«حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    مجلس حكماء المسلمين يهنِّئ الأمة العربية والإسلامية بعيد الأضحى    انتصارا لغزة.. الوفد النقابي المصري ينسحب من مؤتمر العمل الدولى أثناء كلمة مندوب إسرائيل    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي وقيادات الدولة والشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية بيوم عرفة وبعيد الأضحى المبارك    في شكوى مها الصغير.. الأعلى للإعلام يستدعي ممثلين المواقع والوسائل الإعلامية المشكو في حقها    عيد الأضحى 2025.. إشغالات فنادق الإسكندرية والساحل الشمالي تتجاوز 90%    برلماني: المنصة الإلكترونية الموحدة ستسرع إصدار تراخيص الاستثمار وتقضي على البيروقراطية    بعد إطلاق ال 5G.. رئيس اتصالات النواب يطالب بإلزام شركات المحمول بعدم زيادة الأسعار    نائب وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك فى جولة ميدانية بمطار القاهرة: حريصون على تسهيل الإجراءات الجمركية للعائدين من الخارج    أكسيوس: ترامب معجب بالهجوم الأوكراني لكنه يخشى خطر التصعيد الروسي    ب«تكبيرات العيد».. غزة تشيع شهداءها الصحفيين ب تعظيم شعائر الله رغم المصاب الأليم (فيديو)    برلماني: اعتماد فلسطين بالعمل الدولية انتصار تاريخي    السيسي ونظيره الإيراني يؤكدان ضرورة تفادي الانزلاق لصراع عسكري بالمنطقة    واشنطن تعيد تموضع قواتها عالمياً.. أولويات جديدة في حماية الحدود والردع الآسيوي    كاريراس يضغط من أجل الانتقال إلى ريال مدريد هذا الصيف    مصدر ليلا كورة: بيراميدز يسجل عقود لاعبيه ال3 بعد تمديدها    «بعتنا ناخده».. رسالة نارية من أحمد بلال ل هاني شكري بعد «سب» جمهور الأهلي    لاعب الدوري التشيكي ينفي تواجده مع الأهلي في كأس العالم للأندية    شوبير يكشف موقف أحمد عبد القادر من الاستمرار في الأهلي بالموسم المقبل    غرفة السياحة: توعية الحجاج بعدم ضرورة وحتمية المبيت بمنى    بعد إعلان التوبة، هل يعتزل أحمد سعد الغناء نهائيًا؟    بعروض فنية وسينمائية وأنشطة للأطفال.. قصور الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بمحافظات وسط الصعيد    وزير الخارجية الألمانى: نرفض سياسة الاستيطان التى يجرى تنفيذها فى الضفة الغربية    تنبيه بخصوص تنظيم صفوف الصلاة في مصلى العيد    الكشف على 1103 مواطنين خلال قوافل طبية شاملة بقرى أبو المطامير بالبحيرة    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    «يمامة» يكشف حقيقة توافق «الوفد» مع قوى سياسية لخوض انتخابات الشيوخ 2025    مواعيد غلق المحلات والمقاهى والمطاعم خلال إجازة عيد الأضحى 2025    الرئيس البرازيلي: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي    أحمد سعد يحيي أولى حفلاته في بورتو مارينا ضمن احتفالات عيد الأضحى 2025    محمد منير يستعد لطرح أول أغانيه مع روتانا    صور نادرة من حفل إعادة افتتاح قناة السويس عام 1975    تهنئة عيد الأضحى 2025.. أجمل العبارات المكتوبة (ارسلها لأحبائك الآن)    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب بحر إيجة    يوم عرفة.. موعد أذان مغرب الخميس 9 من ذي الحجة 2025    خطيب عرفة: الالتزام بالأنظمة والتعليمات المُنِّظَمة للحج جُزْءٌ من تحقيق مقاصد الشريعة    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    طارق يحيى: حظوظ الزمالك متساوية مع بيراميدز للفوز بكأس مصر    توريد 173ألف و821 طن قمح إلى الشون والصوامع بسوهاج    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    لهذه الأسباب.. طبيب بيراميدز يحذر من موعد نهائي كأس مصر    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    بث مباشر من عرفات.. مئات الآلآف يقفون على المشعر الحرام    تعليم القاهرة تعلن أماكن مقار لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    الهلال يعلن إنزاجي مديرا فنيا للأزرق لمدة موسمين    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    موعد أذان المغرب اليوم في القاهرة والمحافظات يوم عرفة.. هنفطر الساعة كام؟    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروف والعزبة

«حضرة المحترم مؤنس أفندي ياقوت: مرسل لكم طيه كشف بمبلغ 92 جنيه و17 قرش و3 مليم عن قيمة ما صرف في بياض الغرفة البحرية بمنزل حارة قاوين».
