إنها أيام اللحمة يا مولانا نحتفل بها ضانى وبتلو وعجالى وجملى من السنة للسنة.. وتحتفل بها نجمات الفيديو كليب فى كل أغنية.. والفرق بين هذا وذاك.. أن الأول لحم حلال.. والثانى «يع» وإن تجمل بأغلى المساحيق الفرنسية. وبما أن السيد «الخروف» هو نجم هذه اللحظات التاريخية وعملا بحكمة المعلم «أورمة» الجزار العتاقى التى تقول: «وما الدنيا إلا زريبة كبيرة».. وقد ورثها أبا عن جد.. ويقال إن عائلته استلهمت هذه الحكمة من مقولة يوسف بك وهبى: «وما الدنيا إلا مسرح كبير». ويحب الصحفى من أمثالنا أن يكون دائما وأبدا على نفس الموجة، ودقة بدقة مع الحدث.. لذلك انتهزت فرصة لقاء تاريخى فى منعطف «برضة» تاريخى ونحن أمة ولله الحمد كثرت منعطفاتها وفتراتها العصيبة كأنها أمة تجلس على بوتاجاز الفرصة جمعتنى بخروف معتبر قبل ذبحه بساعات، وقد جمع الست نعجة حرمه المصون، وأولاده «مأمأ» و «نأنأ» وقد راح يوصيهم بضرورة استخدام العقل والحكمة فى هذا الظرف التاريخى (لاحظ أنهم أصحاب ظروف زينا)، لأن سكين الجزار لا يفرق بين الاسترالى والبلدى والحبشى والسودانى.. وكان ابنه الأكبر «مأمأ» قد اقترح على والده خارطة طريق للإنقاذ يتنكرون خلالها فى ملابس كلاب للافلات من الدبح.. لكن الوالد رفضها رفضا باتا لأنها «ندالة»، حيث لم تتعود الخرفان الهروب من الميدان.. وهنا اقترح «نأنأ» الابن الأصغر.. الاستغاثة بجمعيات الرفق بالحيوان.. لكن الوالد نهره فى غضب لأن الاستقواء بالخارج «حمورية» لا تليق بخرفان أصلا من أمثالهم، وطوال الحوار كانت مسز «نعجة» سيدة الزريبة الأولى صامتة كأنها بالعة سد الحنك.. وهى التى اشتهرت بأنشطتها العديدة.. فى مجالات المساواة بين الخروف والنعجة.. كما أنها حاصلة على دكتوراه فخرية من جامعة «ذوات الأربع» الدولية وهى أيضا الحاصلة على «البرسيمة الذهبية» من مهرجان «العلف للجميع». وقال الخروف للفاميليه فى نبرة حزينة: إنه لا يعترض على الدبح لأنه سنة الحياة، لكنه فقط يرفض أن يتحول إلى نكتة أو رسمة كاريكاتير فى كل عيد أضحى.. مع أن المهرجان يضم كافة أنواع «البهايم» من أكبر عجل إلى أصغر فرخة.. مرورا بالرومى والبط والوز. وذكر الخروف أنه أجرى مباحثات ثنائية مع مدير السلخانة وأن المفاوضات قد بلغت شوطا لا بأس به.. بعد أن عمت الفوضى الزريبة فى السنوات الأخيرة، حيث ادعت الأبقار الجنون.. وأخذ الخنازير والفراخ ومجموعة كبيرة من الطيور فى العطس بحجة أن عندهم أنفلونزا.. لأن عمنا الديك أخد الحمام الساخن بتاعه وطلع فى البلكونة مباشرة بدون أن يلبس الروب دى شمر.. كل هذا والخرفان صامدة على الخطوط الأمامية وإن حاولت فئة ضالة منها أن تدعى المرض.. لكن سرعان ما أعلنت القاعدة العريضة رفضها لهذا الأسلوب العيالى.. وقد وقفوا جميعا يهتفون نشيدهم الضانى الشهير: إحنا الخرفان.. إحنا الجدعان.. هنعيش خرفان.. ونموت جديان.. أحسن لحوم فى الأمم لحومنا وعشان الفتة نضحى كمان ومن علامات المجدعة عند الخروف الأب أنه رفض الخروج فى مظاهرة كبرى أرادت أن تنظمها «هيئة قرون بلا حدود» العالمية.. لأنه يفخر أن يتحول إلى شيش كباب فى حلة الوطن.. ولا يصبح لقمة سائغة للطامعين والشامتين وهو الذى يستطيع أن يحول الزريبة إلى جهنم فى لحظة واحدة.. يكفى فقط أن يطلق شائعة بأن «معزة» على ذمة خروف تركته.. وذهبت لعشيقها «الجدى» فى زريبة أخرى.. ووقتها ستقع الزرائب فى بعضها البعض ويصبح الدم للركب.. وكل خروف سيعمل فيها أسد الغابة من أجل معزة ضالة ومتهورة دايما خاينة وعايزة الدبح وخسارة فيها حبة رز بسمتى واحدة. ولأن الخروف الأب مثقف وواعى ومدردح.. كان يعرف بأن «الفوضى» أقوى من كل سكاكين الدنيا ويكفى أن تسلط الذئب على الغنم.. والثعلب على الطيور.. والقط على الفأر إلى آخره.. وقال الخروف الحكيم فى موعظته الأخيرة لأسرته: يكفينا فخرا نحن معشر الأضاحى.. أننا ندبح فى العمر مرة.. بينما الإنسان يدبح أخيه فى الوطن والإنسانية. كل ليلة وكل يوم وبمنتهى البجاحة.