أقول وأنا بكامل الوعى والاستقرار النفسى إن الداخلية بدأت تستعيد عافيتها، وألف عافية تنزل على بَدَنِك يا حبيبتى.. صحيح تستعيدها ببطء ولكن بثبات وثقة. وما يبعث على الطمأنينة أن نهجاً جديداً يسرى الآن فى أوصال ومفاصل أجهزة الداخلية.. نهج يعلى من قيمة الحفاظ على كرامة وحقوق الإنسان. سألْت «أم بَحْبَح»، بتاعة الفجل، عن علاقتها بشرطة المرافق التى كانت أكبر مصدرللعكننة عليها وتسويد عيشتها التى هى سودا أصلاً، فقالت: «دلوقتى المعاملة فِجل على عسل، آخر ذوق واحترام».. قالت: «أكتر ما كان يحرق دمى ويقَلِّب عليَّا المرارة قبل الثورة، لما كانوا ياخدوا سبوبة الفجل والخضار بالعِنْيَة (يعنى بالعافية)، واروح البلدية أجيبها، ألاقى الأمين يقول لى: ادخلى مكتب الباشا، اتعرَّفى على الفجل والخضار بتاعك وخديه، أقوم أدخل ألاقى الفرش كله متخرَّط فى أطباق السلطة قدام الباشا والمخبرين!». وفيما يبدو أن لدينا نحن العرب ولَع خاص بثقافة «تخريط الأمانات» إن صح التعبير.. تخريط سبوبة فجل وجرجير وكرات «أم بحبح» على السلطة، قابلتها واقعة مماثلة فى الكويت الشقيق، الفارق أن داخليتنا خرَّطت الفجل وداخلية الكويت خرَّطت الخروف! الواقعة التى سجلتها فى حينها بأجندتى (إحنا برضه لينا أجندات!).. تقول إن مواطناً كويتياً نشر فى الصحف صورة خروف تاه منه، فاتصل أحدهم به وأخبره أن الخروف لدى شرطة المرور، فتصور الرجل للوهلة الأولى أن الخروف عليه مخالفات، أو أن رخصة التسيير منتهية وماشى بوَصْل، أو أن أرقام الخروف غير واضحة على «اللية»، ولما لم يجد مبرراً مقبولاً لظنونه، ذهب الرجل لتسلم خروفه، فقالوا له إنهم أكلوه! الواقعة طريفة بالفعل، لكن فكر معى لو أن صاحب الخروف مواطن بدولة أوروبية، هل تمر واقعة التهام ضباط المرور للخروف مرور الكرام؟ الجواب بالطبع لا، والمؤكد أن المواطن سوف يحصل على تعويض مناسب للخروف، مع تقديم رجال المرور للمحاكمة العاجلة بتهمة خيانة الأمانة واغتيال الخروف، مهما قدموا من تقارير تؤكد أن الخروف كان على وشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن صدمه ميكروباص شارد! غير أن ما أثار حفيظتى هو احتفاء وكالات الأنباء «العالمية» بواقعة الخروف، وكأنها واقعة غير مسبوقة فى التاريخ، وتناسوا أن مصر صاحبة حضارة ال7 آلاف سنة وحتة، هى صاحبة السبق فى ذلك المضمار، وإليكم الدليل من ملفات ذاكرة الفكاهة المصرية التى تحتفظ بواقعة مشابهة أكثر طرافة، لا أقول إنها مسجلة على جدران المعابد وإنما هى من المحفورات فى وجدان «الصياعة» المصرية الأصيلة.. بلدياتنا اعتاد الاستيقاظ فجراً على صياح ديك لديه، ذات يوم مرض الديك ولم يعد يؤذن، فنصحه البعض بتصليحه عند ساعاتى، ذهب الرجل بالديك للساعاتى الذى فشل فى إقناع صاحب الديك بأنه ليس ساعة.. وأمام إلحاح بلدياتنا زهق الساعاتى وقال له: اتركه وفوت خده بعد يومين، على أساس أن الديك سيتعافى بعد اليومين.. مَرَّ أسبوع ولم يحضر صاحب الديك، فقال الساعاتى لزوجته: يبدو أنه نسيه، قومى اذبحيه لنأكله.. وبعد أن انتهى هو وأولاده من التهام الديك الذى لم يبق منه سوى العظم، حضر صاحبه فجأة يسأل عنه، فأشار الساعاتى إلى العظم وأقسم له أنه «لسه مفكوك»!