كان ذلك هو البيان الذي قرأه نجيب الريحاني فور استلامه العمل كاتبًا في أملاك أحد باشوات زمان، وحيث تندر الريحاني قائلا: «أوضة واحدة» ليه.. بياض بلبن زبادي؟ بمربة تفاح؟ ناظر الوقف بتاعنا ده حرامي وحمار كمان». عندها قال الناظر الذي سمع التعليق: طيب يقيدهم ازاي؟ ودون أن يعرفه الريحاني قال «نكتب: كحت البياض القديم كذا، سنفرة الحيطان بعد الكحت: كذا، تقطيب الخروم بعد السنفرة: كذا، تمليس الحيطان بعد التقطيب كذا، ودهان أول وش: كذا، دهان ثاني وش كذا، دهان ثالث وش: «كذا، كده نكتب الكشف 192 جنيه كمان».
وسأل الناظر: طيب لو كتبنا تكاليف الخروف 18 جنيه تبقي كتير؟ تعجب الريحاني قائلا: ليه خروف مسكوفي! إحنا ندون: حبل ومخلة وجردل لزوم أكل الخروف كذا، حكيم بيطري لزوم علاج الخروف كذا، مزين لحلاقة شعر الخروف: كذا، أكل وشرب للخروف: كذا، كلاف لتنظيف حظيرة الخروف: كذا، كده نخليها 48 جنيه مش 18، كده الشغل مش الناظر الغبي بتاعنا».
فوجئ الريحاني أن المحاور هو الناظر بشحمه ولحمه، حاول الهرب لكن الناظر تمسك به بكل الشدة قائلا: «إنت قبيح لكن عبقري مش ممكن أستغني عن الشيطنة بتاعتك في أمور الحساب». وأردف الناظر طالبا من الريحاني زيادة النصب ورفع قيمة الكشف قائلا بكل أريحية: بحبح.. بحبح!!
وكان ذلك كله في فيلم لا ينسي.. أبوحلموس.. وكانت العملات: القرش المليم ذات قيمة كبيرة قبل انهيار الاقتصاد المصري، قبل السداح مداح، قبل الخصخصة والعولمة والانصياع لأوامر واشنطون ونصائح الأصدقاء في لندن وباريس وتل أبيب قبل المشروعات الوهمية والتكاليف الناظرية.
اعذروني لإطالة الكتابة حول تفصيل حدث في شريط سينمائي.. لكن الموفق يمكنه التعليق دون مجهود قائلا: أبوحلموس مازال علي قيد الحياة.. ينمو ويتكاثر ويتضخم.. ثراء وسيطرة ولمعانا.. بل إنه يكتسب شرعية الواقع بكل ما فيه من مرارة.. وحيث المحروسة تزدحم بآلاف «الحلاميس» في كل ركن وموقع وما أكثر «كشوفات» مصر فيما يخص بياض الحجرة المصرية أو فيما يتعلق منها بالخروف المسكوفي. ولا يزال الناظر علي قيد اللهف والشفط مرددا دون شبع بحبح.. بحبح، وتحويل الحساب للخارج سهل.. والخروج من المطار يسير..
