بعد هدوء نسبي أمام غرفة العناية المركزة، فجأة يسرع الطبيب ويغلق الأبواب ويبدأ بعمل نبضات للقلب، وبعد عدة دقائق يجهز الطبيب نفسه لإلقاء جملة "البقاء لله"، ولكن سرعان ما يتغير القدر ويدق القلب من جديد، هكذا كان المشهد أمام العناية المركزة بمستشفى الشاطبي الجامعي بالإسكندرية، من أهل الرضيع عبد الرحمن محمد سعد، والذين ينتظرون خبر وفاته في أي لحظة بعد ما تعرض للإهمال الطبي. "حسبنا الله ونعم الوكيل، ربنا ينتقم من اللي عمله كده في ابني الرضيع، عذابه على فراش الموت تسبب فيه إنسان جاهل ومش عارف هو بيعمل إيه بغرفة العمليات"، هكذا كانت صرخة والدة الطفل عبد الرحمن الذي يبلغ من العمر عام ونصف والذي يصارع الموت بعد ما أجرى أحد الأطباء جراحة "اللحمية" له بالرغم من صغر عمره. حالة من الآسي والحزن تعيشها أسرة الطفل "عبد الرحمن" والكائنة بمنطقة برج العرب ودموع لا تتوقف من جدته ووالدته، خاصة بعد أن توقفت نبضات قلبه لعدة دقائق. استغاثت الأسرة ب"الوطن" لإرجاع حقه وكشف ما يحدث داخل مستشفيات وزارة الصحة من إهمال طبي جسيم يسبب الوفاة للمرضى. يقول محمد سعد، والد الطفل، "أصيب رضيعي إثر إجراءه عملية جراحية "اللحمية" بدمور في المخ وانفصال بعينه وجلطة بيده بسبب انفجار الأوعية الدموية بها وضعف في التنفس وضربات القلب، وذلك وفقًا للتقرير الطبي واستمارة التحويل التي خرجت من مستشفى برج العرب العام". وأضاف: "لقد تقدمت ببلاغ في نيابة برج العرب برقم 1372 /2013 إداري، اتهمت فيه وزير الصحة، الدكتور محمد مصطفي حامد، ومدير مستشفى برج العرب، وأخصائي الأنف والأذن الذي أجرى العملية، واسمه ج. ف، وطبيب التخدير بالإهمال الجسيم في علاج ابني وإصابته بمضعفات خلال عملية "اللحمية" قد تودي بحياته، خاصة وأنه مازال طفل رضيع". وأشار سعد، الذي كان في حالة من الحزن الشديد، بعد أن أبلغه الطبيب المعالج له أن حياة ابنه في خطر وإذا أراد الله له الحياة لابد أن يعالج من هذه المضاعفات، خاصة وأن هناك دمور حاد بالمخ أدى إلى حدوث عدم رؤية، فضلاً عن ذراعه الذي لم يتحرك إلا بعد عده جلسات علاج طبيعي، الأمر الذي جعله يفقد الأمل في عوده ابنه إلى الحياة مرة أخرى. وكتب الطبيب المعالج له إقرار على نفسه بتحمل كافة مخاطر العملية وكان نصها كالآتي: "إنني كأخصائي أنف وأذن مسئول مسئولية مهنية وقانونية كاملة عن حدوث أي مخاطر أو مضاعفات عن العملية الجراحية والتخدير". ولفت إلى أن الطبيب بمستشفى الشاطبي أكد له أن طبيب التخدير هو المخطئ، مشيرًا إلى أن نجله ظل داخل غرفة العمليات لمدة ثلاث ساعات متواصلة وحدث ارتباك للأطباء، ثم خرج بهذا الشكل وتم نقله بسيارة إسعاف إلى برج العرب. وأضاف: "لن اتنازل عن حق ابني، مطالبًا وزير الصحة بالتحقيق في الأمر بنفسه ومحاسبة الفاسد وزياره مستشفى برج العرب العام والتي تخلو من أي تجهيزات تسعف المرضي عند حدوث مضاعفات لهم".