سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مرسي في لقائه بمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية: ورثنا تركة ثقيلة بسبب الفساد لكننا ماضون في طريق النهضة الرئيس: الدستور أنهى عصر الإجراءات الاستثنائية.. ولن أسمح بالاعتداء على دور العبادة
التقى الرئيس محمد مرسي، اليوم، بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية. وألقى الرئيس كلمة رحب فيها بأعضاء مجلس الأمناء، وأكد أن الدستور الجديد أنهى عصر الإجراءات الاستثنائية كما أتاح حرية الرأي والتعبير، وشدد الرئيس على أنه سيقف ضد أي محاولة للاعتداء على دور العبادة كما أمر بإنشاء مركز للدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية. وقال الرئيس، في كلمته اليوم، موجها حديثه إلى مجلس أمناء المكتبة، "لقد حرصت على مشاركتكم هذا اللقاء، ونحن في مصر نواجه صعوبات وتحديات كبيرة ساعين لتحقيق نهضة شاملة وسط ظروف محلية وإقليمية ودولية دقيقة، لنؤكد معا على أهمية الانفتاح على العالم والتواصل مع شعوبه وطوائفه ومؤسسات الحكم والعلم والمعرفة في أقطاره المختلفة". وأضاف "أعلم جيدا أنكم تتابعون باهتمام أخبار بلادنا، ولاشك أننا نمر بمرحلة انتقال عظيم، تتداخل فيها المصالح في هذا العالم وتجري محاولات هنا وهناك للنيل من إرادة شعوب الربيع العربي، وفي مقدمتها الشعب المصري لكي تعيق مسيرة الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية". وتابع "وفي هذا السياق فإننا في مصر رغم كل هذه المحاولات ورغم التحديات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية فإنني أؤكد لكم وللعالم كله أننا نرفض رفضا باتا أي تعرض لحرية المواطنين المصريين ونرفض الإجراءات الاستثنائية تماما، كما نرفض أي نوع من التمييز على أساس الجنس أو اللون أو الدين كما نص على ذلك دستورنا الجديد، وتجمعنا جميعا روح المحبة وثقافة المواطنة، والكل سواسية أمام القانون وأمام الدستور، ولن نسمح لأحد بالاعتداء على دور العبادة، ولن نترك الفرصة للمخربين لكى يسيئوا إلى منجزات شعبنا التي حققها في ثورة سلمية فريدة أطاحت بنظام مستبد وبهرت العيون والعقول من شرق العالم إلى غربه وفتحت الأبواب للممارسة الديمقراطية التي سمحت للشعب بأن يختار رئيسه، وأن يقول قوله في ظل التعددية ومناخ حرية التعبير التي لم نشهد مثلها من قبل. وإنني إذ أؤكد هذا المعنى فإنني أعبر عن جميع طوائف الشعب المصري الذي منحني ثقته، وحملني المسؤولية أمام الله وأمام التاريخ، وأمام كل فرد من أبناء هذا الشعب العريق صانع الحضارة منذ آلاف السنين". وأكمل الرئيس "كما أنني أتحدث إليكم وبفهم صحيح للإسلام الذي نادى بحرية الإنسان في الفكر والاعتقاد بلا قهر ولا إكراه، والذي جعل الناس سواسية كأسنان المشط، وأكد أن التعارف والتسامح هو أساس العلاقة بين الأمم والشعوب، وأمر أتباعه بأن يؤمنوا برسل الله وأنبيائه جميعا، لا يفرقون بين أحد من رسله". واستطرد مرسي "إننا رغم التركة الثقيلة التي ورثناها بسبب التحالف بين الفساد والاستبداد والاستناد إلى التبعية الأجنبية، وغياب العدالة الاجتماعية، فإننا ماضون في طريقنا لتحقيق التنمية الشاملة، التي تستند إلى إرادة شعبية حرة، ونمو اقتصادي حقيقي، وعدالة اجتماعية، وإلى مشاركة اجتماعية واسعة، ومناخ من حرية الفكر