صار التناقض والانفصال عن الواقع بكل أزماته هو حال جماعة الإخوان المسلمين التى تعيش فى واد والشعب المصرى فى واد آخر. «إذا قصرت الأمة فى واجب النصيحة عوقبت بالقيادة الظالمة».. مقولة تضمنتها الرسالة الأسبوعية لمرشد الإخوان المسلمين محمد بديع، وهى تتناقض مع سياسة الجماعة التى دأبت على رفض النصح من الجميع لدرجة اتهام أى معارض يقدم لها النصح بالعمالة، كما دأبت على تقييد حرية الإعلام الذى يعتبر مرآة الحاكم. «محاولة للهروب من مسئوليتهم عن فشل الإدارة بإلقاء اللوم على الشعب».. هذا ما وصف به د.سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى، تصريح المرشد، الذى يعد اعترافا ضمنيا منهم بأنهم سفينة «تيتانيك» الغارقة، والجميع يحاول الهروب منها بمن فيهم السلفيون الذين خافوا أن يخسروا شعبيتهم خلال الانتخابات المقبلة. وتساءل «صادق» باستنكار: «هو الشعب هو اللى بيسوق ولا هما؟!». ساخرا من عبارة المرشد بدأ عبدالغفار شكر، وكيل حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، حديثه قائلا «من سخرية القدر أن يصدر من المرشد مثل هذا التصريح، فكان الأولى بالجماعة قبول النصح من قوى المعارضة حول أداء الحكومة وسياسة الإخوان»، معلقا بتهكم «نرجو من الإخوان تطبيق كلام مرشدهم»! عدم إيمان الإخوان المسلمين بالتعددية السياسية بحسب دكتور عمار على حسن الباحث السياسى سبب هذا التناقض، فالإخوان يعيشون على سياسة العصور الوسطى التى لا تؤمن بوجود معارضة من حقها النصح أو النقد، وهو مسموح فقط إذا أتى من داخل الجماعة أما إذا أتى من خارجها فهو يمثل مؤامرة وسلوكا تقوم به مجموعة ضالة «لعب فى رأسها الشيطان»، ويعلق «عمار» على تلك المفارقة بقوله: علينا ألا نندهش فالإخوان يحكموننا بمنطق «الآداب السلطانية» التى قرأها «بديع» والتى تعود إلى القرون الوسطى. «نحن لا نرفض النصيحة بل نرفض أسلوب الأمر».. صابر أبوالفتوح القيادى الإخوانى، يقول إن النصيحة واجب على كل مسلم ولكن القوى السياسية الكاذبة الكارهة للإخوان والإسلام لا تنصح بل تأمر وتريد من الإخوان السمع والطاعة، معلقا «هناك فرق بين النصيحة والأمر، والإخوان كيان أكبر من يأخذ الأوامر».