تبدو مثل هيكل من العظام، تستعين بنجلها مصطفى ليساعدها على الحركة كلما أرادت التنقل داخل منزلها بعدما حولتها أدوية علاج السرطان إلى شبح.. بكاء «عواطف» لم يتوقف لمدة ساعة كاملة وهى تتحدث عن حفيدها الطفل «ياسين» الذى نجا من بين أنياب الكلاب الضالة بعد أن ألقت به والدته فى الشارع فى منطقة الشويفات بالقاهرةالجديدة وأخبرتها بأنه توفى ودفنته، وبكلمات ممزوجة بالحسرة والحزن قالت: «أنا لحد النهارده مش مصدقة إن فيه أم ترمى ضناها فى الشارع، أنا مش قادرة أخدم نفسى وباتعالج من السرطان علشان كده مكنتش أقدر آخد ياسين أربيه». «ياسين مات ودفنته».. هذه كانت آخر كلمات هبة الله.ع (27 سنة) لوالدة زوجها بعد طلاقها بيومين، ثم بدأت المتهمة فى تبرير جريمتها حيث ادعت أنها فوجئت بنجلها جثة هامدة وهى فى طريق عودتها من العمل وأنها قامت بدفنه، وعندما طلبت والدة نجلها الاطلاع على شهادة الوفاة ارتبكت المتهمة وقالت إنها تركت الجثة لسائق سيارة ميكروباص فى التجمع الثالث لدفنها، أسرعت عواطف حسين (52 سنة) إلى قسم شرطة حدائق القبة وهو القسم الذى يقع فى دائرته محل إقامة المتهمة وأسرتها وحررت محضرا بالواقعة بمعرفة المقدم شريف فيصل رئيس المباحث واتهمت فيه زوجة نجلها بقتل حفيدها، وتوصلت المباحث إلى أن صاحب سيارة بمنطقة الشويفات عثر على الطفل أسفل عجلات سيارته وسلمه فى دار أيتام تابع لجمعية «رسالة»، الأم قالت للمباحث نفس الرواية التى أخبرت بها والدة زوجها، لكنها تراجعت واعترفت بتفاصيل جريمتها بحجة أنها تتعرض لمتاعب أسرية كبيرة دفعتها إلى هذا التصرف بعد رفض المركز الطبى التى تعمل فيه السماح لها باصطحاب نجلها أثناء عملها، فضلا عن امتناع والدة زوجها عن رعايته حتى تعود من عملها. أخفت عواطف حسين (52 سنة)، ربة منزل، تفاصيل الواقعة عن والد الطفل بسبب ظروف مرضه وإجرائه جراحة فى عينه اليمنى حتى لا يصاب بالعمى بعدما فشلت الجراحة الأولى بسبب تعرضه للانفعال وطلبت منه أن يتوجه لمنزل عمته فى منطقة الهرم حتى تنتهى فترة نقاهته، واستمرت فى متابعة تحركات المباحث التى توصلت إلى أن الطفل لا يزال على قيد الحياة وأنه موجود فى دار أيتام بالقاهرةالجديدة، وألقت المباحث القبض على المتهمة وتمت إحالتها للنيابة التى قررت حبسها على ذمة التحقيقات. لم تتوقف الخلافات الزوجية بين المتهمة وزوجها على مدار 3 سنوات وتسببت الخلافات فى انفصالهما بعد عامين ونصف العام من الزواج لكن تدخل الأقارب نجح فى إقناعهما بالعودة مرة أخرى ووافق الزوج بعدما عرف بخبر حمل زوجته بنجلهما الثانى ياسين، لكن الخلافات تجددت مرة أخرى عندما فشلت الأم فى إقناع مدير المركز الطبى الذى تعمل فيه بالسماح لها باصطحاب طفليها مريم وياسين معها أثناء عملها، فتوجهت إلى والدة نجلها فى منزلها بالتجمع الخامس وطلبت منها أن تساعدها فى رعاية طفليها، لكن الأخيرة طلبت منها أن تتركهما فى الحضانة وستقوم هى بتحمل نفقات وجودهما فى الحضانة