والرأي والتعبير، ليشارك المصريون جميعا رجالا ونساء في بناء مستقبل مشرق لهم ولأبنائهم من بعدهم". وتابع مرسي "إن مثل النهضة التي نسعى إليها كمثل شجرة أصلها ثابت في تاريخنا وحضارتنا وعقيدتنا وفرعها في السماء، تلفحه شمس المعرفة وتداعب أغصانه نسائم الحرية، ونؤمن أن النهضة ليست مسؤولية فرد ولا نخبة ولكنها إرادة شعب حر. نهضة تجمع بين التجديد والتأصيل، وتنفتح على الآخر وتواكب العصر وتعتز بتراثها وجذور هويتها، فإن رفض الجديد والاكتفاء بالماضي في عالم يسوده التغيير ما هو إلا استسلام لانتحار بطئ، والانفصال عن التراث واقتلاع الجذور، ما هو إلا دعوة للتخبط والضياع". واستطرد الرئيس "إننا نعتز بثقافتنا المصرية، فيكفينا فخرا تاريخ مصر العريق الذى تمتد جذوره لآلاف السنين؛ حيث تلاقت على أرض مصر رسالات السماء وتعايشت الفرق والجماعات، وازدهر التراث الإنساني علما وخلقا. فقد لعبت مصر دورا مشهودا في التنوير والتحرير، وأسهمت في بناء صرح المعرفة الإنسانية أي إسهام". وأضاف "إن مكتبة الإسكندرية اسم لامع في التاريخ، اقترن بمؤسسة فريدة رسمت إطارا جامعا للمعرفة الإنسانية عبر خمسة قرون، وجسدت التواصل الحضاري بين الشعوب، وأصبحت مركزا للتقدم العلمي والإشعاع الثقافي، ونذكر لها أنها جسدت حلم العلماء والمثقفين والفنانين والشعراء في جمع المعرفة الإنسانية في مكان واحد. وكانت بمثابة أكاديمية للعلوم ومركز للأبحاث ومكتبة أدارها أعظم علماء ومفكري العصر وضمت ما يقرب من 700 ألف لفافة أي ما يعادل 100 ألف كتاب من الكتب الحديثة المطبوعة". وتابع "إن الإسكندرية القديمة كانت أهم مدينة في عصرها، وكانت ملتقى لكل الطوائف والأعراق؛ ومركزا للتجارة العالمية، وظهر فيها العديد من أوائل مفكري المسيحية. لقد ارتبط اسم مصر وأهلها بالأديان السماوية دائما حيث حضر إليها الخليل إبراهيم ويوسف الصديق وموسى النبي عليهم جميعا السلام. ومن بعدهم طافت السيدة مريم العذراء وابنها المسيح عليه السلام أرض مصر في رحلة مباركة. لقد عرف أهل مصر المسيحية ودخلوا فيها ومن مصر انتشرت المسيحية إلى العالم كله". وأكمل الرئيس "لقد جاءت مكتبة الإسكندريةالجديدة لإحياء هذا التراث الإنساني، بكل ما اتسم به من تميز في مجال الآداب والعلوم والفنون، والاهتمام بأعلى مستويات البحث العلمي وتحقيق التواصل بين الحضارات. ولذا شملت مكونات المكتبة الجديدة المتاحف والمعارض، والمراكز البحثية، والمكتبات التخصصية، وضمت مبانيها القاعات والمعامل، وامتزجت كل هذه المكونات لتنتج عملا متميزا على أرض مصر، إسهاما منها في المسيرة الإنسانية الكبرى، وتأكيدا لأصالة الرؤى المصرية المعاصرة، ووضع لها نظام قانوني وإداري خاص يمكنها من تحقيق رسالتها تحت إشراف مجلسكم الموقر". وأضاف، موجها حديثه لمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، "تبين لي من الأوراق محل دراستكم في هذا الاجتماع، إنه من المقترح تطوير عدد من البرامج الدراسية لتصبح مراكز بحثيه بمكتبة الإسكندرية ومنها دراسات الحضارة الإسلامية ودراسات اللغة العربية بالحاسوب، ودراسات البيئة، لكننى لاحظت أنكم أبقيتم على برنامج الدراسات القبطية كبرنامج، وإنني أرى أنه من المناسب أن يتحول هذا البرنامج إلى مركز للدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية نعتز بذاتيته ووجوده".