أخيراً وجدت مصر ضالتها فى منتخب يمتلك كل المقومات، من لاعبين على أعلى مستوى وجهاز فنى قدير بقيادة الخلوق ربيع ياسين. ومع العثور على الفريق بذهبية أمم أفريقيا، أصبحنا كمن وجد الكنز، والسؤال هل سيتم استغلاله بالشكل الأمثل أو يصبح مثل حكاية «على بابا والأربعين حرامى»، ويتكالب جميع المنتفعين على الفريق ليضل طريقه فى النهاية، وتغيب عنه شمس البطولات كعادة كل المنتخبات المصرية فى المراحل السنية الصغيرة؟ إن سر قوة ونجاح هذا المنتخب أنه كان بعيدا عن الأضواء، تعرض للظلم وتعرض للإهمال، إلى أن وجد جهازاً قديراً نجح فى توحيد اللاعبين حول اسم مصر، فكان هو كلمة السر فى الفوز بكأس الأمم الأفريقية للشباب من قلب الجزائر التى طالما أذاقتنا مرارة الهزيمة كروياً. والسؤال المهم حاليا أيضاً كيف نستفيد من هذا الفريق ليواصل تألقه بدلا من أن يضل الطريق كما فعل منتخب 2001 الحاصل على برونزية كأس العالم للشباب؟ أرى أولا أن يبتعد المنتفعون سواء من اتحاد الكرة أو من غيره من الجهات المسئولة عن التباهى بالإنجاز، لأن الوحيد صاحب الفضل فى تلك النتيجة بعد توفيق الله هو ربيع ياسين، الذى اجتهد وبشدة لتكوين هذا الفريق والحفاظ عليه بعد ذلك. ثانيا: أن يتم تثقيف هؤلاء اللاعبين بشكل جيد علميا بجوار الجانب الرياضى، وذلك حتى يعرفوا مصلحتهم جيدا، لأننا إن لم نفعل ذلك فسيكون على هذا الجيل من الأبطال السلام، كما حدث من قبل مع لاعبين مثل جمال حمزة ووائل رياض وأبوالمجد مصطفى وحتى أحمد أبومسلم، ومعظم لاعبى جيل شوقى غريب. الأهم من ذلك، وهو النقطة الثالثة، ابتعاد الأهلى والزمالك عن خطف هؤلاء اللاعبين وإغرائهم بالملايين حتى يحصل هؤلاء اللاعبون على مستقبل أفضل، فمعنى أن ينضم أى لاعب منهم لأحد القطبين حاليا، أن يتم وضع شروط تعجيزية بعد ذلك فى حالة رغبته فى الاحتراف، ناهيك عن عودة مسابقة الدورى المحلية إلى الضعف لتركز القوة الضاربة فى فريقين فقط، وتفتيت بقية الفرق، فما فائدة أن ينضم صالح جمعة أفضل لاعب فى أفريقيا للأهلى أو الزمالك حاليا؟ ويقولون حتى يرتفع مستواه، ولكن الرد ببساطة يكون: ألم يفز جمعة بلقب أفضل لاعب فى أفريقيا وهو فى فريقه إنبى؟ ونفس الأمر ينطبق على مسعد عوض ومحمود عبدالمنعم «كهربا» وغيرهما من اللاعبين الذين لا يلعبون للقطبين، ولكنهم نجحوا فى إثبات أنفسهم، وأعتقد أن رحيل هؤلاء اللاعبين أفضل بكثير، فيكفى كل مصرى فخرا أن جمهور توتنهام، المعروف بعنصريته الشديدة، يتابع محمد صلاح بانبهار عندما تلاعب بدفاعات الفريق الإنجليزى فى مباراة ذهاب دور ال16 من بطولة الدورى الأوروبى، ليقود فريقه للتعادل بهدفين لكل فريق، ولو حالفه الحظ لأحرز هدفا ثالثا لفريقه كان كفيلا بوضع قدم فى دور الثمانية للبطولة الأوروبية. فلماذا لا يكون لدينا أكثر من محمد صلاح فى الملاعب الأوروبية؟ وللعلم فصلاح خرج من نادى المقاولون العرب ولم يلعب للأهلى أو الزمالك، ولكنه توجه منذ الصغر إلى الطريق الصحيح، ووضع نفسه تحت تصرف مسئولى بازل الذين وضعوا له خطة بناء لاعب كرة قدم محترف بحق، بدلا من نظام اللااحتراف الذى نعيشه فى مصر، والأقرب فى نظامه إلى «عشة الفراخ». وكذلك على الأندية الكبرى السماح للاعبيها بالرحيل، وعلى الأهلى أن يسمح للشاب الصاعد كالصاروخ رامى ربيعة بالرحيل للاحتراف هو الآخر، وذلك إذا كان الأهلى يعتبر نفسه فعلا من قادة الرياضة المصرية ويبحث عن مصلحة أبنائه، فمستقبل منتخب مصر وربيعة نفسه فى رحيله للاحتراف وليس بالبقاء فى مصر. وبدلا من التركيز على قضايا تافهة ككقبلة ربيع ياسين لسحر الهوارى تعبيرا عن الفرحة بالبطولة الغالية، كان أولى بنا أن نفكر فى مستقبل هؤلاء اللاعبين لكى يكون لدينا أمل فى فريق كبير ينافس على أعلى المستويات.