والعيش في الغرب كله رفاهية وراحة بال علي أي حال، واسألوا سكان ماي فير في لندن وستاتن إيلاند في نيويورك!!
وصاحب الوقف «علي رأي الريحاني: وقف الحال» غير متيقظ، أو ربما غير واع أو غير مهتم، أو ربما غير موجود أصلا.. قد يكون منوما بمباراة كرة أو «سي دي» خارج أو مشغولا بوقائع جريمة قتل أو محاكمة رجل أعمال الزمن الرديء، أو أنه واقف بعيدا. تائه.. ضمن مئات في طابور عيش دموي، يخرج منه ذاهبا إلي طابور تموين أو بطاقة سجل مدني، يلتحق بعدها بطابور المعاشات، بعيدا عن المنزل وأبوحلموس والناظر.. بينهما رابطة تعايش وتكافل.. تبادل منفعة.. تعاون حميم بدون بر ولا تقوي، دون ضمير أو وازع من حب لوطن أو مواطن أو خشية عقاب أو حساب ومن ثم تتكاثر المليارات بعد الملايين في ثراء فاحش أو فاجر «عذرا» دون ذرة حياء أو خجل وبذا تزداد نسبة ال2% أو ال3% المميزة.. كي تصل إلي 5% أو أكثر من تعداد شعب يعاني الفقر بكل قسوته 24 ساعة يوميا، 366 يوما سنويا.
ومجتمع ال5% صريح.. واضح: السيارات المليونية، ومعسكرات السكن «كومباوند» ذات الأسوار العالية التي تعزلها عن الغوغاء، وقصور الجولف والمسابح والحدائق التي يشاهدها الدهماء «ال95%» علي شاشات التليفزيون المصري، مثلها مثل السيارات المذكورة، وأقسم أنني وقفت مشدوها أمام سيارة هامر يزيد سعرها علي المليون، «مركونة» فوق رصيف مكسور في حارة داخل حي شعبي!! هذا.. مع مختلف جنسيات الجامعات ذات المصاريف الفلكية في مصر: ألمانية وفرنسية وكندية وغيرها ضمن تصنيف وتميز مهين لبتوع مكتب التنسيق وموطنهم الأصلي شبرا والحضرة والوايلي وكرموز وسبرباي، ناهيك عن أصناف الطعام التي تصل من خارج المحروسة، بعد تفشي ظاهرة سلاسل المطاعم الأجنبية في قري مصر، وذلك بعد عدوي التوكيلات والسمسرة ونفع واستنفع.. والذي منه، وعلنًا.. وبعد تقنين مبدأ المرحوم السادات: «اللي لم يغتني في عصري.. لن يغتني أبدًا».. وبعد تكرار وصول المطربات ماركة شاكيرا وبيونسيه إلي هضبة الهرم للغناء ساعتين مقابل الملايين من جنيهات شعب فقير فقر لدرجة تدعو للحزن وربما البكاء.. ودون مبالغة قمة جبلية وقاع سحيق وبينهما فجوة رهيبة.
إذن ثراء خرافي هنا.. وفقر «خرافي أيضا» هنا «برضه».. في وجود الحلموس والناظر.. وهلم نصبا. لا يكلمني أحد عن المرض والإسكان وسوء التغذية والتلوث والأسعار والتعليم وغيرها من هموم تحطم أعصاب وعظام المخلوق المصري.
لكن ذلك كله لا يهم.. المهم ضبط أو «تظبيط» كشف الحساب ولو شكليا.. خوفا من الحسد «وليس القانون».. المهم كحت البياض القديم وحبل ومخلة وجردل للخروف!!
المهم.. سعادة الناظر والحلموس.. وتكرار صيحة «بحبح.. بحبح» المهم الناظر يعيش، ونضحي بالتلامذة!! وحتي دهان آخر وش!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.