العام الحالى، فرغم أننى لم أتصور هذا الصدى الواسع الإيجابى والمؤيد لمقالى الذى يدل على إيجابية هذا الشعب الحبيب فى التعامل مع قضايا الوطن، ويدل أيضا على الانتشار الواسع لجريدة «المصرى اليوم» ومصداقيتها فى التعامل مع القضايا الوطنية، غير أن إحدى القارئات أبدت تخوفها من آثار إشعاعية ادعتها للمحطات النووية على البيئة تتسبب لمن يسكن فى محيطها بسرطان اللوكيميا للأطفال وسرطان الغدة الدرقية للكبار.
 وهذا قول غير واقعى وغير حقيقى كلية. والدليل على ذلك أن السويد تعود إلى الاعتماد على الطاقة النووية وتمضى قدما فى بناء المحطات النووية، ليس فقط للمحافظة على نظافة البيئة، وبالتالى صحة الإنسان، بل أيضا للمحافظة على «عذرية» أنهارها العذبة.
وهنا تجدر الإشارة الى أن من فوائد الطاقة النووية أنها تستخدم أحيانا فى العلاج من الأمراض السرطانية. فقد زرت بنفسى - أثناء عملى بالوكالة الدولية للطاقة الذرية - مفاعلين نوويين أحدهما فى هولندا والآخر فى الولايات المتحدة الأمريكية (وتحديدا فى ولاية نيويورك) يستخدمان لعلاج مرضى السرطان باستخدام أسلوب التشعيع المباشر من خلال قنوات تشعيع خاصة منبثقة من داخل قلب المفاعل النووى.
كما لاحظت أن الحياة تمضى بجوار المحطات النووية فى العديد من دول العالم بصورة عادية تماما (من أماكن عمل ومساكن ومطاعم ومراكز تجارية وترفيهية.) كما أن هناك تجمعات سكنية متكاملة تقيم إقامة كاملة على بعد كيلومتر واحد أو أقل من حدود حرم المحطة النووية.
 وتجدر الإشارة هنا إلى أن تصميم المحطة النووية وأمان تشغيلها قد بلغا مستويات عالية جدا حتى متوسط الجرعة الإشعاعية التى يتعرض لها أى شخص مقيم بجوار المحطة النووية إقامة كاملة لمدة عام كامل يقل أكثر من عشرين مرة عن متوسط الجرعة الإشعاعية التى يتعرض لها الإنسان فى المطار عند المرور مرة واحدة عبر أجهزة الفحص بالأشعة السينية، كما يقل بأكثر من عشرة آلاف مرة عن متوسط الجرعة الإشعاعية التى يتعرض لها الإنسان لمدة عام كامل من المصادر الطبيعية من طعام وشراب وهواء يتنفسه وأرض يمشى عليها، بالإضافة إلى جسم الإنسان نفسه.
والآن وبعد أن أطلق الرئيس مبارك فى عام 2007 شرارة البدء فى مشروع إقامة المحطة النووية الأولى فى مصر، فإننا نحتاج إلى استمرار تضافر كل الجهود للمضى فى برنامجنا النووى، الذى بدأناه منذ أكثر من أربعة عقود مضت، خاصة أن دولاً أخرى أخذت قرارها بالمنطقة مثل إيران وتركيا والأردن والإمارات العربية المتحدة وغيرها، وتمضى الآن قدما فى تنفيذ برامجها النووية دون أى تردد.
 وها هى السويد تقرر الاعتماد على المحطات النووية لتوليد الكهرباء وتفضلها ليس فقط على استخدام الغاز أو البترول أو الفحم ولكن تفضلها أيضا على استخدام مساقط المياه لإنتاج الكهرباء، وحفاظا على «عذريتها» التى خلقها الله عليها وحفاظا على صحة الإنسان.
■ كاتب المقال كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.