إلا أن الأم رفضت، وعندما حضر زوجها حدثت بينهما مشادة كلامية وانتهت بطلاقهما، فقامت الأم بترك رضيعها أسفل سيارة كانت متوقفة ثم ادعت أنه مات وتركت جثته لسائق ليتولى دفنها. «ابنى مش معاق ذهنيا».. بهذه الكلمات ردت الأم على ادعاءات المتهمة وقالت إنه تعرف عليها خلال فترة عمله كفرد أمن فى المركز الطبى الذى كانت تعمل فيه المتهمة وعندما اتفقا على موعد الخطوبة، اعترضت «عواطف» وطلبت من نجلها عدم الارتباط بها بحجة أن تصرفاتها غير متزنة لكنه لم يستجب لوالدته، وتزوجا وأقام معها فى منزل أسرتها فى حدائق القبة لمدة 4 أشهر وبعدها بدأت الخلافات وانتهت بتركه منزل أسرتها وقررا الانفصال لكن الأقارب تدخلوا وتمكنوا من الصلح بينهما بعد حمل المتهمة بابنتهما مريم، وانتقلا للإقامة فى منزل والد الزوج فى منطقة السيدة عائشة وهدأت الأمور بينهما لمدة عامين لكن الخلافات تجددت بينهما واتفق الطرفان على الطلاق وقام زوجها بتمزيق الصور التى جمعتهما واتفقا على قيمة النفقة التى تأخذها لرعاية طفلتهما مريم واستمر الوضع على هذه الحال لمدة 6 أشهر، وترك الزوج عمله فى المركز الطبى حتى لا يحدث بينه وبين مطلقته أى احتكاك، وبحث عن عمل فى الشركات لكنه فشل فى الحصول على أى فرصة عمل فاضطر للعمل فى مقهى، حتى اتصلت به مطلقته وأخبرته بأنها حامل، وهنا تدخل الأقارب ونجحوا فى الصلح بينهما حتى حدثت الأزمة الأخيرة التى انتهت بطلاقهما للمرة الثانية. صرخات «هبة الله» لم تنقطع طوال حديثها فى الهاتف مع والدة زوجها وهى تخبرها بخبر وفاة حفيدها «ياسين»، بعدما أفاقت الأخيرة من هول المفاجأة اتصلت بزوجة نجلها للاستعلام عن مكان الجثة فى أى مستشفى إلا أن المتهمة أخبرتها بأنها قامت بدفنه، فسألتها عن شهادة الوفاة، وعندما ارتبكت المتهمة وسردت لها رواية ساذجة وأخبرتها أنها اكتشفت وفاته فجأة عقب عودتها من العمل وعندما شاهدها سائق ومجموعة من المارة تصرخ فى الشارع ولا تستطيع حمل الجثة طلبوا منها أن تتركها حتى يقوموا بدفنها. بقلب مملوء بالقسوة وخال من مشاعر الرحمة والأمومة جردت المتهمة نجلها من البطانية التى كانت تحمله فيها ووضعته داخل ثوب ممزق وحملته ونزلت من منزلها لتبحث عن مكان خال من المارة للتخلص منه، واستقلت سيارة من منطقة حدائق القبة بعد أن هداها شيطانها إلى إلقاء فلذة كبدها فى منطقة صحراوية حتى وصلت إلى منطقة الشويفات بالتجمع الثالث ووقفت تراقب السيارات التى تسير بجانبها وعندما شاهدت سيارة ملاكى تقف بالقرب من المنطقة الجبلية توجهت إليها وألقت بنجلها ثم فرت هاربة لكن جريمتها لم تكتمل وسرعان ما سقطت فى أيدى المباحث. بكاء الطفل وعناية الله قادت سائق السيارة بعدما جلس على كرسى القيادة للنزول لمعرفة مصدر الصوت وعندما شاهد الطفل أخذه فى سيارته وتوجه به إلى دار أيتام تابع لجمعية «رسالة» ثم أخطر قسم شرطة القاهرةالجديدة أول بالواقعة التى اكتملت خيوطها بسقوط المتهمة بعد مداهمة منزل أسرتها.