أكدت الشهور الماضية من حكم الدكتور مرسى أننا نعيش فى دولتين.. الدولة المصرية بمقوماتها التاريخية المدنية ودولة المرشد وجماعته.. الحقيقة تؤكد أيضاً أن الدولة الأولى تعيش عددا غير محدود من الأزمات والمشاكل أبرزها التالى: أولاً: مشكلة إدارة الدولة سياسياً التى ثبت بالأدلة القاطعة فشل الإخوان وممثلهم فى قصر الرئاسة فيها بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف.. فلم يستطع الدكتور مرسى خلع عباءته الإخوانية وما زال متمسكاً بشدة بكونه عضواً بالجماعة أكثر من كونه عضواً بالوطن، ما زال يعمل كرئيس لحزب الحرية والعدالة وليس كرئيس للدولة المصرية، بل إنه يرى ما تراه الجماعة فقط وليس ما تراه مصر.. لذا تجد الرئيس دائماً مؤمناً بأن ما تشهده مصر من مظاهرات وإضرابات واعتصامات ما هى إلا مؤامرات من بعض (الأصابع اللى بتلعب فى البلد) ومكانهم (حارة مزنوقة) وهو فى الأغلب نفس تبرير الجماعة ومرشدها وقيادتها الذين لم يدركوا هم ورئيسهم أن الحقيقة عكس ذلك تماماً، وأن الشارع يشهد حالة احتقان وغضب شعبى غير مسبوقة، وأن المواطن البسيط غير المسيس أصبح كارهاً لممارسات الجماعة التى جاءت لترث مصر وليس لتصلحها، كما أن أغلبية المصريين تأكدوا من ذلك بعد خطاب مرسى الانفعالى عقب أحداث المقطم والذى هدد فيه بإجراءات استثنائية وتحدث فيه عن الأصابع التى تعبث بمقدرات الوطن وأمنه وسلامته.. مرسى بدا منفعلاً وغاضباً كما لم يغضب من قبل أو بعد على أحداث تفوق هذا الحدث أهمية على رأسها الاعتداء على الكاتدرائية المرقسية وأحداث الخصوص وهذا طبيعى لأن من يتحدث هو مرسى عضو الجماعة وليس مرسى رئيس مصر. ثانياً: مشكلة الإفلاس الإدارى التى أكدت أن هذه الجماعة لا تملك الكوادر المؤهلة لإدارة الدولة ومع ذلك لديهم إصرار غريب على تنفيذ مخطط الأخونة لكل مواقع الدولة وبطريقة (بلدى) مكشوفة رغم عدم امتلاكها كوادر خبيرة ومؤهلة لتلك المواقع.. منها مثلاً الوزير (المفوه) صلاح عبدالمقصود الذى يبدو أنه مصاب بحالة كبت (عاطفى) تؤثر على ردود فعله وكلماته ومنها حديثه المشهور فى المقابلة التليفزيونية مع المذيعة اللبنانية، ومؤخراً رده على الصحفية المصرية الشهير (تعالى وأنا أقولك)!! هذا هو وزير من وزرائهم ومسئوليهم وغيره الكثير مثل محمد على بشر وسعد الحسينى وحسن البرنس وياسر على وغيرهم الكثير.. الأكيد أن مرسى لو كان يملك رؤية وخطة لمستقبل هذا الوطن كان قد سعى جاهداً للاستعانة بعدد من الرموز الوطنية الخبيرة فى إدارة الدولة التى لديها رصيد وخبرة وحلول للمشكلات التى تعيشها مصر ومنهم عمرو موسى وكمال الجنزورى وفايزة أبوالنجا وحازم الببلاوى وغيرهم، لكن تجاهله لهم وإصراره على تمكين الإخوان يؤكد أن الجماعة عنده أهم من مصر وشعبها. ثالثاً: المشكلة الاقتصادية بكل أبعادها سواء على مستوى أزمة المنتجات البترولية التى أصبح المصريون يقتتلون بسببها وطالت طوابير الحصول عليها لتتجاوز الكيلو مترات.. وأزمة الغلاء التى أصبح يعانى منها المصريون وجعلتهم يترحمون على أيام مبارك بعد القرارات (الرأسمالية) من فرض ضرائب ورسوم ساهمت بشكل مباشر فى زيادة عناء المواطنين.. الغريب أن مرسى فى كل خطاباته يتحدث عن العدالة الاجتماعية وخططه لحماية محدودى الدخل، بينما كل ممارساته تأتى على عكس ذلك. مؤخراً تحدث الرئيس فى الخرطوم عن احتمال لجوئه للمصريين للقيام بثورة ثانية.. ورغم غرابة هذا الخطاب فلم نسمع عن أى رئيس أو نظام قاد ثورة لأن الثورة تقوم على النظام.. لذلك أقول للرئيس لا تجهد نفسك فى هذه الدعوة بكلمة، فأنت بأفعالك وقراراتك سوف تقود المصريين للقيام بثورة ولكن ليست معك بل عليك.. لأنك حتى لو نجحت فى أخونة مناصب ومواقع الدولة فلن تستطيع أخونة عقول المصريين.. .