يبدو أن جراب الحاوي الذي يملكه الرئيس الإخواني محمد مرسي ونظامه وجماعته، والذي أعلن عنه في حواره مع الجالية الإخوانية في قطر، ليس فيه من الحيل والألاعيب والشماعات إلا التآمر، لا وجود فيه لحمامة سلام، ولا وجود فيه لثعبان أقرع سام، فقط التآمر يطلقه من جرابه في مواجهة فشل إدارته الذي يترسخ مع كل كارثة تقع في البلاد. ولأن الكوارث أصبحت تقع جهارا عيانا على مدار الساعة، وتضرب أركان الدولة في الاقتصاد إلى السياسة والأمن والتعليم والصحة والقضاء والإعلام، كانت النتيجة انهيار السلم الاجتماعي مع ارتفعت معدلات الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات والجرائم وأخيرا مؤشرات نشوب حرب أهلية. ليس لدى الرئيس الإخواني ما يبرر به اقتحام مشيخة الأزهر الشريف والمطالبة بإسقاط شيخ الأزهر، ولا قذف الكاتدرائية المرقسية بالزجاجات الحارقة والخرطوش، ولا تنفيذ حد الحرابة من قبل جماعات حليفة له في 20 مصريا دون محاكمة، وقتل ما يزيد عن ال 50 من البورسعديين، وضرب المتظاهرين بالنار والخرطوش في الاتحادية أمام القصر الرئاسي وفي المقطم على مبعدة من مكتب الإرشاد وغيرها من الأحداث العظام الجسام، إلا اتهام الآخرين بالتآمر عليه وعلى نظامه وجماعته، بدءا ب " ال 5 6 7 في الحارة المزنوقة"، وانتهاء برفع إصبعه مهددا بقطع الأصابع المتآمرة، دون أن يتهم نفسه ولو لمرة واحدة بالتقصير أو يعتذر عن فشله في إدارة البلاد وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار للمصريين، أو يأخذ بعين الاعتبار الانتقادات التي طالته وإدارته، أو حتى يصمت، لكن للأسف حتى الصمت لا يملكه في جرابه. الرئيس أسس للانقسام المجتمعي ورسخ لتمزيقه منذ خطب في جماعته وأنصارها أمام قصر الاتحادية خطابه الذي نقلته التليفزيون الرسمي، وانتقدته كل شرائح المجتمع حيث تجاهل كلمة "المصريين"، وعمد إلى "الأهل والعشيرة"، مؤكدا خصوصيتهم، ومعلنا أنه ليس رئيسا لكل المصريين مسلمين أو أقباط وإنما لجماعة بعينها، ثم بجمعية تأسيسية تجاهلت انسحاب الكنائس المصرية الثلاثة وممثلي قوى المجتمع المدني والأحزاب الليبرالية والعلمانية وأجهزت على الدستور وحملته إليه، فأقر من فوره طرحه للاستفتاء متجاهلا التظاهرات الواسعة التي خرجت ضده والانتقادات التي طالته وأكدت على أنه دستور ينتهك حقوق المواطن مسلما أو قبطيا ويؤسس لتقسيم البلاد والمساس بحدودها، وفي الاستفتاء تغاضى عن جرائم الأهل والعشيرة التي منعت قرى وأحياء الأغلبية المسيحية من التصويت. واستقواء بمواقفه المؤيدة والمتجاهلة للآخرين وتحت حماية نظامه، بدأ الأهل والعشيرة تمكين كوادرهم من مفاصل الدولة خاصة المجالات الحيوية ذات العلاقة المباشرة مع المجتمع كوزارات التعليم والصحة والتموين والأوقاف والإعلام والتنمية المحلية والاقتصاد والشرطة، ومن ثم توجيه كافة إمكانيات الدولة لدعم ومساندة المؤيدين والمناصرين، هؤلاء الذين اعتبروا أنفسهم ولاة وعيونا ونوابا للحاكم، فعاثوا في أرض مصر فسادا وتقتيلا وتمزيقا لأواصل السلم الاجتماعي، فتعقبوا المعارضة سواء مؤسسة أو جهازا أو أفرادا وهددوا بالاقتحام والحرق والقتل. واستمرارا لالتزامه ودعمه ودفاعه لذلك، كان أن تم تقسيم المصريين إلى أربعة أقسام: الأول مسلمو الأهل والعشيرة من جماعته وحلفائها من جماعات وتنظيمات اليمين المتطرف، وهؤلاء لا غبار عليهم باعتبارهم الأسياد والحكام، والثاني مسلمون ينبغي أن يخرجوا من جاهليتهم ويجددوا إسلامهم بالاستتابة والمغفرة حتى يتم قبولهم في القسم الأول، والثالث الأقباط الذين يعتبرهم الكثيرون من الأهل والعشيرة كفرا، والرابع المخربون المتآمرون العملاء من العلمانيين والليبراليين وقوى المجتمع المدني، وهؤلاء لابد من قطع أصابعهم. لم ينتصر الرئيس لموقف واحد، ولم يسمع لنداء واحد، ولم يلتفت لرأي واحد، لأحد من خارج الأهل والعشيرة منذ مجيئه للحكم، لكن إذا ناده أحد أو موقف أو رأي من الأهل والعشيرة هب ملبيا وسارع للخطابة متوعدا ومهددا ومحذرا ومنفذا لمبدأ السمع والطااعة، وربما نذكر هنا حين خرج القيادي الإخواني محمد البلتاجي مناديا بفرض قانون الطوارئ على مدن القناة، فلبى الرئيس من فوره وزاد حظرا للتجول، ونذكر حين خرج المرشد العام للإخوان مدعيا أن من تم قتلهم والاعتداء عليه في اعتصام الاتحادية كانوا من الإخوان، ليخطب الرئيس بمؤامرة الحارة المزنوقة مهاجما المعارضة ومهددا لها، وأخيرا ما حدث في المقطم ومحاولة التظاهر أمام مكتب الإرشاد، الأمر الذي خصه الرئيس بخطابين أحدهما أمام مؤتمر حقوق المرأة والآخر أمام القمة العربية والجالية المصرية في قطر. هكذا صار يقدم مصالح الأهل والعشيرة على مصر والمصريين سواء في الداخل والخارج، وكما مكنهم من الداخل أراد أن يمكنهم خارجيا، فوتر العلاقات المصرية العربية، وسمم علاقات بعينها، ليغلق أبواب العمل والاستثمار والسياحة. ثار من ثار وغضب من غضب وبان الفشل وانكشف عاريا أم الجميع، وليس في جراب الرئيس الإخواني سوى التآمر ردا على الفشل الذي دفع المصريون للخروج عليه والمطالبة بإسقاطه، لكنه يصر على الاستمرار دافعا بالسلم الاجتماعي المصري إلى الهاوية، حتى ليمضي المواطن المصري مسلما أو قبطيا، امرأة أو رجلا في الشارع اليوم حذرا ومرتابا ومتربصا ومتوجسا خيفة ومتأهبا للانقضاض أمام أدنى حركة تحدث إلى جواره، وإذا دخل في حوار ألقي بالاتهامات جزافا وانتهي إلى الشجار، ناقما على نفسه وغيره، هاربا إلى اليأس والإحباط والكآبة، وحتى لتقبع خلف كل باب مصري هراوة أو آلة حادة أو سلاح ناري تحسبا لسطو من محتال أو نصاب متخف في ثياب موظف عمومي أو لص أو شجار مع جار أو اقتحام بلطجي أو طائفي للمنطقة السكنية. كل هذا وليس في جراب الرئيس سوى التآمر. المزيد من أعمدة محمد الحمامصي